اهتمامك بالحياة، بالطريقة التي تراها بها بالناس، الأشياء، الأدب، فالعالم غني بالكثير وينبض بكنوز ثرية وأرواح جميلة وأناس مثيرين للاهتمام فلتنس نفسك.
من حياتنا ننمو لسنا مجبولين على العزلة، فمنذ اللحظات الأولى ونتعلم ونفهم مكانتنا في العالم من خلال تفاعلنا مع الآخرين إننا في حاجة إلى الأشخاص الآخرين كي يساعدونا على أن نبقى متسقين لنقدم أفضل ما فينا، لكن يمكن أن تكون العلاقات غير مريحة وصعبة في بعض الأوقات من السهل أن ننزلق ونفرط في الحيطة، وننغلق على أنفسنا بمنأى عن العالم عند التعامل مع الفوضى المتمثلة في التوقعات وسوء الفهم والخلافات المتتابعة وهذا حقيقي جدا عندما نكون مشغولين أو نشعر بأنه ليس لدينا الوقت أو المزاج العاطفي للتعامل مع تعقيدات العلاقات.
ومع ذلك حينما ننغلق على أنفسنا بعيداً عن ًالآخرين خاصة في الأوقات العصيبة يكون ذلك أسوأ شيء يمكن أن نفعله، وحينها ننفصل أو نحتاط، نقلل من احتمالية الأفكار التي تأتي صدفة والتواصل الذي يأتي بتفاعلات غير متوقعة مع الآخرين، كما أننا نحد من قدراتنا على الخروج عن منطقة الراحة في علاقتنا، والتي تعد السبب الرئيسي الذي يجعلنا نكتشف أفكاراً جديدة حول قدراتنا وخياراتنا.
وعلى عكس المعرفة المكتسبة بالخبرة للشخص المتقوقع على نفسه الذي يعمل في شقته الصغيرة عادةً وقليلاً ما يختلط بالعامة، ثم يعود إلى مكانه لإكمال عمله الشاق، فإن معظم العمل الذي يتحقق يتم في سباق مجتمع ما فقلة من الناس فقط يمكنهم أن يبقوا متسقين ويسهموا دون وجود آخرين في حياتهم لمساعدتهم على إثارة شغفهم.
يتطلب تكوين العلاقات جهداً خاصة في مكان العمل، وكي نبقي منسجمين يجب أن نبني عادات من شأنها أن تساعدنا على الإسهام في وجود هدف وهناك نوعان من الاخطاء الشائعة التي تؤدي إلى تدهور الفاعلية والندم: التجنب وتجاوز الخلافات.
التجنب
نظراً إلى أن الكثير من علاقاتنا مستمرة ولدينا تفاعلات منتظمة ومتوقعة مع بعض الأشخاص، فمن السهل علينا تأجيل بعض المناقشات إلى وقت مناسب أكثر، وهذا صحيح بالفعل إذا ما كان موضوع المحادثة يجعلنا نشعر بالضيق كأن يكون هناك توتر يجب معالجته أو في حالة عدم وجود سبب طارئ لخوض النقاش، كأن تكون لدينا الفكرة بأننا غير مرتبطين بمشروع حالي حينما تؤجل مناقشات مهمة، فأنت تفسد علاقاتك وتزيد من احتمال ظهور تحديات أمامك مستقبلاً.
التجنب هو وسيلة شائعة في وجه الشك، فربما فعلناه كردة فعل غريزية لتأجيل التعامل مع علاقة ما، لكن قد يفضي هذا إلى المزيد من الضرر ومن السهل أن نسد هذه الثغرة بقصص مختلقة أو دوافع واهية، على المدى الطويل إذا يمكن أن يتسبب عدم مناقشة موضوع مزعج في إحداث ضرر أكثر من المواجهة المباشرة.
يجب أن يكون لديك هيكل تنظيمي في وتيرة عملك يساعدك على التخلص من الأعمال المتراكمة ويربطك بالأشياء المهمة من حين إلى آخر بعيداً عن المناقشات الدورية التي تمنحك الحرية لأداء أفضل أعمالك.
تجاوز الخلافات
يوجد اعتقاد زائف في عديد المؤسسات أن التوتر والنزاع مؤشران لفريق عمل غير صحي، وفي عديد الحالات يمكن القول إن هذا الأمر بمنأى عن الحقيقة تماما، فالفريق المتماسك يتكون من أشخاص لديهم استعداد للكفاح من أجل أفكارهم، وتحدي الآخرين إذا لزم الأمر، والدفاع عن موقفهم عند المواجهة إلا أنه في النهاية يجب أن يكون لدى هؤلاء الأشخاص الاستعداد لتقبل أفكار الآخرين والإذعان للقرارات التي يتخذها القادة، مع علمهم بأنهم لا يستطيعون الفوز في كل المعارك لكن المديرين للأسف عادة ما ينزعجون من نوبات نشوب الخلاف ويحاولون عادة القضاء على خلافات الفريق ويحافظون على أجواء سلمية، وهناك اعتقاد خاطئ أن الهدوء يساوي الصحة، لكن الفريق الهادئ عادة ما يكون إشارة إلى الموت المحقق لأنه قد يعني أن لا أحد يهتم كثيراً بتحريك أي شيء في الركود الحاصل.
سارة يونج واحدة من الشركاء في شركة (ناشونال بابليك ريليشنز) وعلى مدار السنوات القليلة الماضية شهدت شركة التسويق والاتصالات هذه نمواً ملحوظًا وقد أشرفتُ على عمل ورشة المكتب الشركة في مدينة (هاليفاكس نوفا سكوتيا)، وأدهشتني ثقافتهم كثيراً إلى درجة جعلتني أسألها عن منهجيتهم، فقالت لي:- إننا نريد أن ننمي روح التعاون حقاً، فتعيين الموظفين بناءً على اختلاف وجهات نظرهم هو أفضل شيء على المدى الطويل، حتى وإن كان مؤلما على المدى القصير قالت إنه أمر مؤلم لأنه عليك التعامل مع شخصيات قوية وآراء متشعبة، لكن إن كان في استطاعتك أن تخوض في هذه المياه الهادرة تكون المحصلة الأخيرة فرصة أفضل لتقديم نتائج رائعة حتى حينما يصبح الأمر أكثر صعوبة بسبب الاختلاف أو الجدال في الفريق، يكون هناك شعور قوي بالرغبة في حماية هذه الثقافة، هناك شعور قوي بكلمة "نحن"، لأنهم تعلموا أنه بإمكاننا فعل الكثير حينما يعبر كل شخص عما في عقله بحرية.
ويجب أن يطبق نفس مبدأ الحرية عندما نكون مستعدين للتعامل مع اختلاف الآراء في علاقاتنا الفردية فهناك ميل إلى السعي وراء الانسجام بدلاً من تهيئة بيئة يكون التعبير فيها عما يجول في خاطرك هو العرف الجاري، ومن المغري دوما القضاء على الخلافات قبل أن تكون هناك فرص للعمل في وجودها علينا عكس هذه المعادلة تماماً: أن نشعر بالراحة نتيجة السعي وراء تسوية بتواضع وثقة، وهذا درب طويل نسير فيه تجاه منع الندم ومساعدتنا لاحقًا على التركيز على أعمالنا بدلاً من تأجيل المناقشات الحرجة والمعلقة التي نعلم أنه علينا التعامل معها في نهاية الأمر.
من كتاب مُت فارغاً للكاتب تود هنري
اضافةتعليق
التعليقات