تباينت الآراء حول فرض الزي الجامعي للطلبة فما بين مؤيد ورافض، اذ يرى البعض انها حرية شخصية في حين يرى الآخر أنها ظاهرة حضارية تعرف بـ هوية الطالب، وقد التقينا بذوي الشأن لمعرفة آرائهم حول ذلك.
ظاهرة حضارية
الطالب احمد جاسم بين لنا: ان الزي الجامعي يميز الطالب عن غيره من الناس واني مع الزي لأنني أعده مظهراً من مظاهر الحضارة والرقي وخطوة جميلة جدا من قبل وزارة التعليم ويجب ان يلتزم الجميع به.
فيما قالت الطالبة هبه عدنان: انا مع قرار فرض الزي الجامعي لان هناك طلبة حالتهم المادية لا تسمح لهم بشراء الملبس كل يوم ليجاروا زملاءهم في الموضة، فالزي ساعد هذه الشريحة من الطلبة وجعل الكل متساوين، لهذا أحب الزي واشكر وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على قرار ارتداء الزي الجامعي.
في حين كان للطالبة طيف ناجح رأي اخر حيث قالت: أنا ضد الزي لأنه يشعرني بالتقييد وأتمنى أن يلغى لان من حقي إن اختار ما ارتدي وليس هم من يختارون لي.
هوية الطالب
الأكاديمي عمر ساجد قال: أؤيد القرار بشدّة لأننا في الفترة الأخيرة لم نعد نميّز بين الطالب والأستاذ من ناحية الزي، وقد بات الكثير من الطلاب يرتدون ملابس لا توحي بأنهم قادمون الى جامعة. وأضاف ان الامر خرج عن وضعه الطبيعي بسبب المبالغة في ارتداء الألوان التي لا تليق بالحرم الجامعي، لذا سيكون الزي الجامعي هوية الطالب.
الباحث الاجتماعي علي الموسوي قال: ان فرض الزي الموحد الجامعي له دلالات ومعان، فهو كفيل بأن يجعل المنتمين الى الجامعات بكل فروعهم ومراحلهم يظهرون بمظهر واحد معروف للجميع.
وأضاف: ان فرض الزي الرسمي الموحد في الجامعات سابقاً كان لإزالة الفوارق الاجتماعية والمادية بين الطلبة ليكونوا صفًا واحدًا امام المعرفة والتأهيل العلمي، لكن ما نعيشه الان يمثل جزءاً من حالة عشوائية عامة تسود مجتمعنا في كل المفاصل طالت حتى الزي الموحد لطلبتنا.
وتابع الموسوي قوله: اننا نعاني اليوم من ضعف الادارات وهذا ما اوصلنا الى هذه المرحلة، فالأستاذ الجامعي بات دوره يقتصر على القاء المحاضرة دون ان يسهم في توجيه الطلبة الى الصواب من حيث احترام الحرم الجامعي.
قرار ساري المفعول
من جهتها أكدت وزارة التعليم العالي، ان الزي الموحد ساري المفعول في الجامعات، مشيرة الى ان الزي من شأنه مراعاة خصوصية الحرم الجامعي.
وقالت الوزارة في بيان لها انه «تأكيدا لقرار هيئة الرأي في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي وانسجاما مع بدء العام الدراسي الجديد نؤكد أن الصلاحيات الممنوحة للجامعات في ادارة ملف الزي الموحد واضحة وسارية المفعول».
واضافت الوزارة انها «تجدد رؤيتها وتوجيهاتها السابقة التي منحت الجامعات مساحة القرار في هذا الاتجاه بما يتوافق واشتراطات الزي اللائق الذي يراعي خصوصية الحرم الجامعي ويستدعي التعامل مع هذا المفصل على وفق ما يستحقه الطلبة من تمثيل ناصع للحياة الجامعية».
يذكر ان معظم طلاب الكليات والمعاهد العراقية لا يلتزمون بالزي الموحد الذي يتم فرضه في اثناء الدوام الرسمي.
