ان الحب ربيع القلب ومخدع النفس ومتنفس الروح، وهو طيف رائع يتسرب إلى احشاء الانسان حتى يصل الى أعماق قلبه، إنه نعمة إلهية عظمى تشعر الانسان بجوهر نفسه وبالأشياء من حوله.
ولابد أن يكون للإنسان هدف في هذه الدنيا يسعى لتحقيقه في أي مجال يختاره ويرى فيه مصلحته وصلاحه، ولكن، هل يستطيع أن يفعل ذلك وحده، أم أنه يحتاج إلى من يدفعه ويساعده؟
وربما أكثر عامل يهدف الى السعادة هو الحب، وقد يكون برنامج انشاء الحب في قلب الأزواج صعباً بعض الشيء، او يحتاج الى مزيد من الوقت والتمرس، لكي يرتكز في أعماق النفس، ويحاكي القلب الآخر، لكنه يختلف تماماً عن قلوب المؤمنين.
فصفة التقوى بما تصاحبها من معاني الطاعة لله تعالى، والإخلاص والامتثال لأوامره، بمثابة طريق معبد ليسير فوقه حب الرجل لزوجته أو العكس..
وقلوب المؤمنين بما تعودت عليه من هيام في ساحة حب الله والتفاني في حب الرسول (ص) والذوبان في حب الائمة الاطهار، وبما تحمل في اعماقها من حب المؤمنين، وبما تمتلك قلوبهم من الرأفة والرحمة والسماحة أصبحت قلوباً واسعة المساحة، متفتحة للحب، وتستقبله بسهولة ويسر، بل ويحسن حب الله وحب الاولياء قلوبهم فتكون تربة صالحة لنمو الحب كما ان الأرض الطيبة ينبت فيها الزرع الطيب.
كذلك القلب الطيب ينبت فيه الحب الطيب.. يقول تعالى: "والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلاّ نكدا".
ويقرر هذه الحقيقة الحديث عن الامام الصادق: "إن ائتلاف قلوب الأبرار إذا التقوا وإن لم يظهروا التودد بألسنتهم كسرعة اختلاط قطر السماء على مياه الأنهار، وإن بعد ائتلاف الفجار إذا التقوا، وإن ظهروا التودد بألسنتهم كبعد البهائم من التعاطف، وإن طال اعتلافها على مذوذ واحد".
فإن المسؤولية الإلهية، والضرورة الحياتية تخلط على صفحة القلب، مكونة بذلك أجمل لوحة حب عرفها الانسان، والزوج المؤمن يدعو كما يدعو الامام زين العابدين (عليه السلام): "أسألك حبك وحب من يحبك وحب كل عمل يوصلني إلى قربك..".
فالإيمان والتقوى هما ضمانة لتأسيس حب عميق، لا يتصف بالعذوبة واللذة وحسب، بل يمتاز بالقوة فيكون ثابتاً لا تؤثر فيه الهزات العنيفة الناتجة من مصاعب الحياة ومشكلاتها، وهو باقٍ ما بقي العمر والحياة لكلا الزوجين.
اضافةتعليق
التعليقات