في أيلول، أيام خسوف القمر...
رسالة إلى أمي...
وبعد...
في أيلول شاع خبر الخسوف...
سهرت العيون،
وتعلقت الأماني بسردها المختلف...
لم يكن للخسوف يا أمي خوف يُذكر،
ولكن الكذب أصدر حكمًا...
بخسف الحقيقة، وهي في جيب الصدق...
وبعد...
في أيلول، اتصلت بي صديقتي،
وهي في دور النقاهة، تطبطب على سرّها.
فمها كان يجول كعقرب،
متذبذبة، تعشق الحكايا والثرثرة...
حاولت أن أكبح فرامل فضولها،
ولكنها يا أمي سبقتني،
وقالت: "الغيبة حرام، ورحم الله من جَبَّ الغيبة عن نفسه."
وبعد...
عند الساعة العاشرة صباحًا،
غادرتُ البيت بصحبة عنادي...
كان الطريق بعيدًا يا أمي،
ولكني، كالمُدلَّلة،
أرضيت نفسي على العناد... وذهبتُ
إلى مشفى النفوس المتعبة...
عند باب المشقّة،
رأيت مريضًا منفعلاً ينطق مبهَمًا،
لم أفهم منه، ولشدة غضبه، سوى حروف متقاطعة...
سرقتني اللحظة يا أمي، وأنا أرمم الحروف...
لأفهم، ما هي جملة التردّد...
صُعقت من الجملة التي أيقظت عنادي:
(المشفى مغلق من أجل التعمير).
وبعد...
في ليلةٍ ظلماء،
كان الهواء مفرطًا في برودته،
وأنا أتأمل دموع المطر الذائبة على النافذة...
أسئلة بادرت أفقي...
سمعت صوتكِ يا أمي من ذاكرة الصدى،
تُسعفني الطمأنينة...
ويحتوي قلبي الجواب من بقية وجودكِ...
ويُنقذني من فُكّة قلقي...
وإذا بصوت ابنتي:
"أمي! اعتقدت أنكِ جدتي، لقد كانت تخاطب المطر مثلكِ... كم أنتِ تشبهينها، أمي..."
وبعد...
كان يومًا من أيام نُزهتي،
كنتُ قد دعوت جمعًا من صديقاتي...
الأفواه مشغولة، والأيدي مغلولة...
لا أعرف يا أمي...
هل أخطأتُ في قراري؟!
واختياري العبثي؟!
الوجوه واجمة، والبطون غائمة...
حتى إنهن لم يشكرنني...
ذهبن وقد غسلن أيديهن من العتب، وأهدينه لي...
بقيتُ أنا لوحدي أُلملم سُفرة حكايتي بقلبي...
أُغلق باب أسراري، وأُشاور كتبي...
وإذا بي أسمع جارتي تُحاكي خلوَتي،
وتقول:
(اللي ما يعرفك ما يثمنك).
حقًا يا أمي، أنتِ وحدكِ أثمن ما في الوجود...
أنتِ وحدكِ من استوعب فطرتي...
اضافةتعليق
التعليقات