الصدمة النفسية والعاطفية هي نتيجة أحداث مُرهقة للغاية تُحطم شعورك بالأمان، وتُشعرك بالعجز في عالمٍ مُحفوف بالمخاطر. ويُمكن أن تُسبب لك الصدمة النفسية معاناةً من مشاعر وذكريات مُزعجة وقلقٍ لا يزول. كما يُمكن أن تُشعرك بالخدر والانفصال وعدم القدرة على الثقة بالآخرين. غالبًا ما تنطوي التجارب الصادمة على تهديدٍ للحياة أو السلامة، ولكن أي موقف يُشعرك بالإرهاق والعزلة يُمكن أن يُؤدي إلى صدمة، حتى لو لم يتضمن أذىً جسديًا.
ليست الظروف الموضوعية هي التي تُحدد ما إذا كان الحدث صادمًا، بل تجربتك العاطفية الذاتية للحدث. كلما زاد شعورك بالخوف والعجز، زاد احتمال إصابتك بالصدمة. ويمكن أن تحدث الصدمة النفسية والعاطفية بسبب:
· أحداثٌ لمرة واحدة، مثل حادث أو إصابة أو هجوم عنيف، خاصةً إذا كانت غير متوقعة أو حدثت في مرحلة الطفولة.
· ضغوط نفسية مستمرة ومتواصلة، كالعيش في حيّ تكثر فيه الجرائم، أو مواجهة مرض يُهدد الحياة، أو التعرض لأحداث صادمة تتكرر، كالتنمّر، أو العنف الأسري، أو إهمال الطفولة. أو الوفاة المفاجئة لشخصٍ قريب، أو انهيار علاقةٍ مهمة، أو تجربةٍ مُهينة، أو مُخيبةٍ للآمال بشكلٍ كبير، خاصةً إذا كان الشخص قاسيًا عمدًا.
صدمة الطفولة وخطر الصدمات المستقبلية
مع أن الأحداث الصادمة قد تحدث لأي شخص، إلا أن الشخص يكون أكثر عرضة للصدمة إذا كان يعاني بالفعل من ضغط نفسي شديد، أو تعرض مؤخرًا لسلسلة من الخسائر، أو تعرض لصدمة من قبل - خاصةً إذا كانت الصدمة السابقة قد حدثت في مرحلة الطفولة. يمكن أن تنتج صدمة الطفولة عن أي شيء يُزعزع شعور الطفل بالأمان، بما في ذلك:
بيئة غير مستقرة أو غير آمنة.
الانفصال عن أحد الوالدين.
مرض خطير.
إجراءات طبية تدخلية.
إساءة جنسية أو جسدية أو لفظية.
عنف منزلي
إهمال.
قد يُؤدي التعرض لصدمة في الطفولة إلى آثار شديدة وطويلة الأمد. فعندما لا تُعالج صدمة الطفولة، يستمر الشعور بالخوف والعجز حتى مرحلة البلوغ، مما يُمهد الطريق لصدمة أخرى. ومع ذلك، حتى لو حدثت صدمتك منذ سنوات عديدة، فهناك خطوات يمكنك اتخاذها للتغلب على الألم، وتعلم الثقة بالآخرين والتواصل معهم مرة أخرى، واستعادة توازنك العاطفي.
أعراض الصدمة النفسية
نتفاعل جميعًا مع الصدمات بطرق مختلفة، ونختبر مجموعة واسعة من ردود الفعل الجسدية والعاطفية. لا توجد طريقة "صحيحة" أو "خاطئة" للتفكير أو الشعور أو الاستجابة، لذا لا تحكم على ردود أفعالك أو ردود أفعال الآخرين. ردود أفعالك هي ردود فعل طبيعية لأحداث غير طبيعية.
الأعراض العاطفية والنفسية: (الصدمة، الإنكار أو عدم التصديق. الارتباك، صعوبة التركيز. الغضب، التهيج، تقلبات المزاج. القلق والخوف. الشعور بالذنب، الخجل، لوم الذات. الانطواء على الآخرين. الشعور بالحزن أو اليأس. الشعور بالانفصال أو الخدر).
الأعراض الجسدية:( الأرق أو الكوابيس. الإرهاق. سرعة الفزع. صعوبة التركيز. تسارع ضربات القلب. التوتر والانفعال. الآلام والأوجاع. توتر العضلات.)
التعافي من الصدمة
النصيحة الأولى: ابدأ بالحركة
تُخلّ الصدمة بتوازن جسمك الطبيعي، وتُجمّدك في حالة من الإثارة المفرطة والخوف. إلى جانب حرق الأدرينالين وإطلاق الإندورفين، يُمكن أن تُساعد الرياضة والحركة في إصلاح جهازك العصبي. حاول ممارسة الرياضة لمدة ٣٠ دقيقة أو أكثر في معظم الأيام. أو إذا كان الأمر أسهل، فإن ثلاث دفعات من الرياضة يوميًا، كل دفعة منها ١٠ دقائق، تُعطي نفس النتيجة. التمارين الإيقاعية التي تُشغّل ذراعيك وساقيك - مثل المشي، والجري، والسباحة، وكرة السلة، أو حتى الرقص - هي الأفضل.
