بعد أن عَطل كوفيد 19 معظم المدارس في أنحاء العالم، هناك صعوبات تواجه الطلاب وذويّهم من جهة والكوادر التدريسيّة من جهة أخرى.
وبعد رفع الإجراءات الوقائية في العديد من الدول أواخر العام الماضي، وإغلاق المدارس والجامعات كلياً في بعض الدول، وجزئيا في بعضها الآخر ومن ضمنها العراق، تعالت الدعوات المطالبة باستخدام التعليم عن بعد كوسيلة أساسية لضمان استمرار العملية التعليمية، وعدم ضياع سنة دراسية على الطلاب.
ولم يكن من سبيل أمام الوزارة سوى تفعيل نظام التعليم عن بعد، أو التعليم من المنزل، لضرورة استمرار المناهج الدراسية المقررة وسد أي فجوة تعليمية قد تنتج عن تفاقم العملية التربوية والذي يعد نوعا ما تجربة جديدة على كل من المعلمين والطلبة على حد سواء.
فيما يتساءل أولياء الأمور ونحن مقبلين على أعتاب عام دراسي جديد عن كيفية افتتاح المدارس وعودة الطلاب لمقاعدهم في ظل استمرار مكافحة الدولة لجائحة كورونا واتخاذها تدابير وإجراءات احترازية مشددة للحد من انتشارها؟!.
مع عدم وجود خطط حكومية واضحة يثير قلق العودة لمقاعد الدراسة وحددت الوزارة آلية لتقليل عدد الحصص وساعات الدوام. ولم يزل تخوف الأهالي قائماً من هذه التجربة الحديثة، فهل التعليم في المنزل سيغني عن الحضور للتعليم في المدرسة؟!.
ناهيك عن مشاكل تتعلق بجودة الإتصال وانقطاع الإنترنت وعدم جودة الشبكة في عدة مناطق مختلفة، وعدم توفر أجهزة إلكترونية كالحاسوب والآيباد لطلاب العوائل ذات الدخل المحدود. قد يكون سبب مقلق للعديد من الطلاب، والبعض الآخر من الأهالي يتخوف من كيفية السيطرة على الطالب وتواجده على المنصة الإلكترونية في وقت بثّ الدرس وخاصة الأطفال في مرحلة الصفوف الأولى، ونحن نعرف أن طالب المرحلة الأولى يعتمد على التكرار والإختبار للحفظ.
والخوف من عدم الإستفادة الكاملة من الدرس مقارنة بالتعليم داخل المدرسة. أما المعلم له مشاكله الأخرى؛ كون التعليم الإلكتروني تجربة جديدة عليه والكثير منهم غير مُلم بخبرات التعلم عن بعد، كما أنه سيجد فيها نوعا ما الصعوبة في تعامله مع تلاميذه. وبعض العوائق الأخرى.
وبعد أن أصبح التعليم الإلكتروني ضرورة ملحة إذ لا يمكن غلق مقاعد الدراسة لعام آخر؛ فلا يوجد بديل للتعليم سوى الإعتماد على التعليم الإلكتروني عن بعد في ظل الانتقادات الواسعة التي تتلقاها الحكومات.
ولكن كما أن هناك سلبيات للتجربة يرى بعض الخبراء في التعلم عن بعد نقاطاً إيجابية تصب في مصلحة الطالب فقد يقدم حلاً لتكدس المدارس بالطلاب، كما أن المجموعات المصغرة من الحلقات الدراسية لها تأثير في ارتفاع تحصيل الطالب. ويتمكن خلالها من التركيز لغياب عوامل التشتيت بسبب التكدس في قاعات الدراسة. كما ويتيح التعليم الإلكتروني للطالب دراسة مايريد في الوقت الذي يريد بدلاً من دراسة عدد كبير من المواد في نفس اليوم.
نجاح هذه التجربة يعتمد على تظافر الجهود ومساهمة جميع الأطراف من أجل الوصول لعملية تربوية ناجحة وإن كانت حدثا مستجدا في العملية التربوية؛ كونها لم يُعّد لها في وقت مسبق ولكن فُرضت على العمل بها بسبب الجائحة بعد توقف الطلاب عن عدم الذهاب للمدرسة منذ أواخر شباط / العام الماضي، لكن الوزارة قامت بجهد كبير في تطوير منصات التعلم وإلاختبارات في وقت قياسي لتستكمل العام الدراسي مما أعطى الثقة في إمكانية الإستمرار ومواصلة تجربة التعليم الإلكتروني.
وهناك عدة توصيات يجب العمل بها لنجاح التعلم عن بعد:
* إيجاد حلول مشاكل الإنترنت وقوة بث الشبكة ليتمكن الطالب من أداء اختباره بسلاسة.
* تقديم التسهيلات للطلاب مثل تخفيض أسعار باقات الإنترنت.
* توفير الأجهزة الإلكترونية لأصحاب الدخل المحدود.
* إنشاء مجموعات لأولياء الأمور وإرسال الأنشطة لضمان التواصل المباشر بين المعلم والطالب في الواتساب.
* استمرارية التطوير المهني للمعلمين أثناء إغلاق المدارس. وتدريبهم على التكيف مع الظروف ولتكون لديهم القدرة على استخدام نماذج عدة للتعليم، عبر (الأجهزة الذكية)، من خلال دورات منظمة.
* التركيز على المواد العلمية في المنهج.
* التأكيد على تفاعل الطلاب مع المعلمين من خلال التواصل المباشر مع الطلاب وتشجيعهم على طرح الأسئلة، ولا يتم الإعتماد فقط على تقديم المحاضرات مباشرة.
التعليم الإلكتروني أصبح حاجة ملحة وضرورية لمواكبة مسيرة العلم، لقد سبقتنا الدول في التعليم الإلكتروني في مجالات مختلفة، المستويات التعليمية المدرسية أو الجامعية فهي فرصة متاحة اليوم أكثر من أي وقت مضى لاستخدام التعليم الإلكتروني. ولتكون المدارس رائدة في تقديم برامج تعليمية واجتماعية وثقافية متنوعة والخروج من الروتين في نظام التعليم.
فالواقع التعليمي في الآونة الأخيرة لاقى إنحدارا بسبب الأوضاع السياسية وما تعرض له العراق من نكبات وسوء خدمات وتعاقب السياسات مما أدى إلى إهمال وتقصير في هذا الجانب، وحتى نصل إلى تحقيق مسار صحيح في تطبيق تجربة التعليم الإلكتروني يتطلب السير وفق خطط منظمة ليحظى بالتقدم والتميز.
اضافةتعليق
التعليقات