التعايش الذكي هو مفهوم يشير إلى القدرة على التكيّف والتعامل بذكاء مع التحديات الشخصية في الحياة اليومية، والتفاعل مع الآخرين بأساليب مؤثرة، واتخاذ قرارات مدروسة من خلال استخدام الذكاء والمرونة في التعامل مع المواقف المختلفة بطرق إيجابية وبنّاءة.
من الوارد غالبًا، في العلاقات بصورة خاصة أو عامة، وجود أشخاص سلبيين في التعامل؛ منهم من يحبون السيطرة والتعالي على من حولهم، وهناك من يتعمّدون الأذى وتحميل الآخرين مسؤولية أخطائهم، واتهامهم بالمقابل بكل وقاحة. وهناك من لا تعرف لهم وجهًا واحدًا، إنما يرتدون أقنعةً عدّة حسب ما تتطلبه مصالحهم، كما يتفننون في إظهار أنفسهم بالشكل المثالي، على عكس حقيقتهم، ويجيدون تمثيل الأدوار العظيمة المبنية على الزيف والخداع، وهم واعون بذلك في قرارة أنفسهم، ويفعلونه مع سبق الإصرار والعمد!
إن كنتَ ممن تُجبره ظروفه على التعامل مع شخص أو أكثر ممن ذكرناهم آنفًا، فلا بد لك من إدراك خطورة الوضع وحماية نفسك وصحتك النفسية، من خلال اتباع بعض الخطوات من أجل وضع حدود صحية تجنّبك ما لا يُحمد عقباه، على المدى القريب والبعيد.
1. حدّد ما لا ترضى به:
كن واضحًا بشأن السلوكيات التي لا تقبلها من الشخص الآخر. كل ما يسبب لك الأذى أو التقليل من احترامك ومكانتك، ارفضه وامنع تكراره بشكل قاطع، وعبّر عن حدودك بطريقة مباشرة وبوضوح تام، مثل:
(أنا لا أسمح لك بذلك – أنا لا أقبل هذا السلوك – أنا لا أشعر بالراحة عندما يحدث كذا – أطلب منك عدم فعل ذلك).
2. كن ثابتًا:
بعد وضع الحدود، كن ثابتًا في تطبيقها، ولا تستهِن بأي فعل يُشعرك بعدم الارتياح مهما بدا بسيطًا. إذا تم تجاوز الحدود، أخبر الشخص الآخر بذلك، وأعِد التأكيد على حدودك وذكّره بها بطريقة حازمة ولكن محترمة، وعبّر عن مشاعرك واحتياجاتك بكل ثبات وهدوء، دون أن تكون عدوانيًا أو دفاعيًا.
3. اعتنِ بنفسك جيدًا:
إذا لم يستجب هذا الشخص لحدودك ومطالبك المحقة، فقد تحتاج إلى التفكير في كيفية حماية نفسك بشكل أكبر؛ مثل تقليل التفاعل معه، وتجنبه، والابتعاد عنه قدر الإمكان، أو طلب الدعم من الآخرين، مع ضرورة البحث عن حل جذري يقيك أذاه إن لزم الأمر.
وقبل كل شيء، حينما تواجه الأشخاص السلبيين للمرة الأولى، لا تأخذ الأمور بشكل شخصي. حاول أن تفهم أن هذه السلبية لديهم غالبًا ما تكون انعكاسًا لمشاعرهم أو تجاربهم الشخصية المؤلمة مع آخرين، في زمان ومكان آخر، أو بسبب أسلوب حياة خاطئ في بيئة عائلية نشؤوا عليها منذ الصغر. لذلك، يُحبّذ التواصل معهم بفعالية أكثر، ومحاولة فهم وجهة نظرهم والأسباب التي تدفعهم للتصرف بسلبية.
عن سيد البلغاء، أبا الحسن علي )عليه السلام(، قال:
"احمل أخاك المؤمن على سبعين محملًا"
أي: أن عليك أن تبحث له عن سبعين عذرًا محتملًا في أي تصرف أو قول يصدر منه، وتتجنب سوء الظن به.
ويقول الله تعالى في سورة النحل، آية 127:
"وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ * إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ".
اجعل من أمامك يشعر بتقديرك لوضعه السيئ هذا، وركّز على الجوانب الإيجابية في العلاقة أو في الشخص نفسه كمحاولة لإلقاء الحُجة، لكن أيضًا عبّر عن مشاعرك واحتياجاتك بوضوح، وحافظ على حدودك أولًا وأخيرًا.
وتأكّد من أنك تأخذ وقتًا لنفسك، وتفعل أشياء تعزز من طاقتك الإيجابية، وثباتك أمام كل التحديات، ونجاحك في تخطيها، كما لو كانت مهمة كُلّفت بإنجازها وظفرت فيها بالفوز.
اضافةتعليق
التعليقات