كما انه كان مقررا على طلبتنا منذ بداية تأسيس الدولة العراقية وكانت الجامعات العراقية تطبق الزي الموحد حتى عام 1992، حيث بدأ التهاون بتطبيقه على الطلبة، واستمر الحال حتى بعد عام 2003، لكن الوضع اختلف حالياً وخاصة بعد تحسن الحال المعيشي لفئات اخرى داخل المجتمع، وانفتاح السوق العراقية على العالم فنجد الطلبة يلبسون اخر ما توصلت اليه الازياء العالمية من الموضات وبأسعار جيدة مقارنة بدول الجوار.
ويبقى الهدف الأساسي للعملية التربوية والعلمية في الجامعة هو الطالب؛ وانّ الغرض من هذه العملية هو بناء شخصية الطالب، وإعداده بطريقة جيدة وتنمية قدراته لمواجهة الصعوبات في الحياة العملية. ولأجل بناء الشخصية الفعالة في المجتمع نوجه عنايتنا الأبوية للطالب، ونحاول بكل ما أوتينا مراعاته نفسياً فضلاً عن الجوانب العلمية والثقافية لنخرج اجيالاً يُشاركون بدور فعال في بناء الوطن الحبيب...
ومن التقاليد الجامعية (الزي الموحد)، وقد أثار هذا الموضوع ردود أفعال واسعة النطاق بين مؤيد ورافض سواء أكان من قبل الطلبة أنفسهم أم من أولياء أمورهم والقائمين على العملية التربوية في الجامعات، ولكل واحدٍ منهم اسبابه وتبريراته، ومن ذلك نجد أنّ اولياء الأمور يؤكدون أن قرار الزي الموحد سيذيب الفوارق بين الطبقات، ويحقق المساواة ويمنع الحقد بين الطلاب، ويشجعهم على ارتداء الزي الموحد كما يشيع في انفسهم روح الانتماء للجامعة، والدراسة الأكاديمية.
فيما يؤكد القائمون على العملية التدريسية أنّ قرار الالتزام بالزي الموحد في الجامعة سيمنع كرنفالات الازياء الحديثة التي انتشرت بعد عام 2003 بحجة الوضع الامني، وأنّه سيقضي على ظاهرة البنطلونات الضيقة المليئة بالرسومات والنقشات الخاصة الغريبة والخليعة أيضاً.
ومن موقع المسؤولية والرعاية الأبوية لطلابنا الاعزاء نود أن نبين وجهة نظرنا فيما يخص هذا الموضوع ونقول: أننا نعمل جاهدين لبناء شخصية وأنموذج يُقتدى به، فالطالب عماد المجتمع ومستقبله، وهو أمل هذه الأمة للحاق بمصاف الدول المتقدمة، وأنّ الالتزام بالزي الموحد مهم في عصر يتسم بالانفتاح السريع وغير الطبيعي في العالم، فالزي الموحد تسليح لطلبتنا ليكونوا قادرين على مواكبة التغيير في العالم ومواجهته بشكل سوي، ولا يمكن لنا انْ نكون في مصاف الدول الكبرى مالم يكن قادة مجتمعنا وأمل مستقبلنا يتحلون بصفات الرجال، وما لم تكن بناتنا من الطالبات بمستوى رفيع من الاحساس بالمسؤولية والالتزام بأخلاق وعادات مجتمعنا وتعاليم ديننا الحنيف بتجنب لبس الملابس غير المحتشمة.
وقد كان الزي الموحد المتعارف عليه سابقاً هو اللون الرصاصي للبنطلون أو التنورة، واللون الأبيض للقميص، والنيلي للسترة أو الجاكيت وبنوعية خاصة من القماش، وكان الطالب يفتخر بارتدائه له حتى أن بعضهم يحتفظ به بعد تخرجه من الجامعة اعتزازاً به، وحباً بالأيام التي قضاها في الدراسة الجامعية.