النصيحة الثانية: لا تنعزل بعد الصدمة
قد ترغب في الانسحاب من الآخرين، لكن العزلة تزيد الأمور سوءًا. سيساعدك التواصل مع الآخرين وجهًا لوجه على التعافي، لذا ابذل جهدًا للحفاظ على علاقاتك وتجنب قضاء الكثير من الوقت بمفردك. لستَ مُضطرًا للتحدث عن الصدمة. التواصل مع الآخرين لا يعني بالضرورة التحدث عنها. في الواقع، قد يُفاقم ذلك الأمور لدى البعض. الراحة تأتي من الشعور بالتفاعل والقبول من الآخرين. من المهم أن يكون لديك شخص تُشاركه مشاعرك وجهًا لوجه، شخص يُنصت إليك بانتباه دون إصدار أحكام عليك. استعن بأحد أفراد عائلتك، أو صديقك، أو رجل دين تثق به. شارك في الأنشطة الاجتماعية، حتى لو لم تكن ترغب في ذلك. مارس أنشطة "عادية" مع الآخرين، أنشطة لا علاقة لها بالتجربة الصادمة. تواصل مجددًا مع أصدقائك القدامى. إذا انسحبت من علاقات كانت مهمة لك سابقًا، فابذل جهدًا لإعادة التواصل. انضم إلى مجموعة دعم للناجين من الصدمات. التواصل مع الآخرين الذين يواجهون نفس المشاكل يمكن أن يساعد في تقليل شعورك بالعزلة، والاستماع إلى تجارب الآخرين يمكن أن يُلهمك في رحلة تعافيك.
إذا كان التواصل مع الآخرين صعبًا...
يشعر الكثير ممن تعرضوا لصدمة نفسية بالانفصال والانطواء، ويجدون صعوبة في التواصل مع الآخرين. إذا كان هذا ينطبق عليك، فهناك بعض الإجراءات التي يمكنك اتخاذها قبل لقائك القادم بصديق:
مارس الرياضة أو تحرك. اقفز لأعلى ولأسفل، أرجح ذراعيك وساقيك، أو حرك جسمك. ستشعر بصفاء ذهنك، وستجد التواصل أسهل.
تنغيم الصوت. على الرغم من غرابة الأمر، إلا أن نبرة الصوت طريقة رائعة للانفتاح على التفاعل الاجتماعي. اجلس بشكل مستقيم، وأصدر أصوات "ممم". غيّر درجة الصوت ومستوى الصوت حتى تشعر باهتزاز لطيف في وجهك.
النصيحة الثالثة: نظّم جهازك العصبي ذاتيًا
مهما شعرتَ بالانفعال أو القلق أو فقدان السيطرة، من المهم أن تعلم أنه بإمكانك تهدئة نفسك. هذا لن يُساعدك فقط على تخفيف القلق المُصاحب للصدمة، بل سيُولّد أيضًا شعورًا أكبر بالسيطرة.
التنفس الواعي. إذا كنت تشعر بالارتباك أو الانزعاج، فإن ممارسة التنفس الواعي طريقة سريعة لتهدئة نفسك. ببساطة، خذ 60 نفسًا، مع تركيز انتباهك على كل زفير.
المُدخلات الحسية. هل تُشعرك رؤية أو رائحة أو طعم مُعين بالهدوء بسرعة؟ أو ربما يُساعدك مُداعبة حيوان أو الاستماع إلى شيئ على تهدئتك بسرعة؟ يستجيب كل شخص للمُدخلات الحسية بشكل مُختلف قليلًا، لذا جرّب تقنيات مُختلفة لتخفيف التوتر بسرعة للعثور على ما يُناسبك.
استشعار الوجود. لتشعر بالحاضر وبهدوء أكبر، اجلس على كرسي. اشعر بقدميك على الأرض وظهرك مُلامس للكرسي. انظر حولك واختر ستة أشياء باللون الأحمر أو الأزرق. لاحظ كيف يصبح تنفسك أعمق وأكثر هدوءًا.
اسمح لنفسك أن تشعر بما تشعر به عند الشعور به. اعترف بمشاعرك تجاه الصدمة فور ظهورها وتقبّلها.
النصيحة الرابعة: اعتنِ بصحتك
إن امتلاك جسم صحي يزيد من قدرتك على التعامل مع ضغوط الصدمة.
احصل على قسط كافٍ من النوم. بعد تجربة صادمة، قد يؤثر القلق أو الخوف على أنماط نومك. لكن قلة النوم الجيد يمكن أن تُفاقم أعراض الصدمة وتُصعّب الحفاظ على توازنك العاطفي. نم واستيقظ في نفس الوقت كل يوم، واحرص على النوم لمدة 7 إلى 9 ساعات كل ليلة.
تجنَّب الادوية والمخدرات. يمكن أن يُفاقم استخدامها أعراض الصدمة ويزيد من مشاعر الاكتئاب والقلق والعزلة.
اتّبع نظامًا غذائيًا متوازنًا. تناول وجبات صغيرة ومتوازنة على مدار اليوم سيساعدك على الحفاظ على طاقتك وتقليل تقلبات المزاج. تجنب الأطعمة السكرية والمقلية، وتناول كميات وفيرة من دهون أوميغا 3، مثل السلمون والجوز وفول الصويا وبذور الكتان، لتحسين مزاجك.
خفف من التوتر. جرب تقنيات الاسترخاء مثل التأمل واليوغا وتمارين التنفس العميق. خصص وقتًا للأنشطة التي تُشعرك بالسعادة، مثل هواياتك المفضلة.
نقلا من موقع:
https://www.helpguide.org/mental-health/ptsd-trauma/coping-with-emotional-and-psychological-trauma
اضافةتعليق
التعليقات