تعاني تلك النساء من الشدة، سواء أدركن ذلك أم لم يدركنه. وربما كان البريدج والروايات العاطفية وسائل يهربن بواسطتها من التفكير في ما يردن فعلاً أن يجعلنه موضوعاً لحياتهن . بالنسبة للأمهات اللاتي يعانين من هذا الوضع، يصبح الأطفال التبرير الوحيد أو الرئيسي لوجود فارغ يثير الملل: لو أن أطفالي يعطونني الإحساس بالأهمية والاحترام، لما شعرت بهذا الاستياء حيال بقائي في البيت . لكن هذا المنطق يتغاضى عن حقيقة أن الأطفال في هذه الظروف، غالباً ما لا يسمحلهم أن يكونوا أطفالاً فحسب وإنما يدفعون باتجاه تحقيق إنجازات صغيرة. لطالما تفاخر الأبوان بإنجازات أولادهم، ولطالما قلقوا حيال تعليمهم، إلا أن ما يميز المجتمع المعاصر هو أننا نثقل كاهل الأطفال الذين لم يبلغوا سن المدرسة بعد بما نعقده عليهم من آمال تُعقد عادة (ولو خطأ) على الطلاب الكبار في المدرسة الثانوية. فاليوم لا يتفاخر الآباء بالكليات والمدارس الإعدادية التي يسجلون أولادهم فيها وإنما يتباهون أيضاً برياض الحضانة التي يودعون أطفالهم فيها.
وقد قالت هيلين لاكروا Helen Lacroix مديرة القبول في مدرسة فرانسيس دبليو باركر Frances Parcker في شيكاغو : لقد أصبح القبول في روضة حضانة خاصة أصعب من دخول الجامعة.
يتمنى الأبوان، ولهم الحق في ذلك، أن يفوز أطفالهم بالقبول في حضانات على سوية عالية لا تقدم تعليماً متفوقاً فحسب، وإنما تسهل الدخول إلى كليات ومدارس إعدادية (أفضل الا أن الأبوين والأطفال أيضاً) يتورطون بسهولة في الاستنتاج الوهمي الذي تعبر عنه دارلا پویتریس Darla Allantas Trinity School من مدرسة ثالوث أطلنطا Poythress إذ تقول : يعتقد الأهل أنهم إذا لم يسجلوا أولادهم في مستوى الحضانة فإنهم لن ينتسبوا إلى المدرسة كلها . على الرغم من عدم وجود أي دليل على أن النجاح بإدخال الطفل حضانة جيدة له أي أثر يذكر على قبوله في المدرسة الإعدادية أو في الكلية.
كما أن كلفة امتحان القبول في أي جامعة خاصة جيدة ترتفع بسرعة تجعل كثيراً من الآباء غير قادرين على تسجيل أطفالهم، خاصة بعد وضعهم في حضانات وصفوف مدرسية خاصة .
القلق الذي ينجم عن مسابقات القبول في المدرسة له أهمية رمزية . كأنه يقول : انظر إلينا . كم نحن قلقون وملتزمون كآباء نتحمل كل هذا من أجل أطفالنا . كما أن نقل الأولاد إلى المدرسة وإعادتهم منها، وحضور مجالس رابطة الآباء والمعلمين والمناسبات المدرسية، قد أصبح الآن «مهنة» تستهلك الوقت كله بالنسبة لأم شابة تشعر أنها محقة في عدم الحصول على عمل .
وما من شك في أن النساء يجب أن يكون لهن خيار العمل في المنزل إذا أردن ذلك وأن يتمكن من ذلك دون أي وصمة اجتماعية. وهذا ما سيجري عندما تترسخ بذور الحركة النسائية أكثر مما هي الآن. ولكن بالنسبة للحاضر والمستقبل المنظور تتعرض كثير من الأمهات الشابات للضغط والشدة بفعل رغباتهن المتضاربة بين البقاء في المنزل أو الحصول على عمل.
فالأمهات اللاتي يتعلقن بدور ربة المنزل، يجدن صعوبة في مقاومة الميل إلى التباهي بالأطفال - ومنجزاتهم التعليمية المبكرة -لتبرير عزوفهن عن العمل. وبهذا فإن الأمهات - والآباء -يُحملون أطفالهم عبئاً ثقيلاً جداً.
اضافةتعليق
التعليقات