-السلام عليكم، كيف حالك زهراء؟
-وعليكم السلام، أهلاً تقى، الحمد لله، وأنتِ كيف حالك؟
-بخير الحمد لله، زهراء؛ هل تذهبين للحفل الذي تقيمه رفيقتنا زينب بمناسبة مولد الامام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف.
-نعم إن شاء الله، فلا بد لنا من الاحتفال بمولده المبارك، وسأخبر حوراء أن تأتي معنا، ونذهب كلنا سويةً.
-ماذا، حوراء! و لِمَ تريدينها أن تأتي معنا؟
- ولِمَ لا، أليست هي زميلتنا ومعنا في الفصل الدراسي، والحفل مُقام بإسم إمام زماننا صلوات الله عليه، فعلينا جميعاً المشاركة وإحياء أمره.
- لكن يا زهراء؛ حوراء زميلتنا بالدراسة فقط، هي ليست من مستوانا، فهي من مدينة أخرى غير مدينتنا وهم بالأرياف يختلفون عنا، لا أحب أن تتقرب منا أكثر.
-ما تقولين يا تقى! لم أتوقع أن أسمع منك هذا الكلام، وهل كان الاختلاف بالمستويات وتعدد الأماكن يُفرق بين ابناء جنس البشر، وهل دعا الاسلام لذلك، ألم تقرأي قول الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم- في خطبة حجّة الوداع: "يا أيّها الناس إنّ اللّه تعالى أذهب عنكم نخوة الجاهلية و فخرها بالآباء، كلّكم من آدم وآدم من تراب، ليس لعربي على أعجمي فضل إلاّ بالتقوى".
-و قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "الناس كلّهم سواء كأسنان المشط"، وكثير من الأحاديث غيرها الصادرة من العترة الطاهرة التي تدعوا الى التعايش ونبذ القوميات والتعصب، وما أحلى وأروع ما قاله أمير المؤمنين المولى علي عليه السلام في التعايش: "الناس صنفان: إما أخٌ لك في الدين أو نظير لك في الخلق"؛ فأين التعايش والانسانية مما تقولين!.
ألم يجمع الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - حوله الناس على اختلافهم، وتعامل مع الجميع بالحسنى، ولم ينحاز لأحدهم، ولم يُفضل أحدهم على أحد إلا بالعمل الصالح، فكان فيهم بلال الحبشي وسلمان الفارسي الذي أصبح محمدياً بعمله وتقواه، وصهيب الرومي و غيرهم الكثير باختلاف مناطقهم وأنسابهم.
وهكذا كانوا هم أهل بيته الكرام لم يميزوا بين أحد والآخر إلا بالتقوى، وتعاملوا حتى مع من أساء إليهم بالحسنى فجسدوا القرآن بفعلهم، وكانوا عين الله في خلقه والمظهرين لأمره. فكيف يجب أن نكون ونحن من أتباعهم.
هل تعلمين عزيزتي بأنّا نحن من نؤخر ظهور مولانا صاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه بتصرفاتنا ونؤذيه بعدم الطاعة لهم والتمسك بنهجهم، هل اطلعتي على قوله صلوات الله وسلامه عليه:"ولو أن أشياعنا – وفقهم الله لطاعته – على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد عليهم، لما تأخر عنهم اليمن بلقائنا، ولتعجلت لهم السعادة بمشاهدتنا على حق المعرفة وصدقها منهم بنا. فما يحبسنا عنهم إلا ما يتصل بنا مما نكرهه ولا تؤثره منهم...".
تمعني بقوله عزيزتي، فهو يشير لتفرقنا عنهم وعدم الوفاء لهم عند قوله (على اجتماع من القلوب في الوفاء بالعهد) فما أتعسنا، ونحن متفرقة قلوبنا عن الوفاء بالعهد باتباعهم واتخاذ منهجهم طريقاً نسير به في حياتنا. فالمولى يقول لولا ذلك لما تأخر عنا اليمن بلقائه، وما يحبسه عنا إلا مايصله منا مما يكرهه ولا يؤثر صدوره منا، فما أصعب هذا الأمر وما أشقانا ونحن نتسبب بحبسه عنا ونؤخر ظهوره المبارك.
فكيف نحيي مولده ونحن نتمسك بهذه الأفكار التي وجدت في الجاهلية ونتأثر بها.
أعلم بأنك عزيزتي لم تتولي هذه الأفكار من عندك إنما هي تتداول بين الكثير، وهذا ما يؤلم ونحن نعلن بأننا نتبع محمد وآل محمد الاطهار صلوات الله وسلامه عليهم، أليس الأجدر أن نفكر ملياً بما نتبناه من أفكار ونتخذه كمبدأ، أليس الأولى أن نتعلم نهج سيد الخلق محمد وآله الأخيار، ونعرف ما يؤذيهم فنبتعد عنه ونتمسك بالسير على خطاهم قدر الإمكان.
-صدقتِ يا زهراء، لم أنتبه ولم أفكر بما أقول، شكراً لك لأنكِ نبهتني لذلك وأضئتِ فكري بما هو حق.
أسأله تعالى أن يوفقنا جميعاً لأن نكون خير أتباع لمحمد وعترته الطاهرة صلواته عليهم وأن نكون من المنتظرين العاملين بما يقربنا من مولانا صاحب الأمر عجل الله تعالى فرجه الشريف.
اضافةتعليق
التعليقات