إنّ الإنسان الناجح هو ذلك الكائن الحكيم الذي يدرك قيمة الكلمة وأثرها في قلوب الناس وعقولهم. إنّه ليس فقط من يحقق إنجازات مادية عظيمة بل هو من يتقن فن التواصل الإنساني.
هذا الفن يتلخص في مقولة خالدة "الإنسان الناجح هو الذي يغلق فمه قبل أن يغلق الناس آذانهم ويفتح أذنيه قبل أن يفتح الناس أفواههم". هذه المقولة ليست مجرد كلمات بل هي دستور حياة ينهجه كل من يسعى للتميز والتأثير الإيجابي.
نجاح المرء لا يقاس بكمية ما يقوله بل بمدى أهمية ما يسمعه. ففي عالمنا المليء بالضجيج والثرثرة يبرز الشخص الذي يجيد الإنصات كصاحب رؤية ثاقبة. هو من يستمع بتركيز وانتباه إلى آراء الآخرين ومخاوفهم وأحلامهم.
يفتح أذنيه قبل أن يفتحوا أفواههم ليفهم ما يدور في داخلهم. هذا الإنصات العميق يكسبه احترامهم وثقتهم. إنه يمنحه القدرة على رؤية الأمور من منظور مختلف ويساعده على اتخاذ قرارات أكثر حكمة.
وعلى الجانب الآخر فإنّ الإنسان الناجح يعرف متى يتوقف عن الكلام. إنه يغلق فمه قبل أن يشعر المستمع بالملل أو يرى أن كلماته فقدت معناها. هذا الإغلاق ليس هروبًا بل هو تقدير لزمن الآخر واحترام لفضائه.
إنه يدرك أن الكلام الزائد قد يفقده بريقه ويضعف أثره. فيختار كلماته بعناية فائقة وينتقي الأوقات المناسبة لقولها. هذا السلوك يعكس نضجًا فكريًا وذكاءً اجتماعيًا.
هذا المزيج من الإنصات الجيد والكلام الحكيم هو مفتاح النجاح الحقيقي. فالشخص الذي يتقن هذا التوازن يكون دائمًا في موضع قوة. إنه لا يفرض رأيه على الآخرين بل يشاركهم في الحوار. هذا السلوك يجعله قائدًا محبوبًا وشخصية مؤثرة.
إنّه يدرك أن الحكمة لا تكمن في كثرة الكلام بل في عمق الاستماع وحسن التعبير.
لذلك فإنّ الإنسان الناجح هو الذي يتقن فن التوقف عن الكلام في الوقت المناسب ويتقن فن الاستماع في كل الأوقات. هذه القدرة على التوازن هي ما يميزه عن الآخرين ويجعله مصدر إلهام واحترام. إنه ببساطة من يفهم أن طريق النجاح الحقيقي يبدأ من الأذن قبل أن يصل إلى اللسان.
اضافةتعليق
التعليقات