• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

أبا الفضل.. بقية الدمع في مآقينا

هدى المفرجي / الخميس 03 تموز 2025 / اعلام / 384
شارك الموضوع :

كلمات جليلة تُعلِن أن أبا الفضل بلغ ذروة منازل السالكين، وهي منزلة التسليم، التي تعلو على الرضا والتوكل

عَبَرات تُقَيِّدُ اللسان وتُلجمه، وتورُّمٌ يطال الحناجر، فيعجز صاحبها عن البوح بما في الأعماق، ولا يُفصح عنها إلا الدموع الحارقة، مُنسابةً على الصدر كالشهقة الأخيرة قبل أن تختفي في لجج الصمت، فتُقيِّد اللسان، ويعجز عن البوح بما تنطوي عليه الأعماق، ولا يَنبري لترجمتها سوى الدموع الحارقة، تَهطِل على الصدور أنهارًا تُحيي ظمأ الذكرى بأيامٍ كانت فيها العَبرة والغصة، وكانت هي خُطانا بين القمر وأخيه، ضالتنا وقيد حروفنا، حين نسير نحو من سَكَبَ دمع العزّة بين جفون التاريخ، نحو الكفِّ المقطوعة في ساحة العراء ليروي ظمأ القلوب قبل ظمأ الأفواه، وتَسكن في أعماق قصته عَبراتٌ صامتة تتحول إلى نهر يجري تحت جلود الصابرين، دمعةٌ لا تُترجم إلا بشهامة من بذل كفّيه فداءً لأخيه.

فكل دمعة هي حرفٌ من نور في سفر الخلود، واليوم أقفُ ببابه أُترجم عبراتي، وأنا أسمع وقع خطىً تئنّ تحت ثقل العطش، تحمل إرث التضحية من نبع "قمر بني هاشم"، لأُلقي رسالة عاشقٍ تاه في مجده منذ نعومة أظفاره، حين استنشق أحداث الطفوف، حيث يُخلَع الكفُّ هدية، وتُبذل الروح دون تردّد، بصورةٍ من جود الأب الذي افتدى رسول الله (صلى الله عليه وآله).

فأنا، يا سيدي، عاشقٌ يقف على بابك، يرجو ألا يحرمه التوفيقُ شرفَ البكاء على أعتابك، فإن قبلتَ دمعي، فها أنا أُلقي بحرفي بين أركان مقامك كفراشاتٍ تحترق حول سراج قدسك، إليك يا رمز التسليم والطاعة، حين انفرطت قلادةُ جيد الدهر، وريحُ العلا تضطرب في الصدور، ونشيجُ الفواطم يتبع خُطاك، تلقَّيتَ جبال الحديد بصدرٍ رحب وجَنانٍ طامِن، فلم تسأل النفوسُ الطاهرة عن الحاضر وهي تعلم القادم، لأن التسليم الكامل كان دَربها.

أبا الفضل، رمز التسليم والطاعة

حين تطمئن الروح في حضرة الطُّهر، تبدأ النفس بالبوح كما لم تعتد عليه، وهناك، بجانب مرقد "قمر بني هاشم"، تتوافد الأرواح لنسمات الشفاعة، وتتهافت الأيدي نحو كلمات الزيارة المقدسة، لتتوحد كلماتُ المحبين بلفظٍ واحد:

"أشهد لك بالتسليم والتصديق والوفاء والنصيحة لخلف النبي المُرسَل".

كلمات جليلة تُعلِن أن أبا الفضل بلغ ذروة منازل السالكين، وهي منزلة التسليم، التي تعلو على الرضا والتوكل، فليس فيها طبعٌ يوافق أو يعترض، ولا إرادةٌ تبحث عن مسار، هي الفناء في مشيئة الله، ولا تُنال إلا بنور البصيرة وذروة اليقين، كيقين أمير المؤمنين (عليه السلام) حين قال:

"لو كُشف الغطاء ما ازددت يقينًا".

وقد بلغ العباس (عليه السلام) مقام البصيرة، حيث ذكر الإمام الصادق (عليه السلام):

"كان عمّنا العباس نافذ البصيرة، صلب الإيمان، له منزلة عند الله يغبطه بها جميع الشهداء يوم القيامة".

وقد انطلقت هذه البصيرة من عدة عوامل، كان أولها وأهمها التصديق، أي تصديقه المطلق بأخيه الإمام الحسين (عليه السلام) ونهضته، ويتبعها الوفاء التام للإمام، ثم إخلاصه، فلا شك أن العباس (عليه السلام) بلغ فيها أعلى المراتب، لأنها انبثقت من منبعه الأصيل، وهو التسليم الناشئ عن حق اليقين الكامل الثابت.

فلم يكن وفاؤه ونُصحه وتصديقه لمجرد أن الحسين أخوه أو رَحِمه أو ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله)، بل كان نابعًا من اليقين الجازم بأن الحسين (عليه السلام) هو الإمام المفروض الطاعة، خليفة النبي المرسل. وهذا هو المغزى من القول: "لخلف النبي المرسل"، وهو مقام لا يُدرِكه إلا أولو البصائر النافذة والنفوس المقدسة.