ولتطبيق الزي الموحد في الجامعات العراقية أثرٌ في جوانب متعددة من الحياة ومنها: الجانب الاقتصادي، إذ تتحقق بتطبيقه المساواة بين الطلبة لتقليل الفوارق الاقتصادية- كما ذكرنا أنفاً- وبه يتساوى الغني والفقير، وأنّ عدم تطبيقه أدى- في اغلب الاحيان- إلى شعور الطالب بعدم المساواة، ومن ثمّ عدم الارتياح والتوتر النفسي، ولا سيما أنّ الطالب في مرحلة عمرية سريعة التأثير والتأثر، وهذا الأمر قد يؤدي إلى خلق شخصية معقدة تتسم بالكآبة والانطوائية، ومن ثَمَّ الانحراف. أمّا على مستوى الجانب الثقافي فلتطبيقه الأثر الكبير الواضح في خلق ثقافة معينة للطالب إذ يشعر الطالب بالانتماء إلى الجامعة، وأنّه جزء لا يتجزأ منها، فالزي الموحد يُشعره بانتمائه لمكان واحد يهيئ جميع الطلبة علمياً ونفسياً وعلى مستوى واحد.
وللزي الموحد أثر اجتماعي، فهو يجعل الطالب يفتخر بنفسه، وانّه يرتدي زياً خاصا يمنعه من التصرفات غير اللائقة، وهو هوية الطالب إذ بارتدائه يحصل الطالب على احتراما أكثر، ومجتمعاتنا تنظر له بعين الاحترام والتقدير؛ لأنّه طالب علم فضلاً عن انه يمنحه مظهراً متميزاً ولا سيما أنّ الالوان تتميز بالهدوء والحشمة بما يتلاءم مع مجتمعاتنا المسلمة.
ومن هنا يتضح لنا أنّ (الزي الموحد) يرفع من شأن الطالب، وهو ليس بتقييد لحريته أبداً، بل عليه ان يفتخر لارتدائه له فالطالب قدوة هذا المجتمع، وعلى القدوة انْ يتحلى بكل الصفات التي تبني الإنسان علمياً وثقافياً واجتماعيا، وأنّ لكل مكان ملبس يُلائمه. أما إذا أردنا الحديث عن المجتمعات الغربية ومحاولة تقليدها فان هذه المجتمعات لا تطبق (الزي الموحد) في الجامعات؛ لأنهّا مجتمعات منضبطة قانونيا وعاداتها تختلف عن عادات مجتمعنا المسلم.
وبدورنا نوجه السادة التدريسين في الجامعات إلى متابعة الطالب ومدى التزامه السلوكي والاخلاقي، وبإمكانهم تقديم خطط إرشادية وعلاجيه لتقويم السلوك، ويمكن اشراك ولي أمر الطالب في ذلك، وعليهم التأكد من الحالات السلوكية نفسياً واجتماعياً واكاديمياً بالتعاون مع مختصين في هذا المجال، وتقديم بعض الدروس من خلال بعض المواد التي تُدرس في الجامعة ومنها مادة علم النفس، والاجتماع، وعلم نفس النمو ومادة الارشاد التربوي، لكي يصبح الطالب عضواً نافعاً صالحاً في المجتمع، ويمكن لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي مساعدة الجامعات لإلزام الطلبة بارتداء الزي الموحد عن طريق أحد الأمرين:
الأول: تخصيص مبلغ شهري للطالب يساعده على شراء الزي الموحد المناسب.
الثاني: قيام الوزارة بتصميم وخياطة زي مطابق للمواصفات من حيث القماش والموديل، وبقياسات مختلفة يوزع على طلبتنا الاعزاء مجاناً، وهذا الأمر سيمنع ويحد من التفاوت في أقمشة الزي أيضا فهنالك قماش بسعر(3000) دينار وآخر بآلاف الدنانير، بل ان هناك بدلات رسمية بـ(60000) دينار واخرى بأضعاف هذا المبلغ.
اضافةتعليق
التعليقات