• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

اللامبالاة.. ليست علاجاً للقلق بل هي من ثماره المرّة

سجى عبد الأمير الركابي / منذ 14 ساعة / تطوير / 242
شارك الموضوع :

القلق في حدوده الطبيعية يشبه جرس الإنذار: يوقظك لتعيد النظر في قراراتك، يذكّرك بأن الحياة مسؤولية

القلق أحد أكثر المشاعر التصاقاً بالإنسان، إذ يولد من رحم الخوف، ويتغذى على الهواجس، ويكبر في ظلّ المجهول. إنه الوجه الآخر لشغف الحياة، لأن من لا يقلق لا يهتم، ومن لا يهتم لا يعيش بحق. غير أن القلق حين يتضخم، يتحول من طاقة دافعة إلى عبء خانق، فينهك الجسد ويشلّ الروح. وعند هذه النقطة، يولد وهمٌ خطير اسمه "اللامبالاة"، حيث يظن البعض أنها الحل السحري لآلامهم، بينما هي في الحقيقة ثمرته المرة.

اللامبالاة ليست حرية، بل عجز متنكر. هي موت بطيء للرغبة، إذ يتوقف الإنسان عن الخوف لأنه توقف عن التمني. قد يظهر اللامبالي هادئاً، لكن ذلك الهدوء ليس سلاماً داخلياً، بل خواءً داخلياً. إنه مثل أرض بور لم تعد قادرة على إنبات شيء، أو كعزف صامت لآلة انقطعت أوتارها.

القلق في حدوده الطبيعية يشبه جرس الإنذار: يوقظك لتعيد النظر في قراراتك، يذكّرك بأن الحياة مسؤولية، وأن كل خيار يحمل وزناً. لكن حين يشتد ويتحول إلى خوف مستمر، فإنه يفتت التركيز، ويزيد الأرق، ويضعف المناعة، ويدفع صاحبه إلى دوامة من الإرهاق النفسي. ومع طول المعاناة، تنطفئ الروح، ويولد البلاء الأكبر: لا مبالاة تسلبك معنى كل شيء.

إن أخطر ما في اللامبالاة أنها توهمك بأنك شُفيت من القلق، بينما أنت في الحقيقة فقدت القدرة على الإحساس. كأنك أطفأت النار بقتل الحطب نفسه. نعم، لم تعد تشعر بالاحتراق، لكنك فقدت دفء الحياة أيضاً.

العلاج الحقيقي لا يكون بالانسحاب من المعركة، بل بتعلّم فنّ القتال. مواجهة القلق تحتاج إلى وعي وصبر. أول خطوة أن نواجهه بصدق: ما مصدره؟ أهو خوف من الفقد، أم من المستقبل، أم من الفشل؟ ثم نسأل: ما الذي يمكن تغييره وما الذي لا يمكن؟ فجزء كبير من القلق ينشأ حين نخلط بين ما نملك السيطرة عليه وما لا نملكه.

هنا يظهر العلاج العملي:

1. التنفس العميق والتأمل: استعادة الحاضر عبر لحظات صمت ووعي بالنفس.

2. تنظيم النوم والغذاء والحركة: لأن الجسد المتعب يضاعف من قلق الروح.

3. الكتابة والتعبير: فالقلق حين يُكتب يُفرغ من حدّته.

4. العلاج النفسي: حيث يساعد المختص على فهم جذور القلق وتفكيك أنماط التفكير السلبية.

5. الإيمان والروحانية: فهي تزرع في القلب يقيناً بأن هناك معنى وراء كل خوف، وأن الغيب ليس فراغاً مرعباً بل مجالاً للأمل.

القلق، مهما بدا مريراً، قد يكون معلماً عظيماً. إنه يقول لك إنك حي، إنك تهتم بشيء، إنك لم تستسلم بعد. أما اللامبالاة فهي الاستسلام ذاته، هي إعلان وفاة غير معلنة. لذلك، لا ينبغي أن نخلط بين الهدوء الحقيقي الذي يولده الوعي والنضج، وبين السكون الكاذب الذي تولده اللامبالاة.

إن المطلوب ليس أن نهرب من القلق، بل أن نعيد صياغته. أن نحوّل خوفنا إلى سؤال، وسؤالنا إلى بحث، وبحثنا إلى معنى. حينها فقط يصبح القلق جسراً إلى النضج، بدلاً من أن يكون سجناً للروح. أما من يختار اللامبالاة، فإنه لا يعالج نفسه، بل يختار أن يعيش بقايا حياة لا تحمل حرارة ولا رغبة.

فاللامبالاة ليست علاجاً، بل نهاية حزينة لقصة لم تُكتب فصولها الأخيرة كما يجب. والإنسان الذي يسعى إلى السلام الحق، عليه أن يحتضن قلقه بوعي، لا أن يدفنه في تربة اللامبالاة. لأن الدفن لا يُميت القلق وحده، بل يميت معه كل ما يجعل الحياة تستحق أن تُعاش.

التفكير
الشخصية
المجتمع
القلق
صحة نفسية
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    اللامبالاة.. ليست علاجاً للقلق بل هي من ثماره المرّة

    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات

    الصبر، التسامح، والصدق: عبادات منسية

    التهابات اللثة..كيف يمكن الوقاية منها؟

    آيةٌ تخبرك مدى قوتك النفسية

    فلتر الوهم وحقيقة الحياة: دعوة لوعيٍ رقمي

    آخر القراءات

    الزي الجامعي الموحد.. آراء مختلفة حول مدى فعاليته للطالب الجامعي

    النشر : السبت 21 ايلول 2019
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    العلوية أم محمد رضا الشيرازي: ماهي مسؤوليتنا اتجاه أهل البيت وكيف نؤدّي هذه الوظيفة؟

    النشر : الثلاثاء 22 كانون الأول 2020
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    خريطة تربوية نبوية

    النشر : السبت 22 آيار 2021
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    الترند الجديد "لابوبو".. صدفة أم واحدة من أنجح حملات التسويق في 2025؟

    النشر : الخميس 05 حزيران 2025
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    دور السيدة الزهراء في الدفاع عن الإمامة.. منهج وطريق: ندوة ثقافية تقيمها جمعية المودة والازدهار

    النشر : السبت 20 كانون الثاني 2024
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    ماهو ديسك الظهر وكيف تعالجه؟

    النشر : السبت 11 حزيران 2022
    اخر قراءة : منذ 29 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    أذنان مفتوحتان وفم مغلق.. سرّ النجاح

    • 558 مشاهدات

    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي

    • 472 مشاهدات

    لعبة الروبلكس.. قنبلة موقوتة في عقول الأطفال

    • 439 مشاهدات

    التربية بين جناحين: دفء الأمومة وأفق العمل

    • 346 مشاهدات

    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟

    • 328 مشاهدات

    اليوم العالمي للسلام... رسالة للتعايش السلمي بين الأوطان والأفراد

    • 328 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1241 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1204 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1142 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1133 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1096 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 809 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    اللامبالاة.. ليست علاجاً للقلق بل هي من ثماره المرّة
    • منذ 14 ساعة
    لغة الإيموجي… حينما تتحدث الصور وتصمت الكلمات
    • منذ 14 ساعة
    الصبر، التسامح، والصدق: عبادات منسية
    • منذ 14 ساعة
    التهابات اللثة..كيف يمكن الوقاية منها؟
    • منذ 14 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة