في حضرة الإمام الحسين (عليه السلام) تختلف المقاييس وتتبدل الأهداف، حتى يصبح الأميرُ خادماً، وبطوعٍ من ذاته، لينال شعوراً قد لا يناله غيره، فتتهافت الأرواح طلباً لما يسقيها من ماء خدمته، متناسيةً صعوباتها، متغافلةً عن جهودها، مُحبةً لآلامها، وكلٌّ على طريقة سلاحه، فيما قد يقدّمه من رسالة. وسأُفضّل قول "رسالة" مفاضلةً على "خدمة"، ليبقى انحصار اختيار شرف الخدمة بإذنه تعالى لصاحب الشأن كلّه.
وبالتحديد، نتحدث عن الخدمات الطبية المقدّمة من ذوي الاختصاص في المفارز الطبية المنتشرة على طريق الزائرين، وباستفتاءٍ للمتطوعين عبّروا فيه عن مشاعرهم وآرائهم الشخصية:
عبّر البعض – بل الأغلب – عن شعورهم بالمتعة الحقيقية وهم يعالجون الزائرين المرضى، رغم الظروف المحيطة، من ارتفاع درجات الحرارة وصعوبة الوصول إلى أغلب الأماكن بسبب الازدحامات الحاصلة. بينما قالت إحدى الخريجات عن تعلّقها الشديد بمِهنتها في ظروف خدمة التطوّع، لأنها تعتبرها نعمةً تتكثّف الحاجة إليها في هذه الأيام، لتعبر عمّا تريد إيصاله من خلالها.
تتباين المشاعر في هذه الأيام، حيث تتعدى حتى قدرة الكلام. بعضهم عجزوا عن إيصال الفكرة والتعبير عن مشاعرهم خلال التطوع، فتولّى الارتباك عنهم مهمة التعبير.
بعض المتطوعين شرحوا كمية الصعوبات التي يواجهونها كل عام للحضور في أربعينية الإمام الحسين (عليه السلام) وتقديم الخدمة، من مشقّة السفر، وأخذ الإجازات من الوظيفة، وتأجيل الالتزامات، وغيرها أيضاً. لكن شغفهم يسهل الدروب، ويكسر الصعوبات أمام هدفهم للوصول، واللهفة التي تدفعهم إلى العطاء بلا مقابل مباشر توضّح لنا عِظَم الهدف المراد الوصول إليه، والحبّ الذي يجعلهم يكتفون بدعاءٍ من قلب زائريه...
ربما في حضرة الحسين يتغيّر في داخلنا كل شيء؛ تتغير مفاهيمنا المعتادة، تقبّلُنا واتجاهُنا.
قد تبدو الصورة الضوضائية في الزحام والضجيج مزعجةً لنا في سائر الأيام، لتتحوّل إلى صورةٍ تُلهمنا في حضرة أيامه...
كل المقاييس قد تختلف تحت ظلاله، وفي عالمٍ يُسمّى: (حبّ الحسين يجمعنا).
اضافةتعليق
التعليقات