وهذا ما يَبرُز لنا حينما نستمر في التعمق بقراءة زيارته (عليه السلام)، حيث نتأكد من خصوصية هذا المقام ودقّته بما لم يُثبَت لغيره من الشهداء، رغم فضلهم جميعًا، في القول:

"فجزاك الله عن رسوله، وعن أمير المؤمنين، وعن الحسن والحسين (صلوات الله عليهم أفضل الجزاء)، بما صبرت واحتسبت وأعنت، فنِعم عقبى الدار، لعن الله من جهل حقك، واستخفّ بحرمتك".

وهذا يدلّ على أن شهداء كربلاء، رغم إخلاصهم وتضحيتهم ومعرفتهم بحقّ الإمام، كان لكل منهم حقّه وحرمته، ولكن لحقّ العباس خصوصية، ولحرمته عظمة فريدة، بعد أن ثبتت منهما لأخيه الإمام المظلوم، وذلك لنفوذ بصيرته وصلابة إيمانه، كما نصّ عليه الصادق (عليه السلام).

وتؤكد زيارته على أن العباس (عليه السلام) نال ذروة الفضل، وأفضل الجزاء، وأوفَره، وأكثره، جزاءً يليق بمن وفى ببيعته لولاة الأمر (الإمام المعصوم)، واستجاب لدعوته، وأطاعه.

وهذا الدعاء العظيم شهادة بأنه لم يكن بين المجاهدين في ذلك الموقف من هو أوفر فضلًا أو أكثر تضحيةً من أبي الفضل العباس (عليه السلام)، فهو المثل الأعلى في الوفاء، والاستجابة، والطاعة، فلقد نلتَ أفضل الجزاء، جزاء الوفاء بالبيعة، والاستجابة للدعوة، والطاعة المطلقة.

فأنتَ المثل الأعلى الذي يَعلو على كل مجاهد، بسيل فضلك الذي لا ينضب، وبحر تضحيتك الذي لا ساحل له.

يا بقية الدمع في مآقينا، إليك ينتهي عشق العاشقين، وإليك يصعد نداء الصابرين، دماؤك نور، وصمودك قصيدة، وسيرتك قبس نقتفي به درب التسليم، حتى نلقاك على شاطئ الرضا، وقلبي ينطق كما قال فيك محمد الحرزي:

ولا قَدْرَ بعدكَ للصالحين

إنْ لم تكنْ في هُداهم شِعارا

بِكَ الدينُ أدركَ آمالَهُ

ولولاك لم تعتنقهُ الغيَارا

أبا الفضلِ والطفُّ تحكي الكليم

صُحبِيَّةً قد آنستْ منك نارا


ابو الفضل العباس
عاشوراء
كربلاء
العاطفة
الشيعة
الفكر
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    فن الإقناع في التربية: غرس القناعة أعظم من فرض الطاعة

    قيمة الدمعة في مصاب سيد الشهداء

    عرس الدم

    5 فيتامينات أساسية تساعد على عمل الجسم بشكل صحيح

    الأمان الزائف: نجمة باهتة في سماء الحقيقة

    بين فردانية الثواب وجماعية الوعي... حيث الحسين

    آخر القراءات

    عرس الدم

    النشر : منذ 11 ساعة
    اخر قراءة : منذ ثانية

    الصمت العربي مقابل صرخات اليمن الموجعة

    النشر : الخميس 27 كانون الثاني 2022
    اخر قراءة : منذ 3 ثواني

    سلسلة الزواج الذهبي.. كما تدين تدان

    النشر : الأحد 31 كانون الثاني 2021
    اخر قراءة : منذ 7 ثواني

    8 أسلحة تساعد في القضاء على نزلات البرد بأسرع وقت

    النشر : الأثنين 04 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 10 ثواني

    فن الإقناع في التربية: غرس القناعة أعظم من فرض الطاعة

    النشر : منذ 11 ساعة
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    لكلِ عاشقٍ سبيل

    النشر : الأحد 10 تشرين الاول 2021
    اخر قراءة : منذ 16 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 866 مشاهدات

    كيف أجعل حب الامام الحسين مشروعًا دائمًا؟

    • 485 مشاهدات

    في رحاب محرم: طلب الإصلاح على خطى سبط الرسول

    • 465 مشاهدات

    الميثاق الذي لم يُكتب: عبد الله الرضيع وولادة قانون الطفولة

    • 434 مشاهدات

    7 أخطاء قاتلة يرتكبها كل رائد أعمال في البداية.. هل تقع فيها أنت؟

    • 379 مشاهدات

    صراع الروح وتجلّي الحق

    • 353 مشاهدات

    مأساة مسلم بن عقيل: الغريب الوحيد في كربلاء ودروسٌ للشباب

    • 1273 مشاهدات

    الخلود في زمن التفاهة: كيف ينتصر علم الإمام علي على مادية العصر

    • 1125 مشاهدات

    كربلاء في شهر الحسين: رحلة في عمق الإيمان وصدى الفاجعة

    • 866 مشاهدات

    هذا هو الغدير الحقيقي

    • 687 مشاهدات

    لمن تشتكي حبة القمح إذا كان القاضي دجاجة؟

    • 667 مشاهدات

    مدينة الانتظار: تُجدد البيعة والولاء في عيد الله الأكبر

    • 647 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    فن الإقناع في التربية: غرس القناعة أعظم من فرض الطاعة
    • منذ 11 ساعة
    قيمة الدمعة في مصاب سيد الشهداء
    • منذ 11 ساعة
    عرس الدم
    • منذ 11 ساعة
    5 فيتامينات أساسية تساعد على عمل الجسم بشكل صحيح
    • منذ 11 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة