الزواج ميثاقٌ إلهيٌّ تُنسجه المودَّةُ والرحمة، فليست الزوجيةُ مجردَ شراكةٍ بشرية، بل عهدٌ سماويٌّ تُبنى أركانه على الحبِّ المتبادل والتكاملِ الروحي.
بناءً على ذلك، قامت (بشرى حياة) بجمع آراءٍ متنوّعة حول سُبُل إنجاح الزواج..
حدثتنا مريم الربيعي / خريجة:
"إذا أردنا إنجاح الزواج، فعلينا بدايةً بالحوار الصادق بين الطرفين، والتعبير عن مشاعرهما بوضوحٍ وصدق".
وأضافت الربيعي:
"إنّ الإصغاء الحقيقي للزوج بانتباهٍ وتقديرٍ مهمٌّ جدًّا، كما أن إيجاد حلول للنزاعات بشكلٍ بنّاء، وحلَّ المشكلات بالتفاهم المشترك، بدلًا من إلقاء اللوم على أحد الطرفين، يُعدّ من مفاتيح النجاح".
وبيّنت أن الثقةَ والأمانَ بين الطرفين أمران أساسيان، مؤكّدة على أهمية الوفاء بالوعود وتجنّب الخيانة، لخلق بيئةٍ مناسبة للطرفين.
وحدّثنا بعد ذلك حسن علي / طالب عن كيفية إنجاح الزواج، خاصةً للمقبلين عليه، قائلًا:
"ينبغي للطرفين تفهُّم طريقة تفكير الآخر، وترك الأنا والتسلّط في الرأي؛ فالعلاقة الزوجية قائمةٌ على شراكةٍ حقيقية".
وأضاف علي:
"الصبر والتسامح ضروريان، وتقبُّل الأخطاء والتسامح معها، والتعلُّم منها، إلى جانب الصبر على التغيّرات، مع فهم أن هذه العلاقة تتطوّر وتَتغيَّر بمرور الوقت".
وبيّنت أسماء حسام / ربة بيت أن من المهم اللجوء إلى الاستشارة الزوجية، أي الاستعانة بمستشار أُسَريّ في حال حدوث خلاف أو مشكلة يصعب حلّها من قبل الطرفين.
وأوضحت حسام أن التحدث مع أزواجٍ صالحين مهم جدًّا؛ للاستفادة من تجاربهم ونصائحهم.
ولتكون هذه الشراكةُ مهدَ سكينةٍ حقيقية، ينبغي للزوجين أن يزرعا في تربتها بذورَ الفضائل، ويُنَمّياها بقطراتِ الصبرِ والتفاني. إليك خارطةَ طريقٍ لبناء زواجٍ ناجح:
1. الاحترام: حجر الزاوية في بناء المحبّة
تقدير الاختلافات: اعترافٌ بأن التنوعَ في الآراء ثراءٌ لا خلاف، واحتضانُ التباين بقلبٍ واسع.
حرمة الكلمة: اجتنابُ السخرية أو التحقير، فالكلمةُ الطيبة صدقةٌ تُزرع في قلب الشريك.
تكريم الجهد: اعترافٌ بالعطاء اليومي، ولو كان بسيطًا، ككلمةِ شكرٍ على فنجان قهوة.
2. حوار القلوب: فنُّ التواصل الذي يذيب الجليد
إصغاءٌ بلا مقاطعة: أن تمنحَ شريكك أذنَ قلبك قبل أذنِ رأسك.
وضوحٌ بلطف: التعبيرُ عن المشاعر بلغة "أنا" (أشعر، أتمنّى)، بدل لغة الاتهام.
حلولٌ لا انتصارات: البحثُ عن أرضيةٍ مشتركةٍ عند الخلاف، فالنصرُ الحقيقي هو بقاءُ المودّة.
3. السند والعَون: شراكةٌ في السّرّاء والضّرّاء
قراءةُ ما بين السطور: فهمُ احتياجات الشريك غير المُعلنة، من نظرةٍ أو صمتٍ.
احتضانُ الهشاشة: أن تكون ملاذًا آمنًا لضعف شريكك حين تنكسر أجنحته.
توزيعُ الأعباء: مشاركةٌ في المسؤوليات كرقصةٍ متناغمة، لا كسباقٍ للتفوّق.
4. لغة الحب: ماءٌ لريّ شجرة الزواج
الهدايا الصامتة: ابتسامةٌ عند العودة، غطاءٌ يُسدل على كتفٍ نائم، إبريقُ شايٍ في ليلةٍ باردة.
الوقت الثمين: مواعيدُ أسبوعية تُطفئ ضجيجَ الحياة، ولو كانت جلسةً على ضوء القمر.
عفوٌ كالنسيم: مسامحةُ الزلّاتِ بسرعة، فالحقدُ يُشيخُ القلوبَ قبل الأجساد.
5. ثقةٌ تُشيِّد قصورًا من ألماس
شفافيةٌ بلا أقنعة: أن تكونَ نفسَك دون تزييف، فالحقيقةُ وحدها تُبنى عليها القلاع.
الوفاءُ كالقَسَم: حمايةُ السرير الزوجي كجمرةٍ لا تُلامسها رياحُ الشهوات.
ملاذٌ عاطفيٌّ: أن يشعرَ كلٌّ منهما أن في عينَي الآخر وطنًا لا يحتاج جوازَ سفر.
6. الجوهر الروحي: البوصلة التي لا تضل
شراكةٌ في السجود: صلاةُ الجماعة في البيت، ودعاءٌ مشتركٌ يُقرّب الخطى نحو السماء.
قيمٌ كالنجوم: اتفاقٌ على مبادئَ تُضيء طريقَ الأسرة (كالصدق، والعطف على الفقراء).
دعاءُ السرّ: أن تهمسَ لله بأن يحفظ شريكك قبل أن تدعو لنفسك.
نصائح لرسمِ الخلود في لوحة الزواج:
التعلُّم الدائم: قراءةُ كتابٍ معًا، حضورُ دوراتٍ تطويرية، كأنّكما بستانٌ يحتاجُ دائمًا للريّ.
استشارةُ الحُكماء: اللجوءُ إلى مرشدٍ موثوقٍ عند العواصف، فطلبُ المساعدةِ شجاعةٌ لا ضعف.
صبرُ النحل: تقبُّلُ أن الشوكَ جزءٌ من رحلةِ قطفِ الورود، وأنّ العسلَ لا يُصنع بين يومٍ وليلة.
الزواج الناجح ليس محطةً تصلان إليها، بل رحلةٌ نحو الأبد، تُجدَّد خطواتُها كلَّ فجر.
فكما تُقلَّم الأشجارُ لتثمر، تحتاج العلاقةُ إلى تقليمِ الأنا، وريِّها بالعطاء، وحصادِ ثمارها بامتنان.
فليكن زواجُكما قرآنًا يمشي على الأرض، تُتلى آياتُه بلغةِ القلب قبل اللسان.
اضافةتعليق
التعليقات