صفٌ ممتلئ بعشرة أشخاص، يختلفون بمستوى العمر والنضج والوعي والطبقة الإجتماعية وقد يتساوى منهم شخصان أو ثلاثة ربما. متصافّون كأسنان المشط وبكامل التركيز والثقة.. أودعوا لدى أولهم حركة معروفة وطلبوا منه أن يجتهد لإيصالها كما هي لآخر شخص في نهاية الصف ومن دون أن ينبسوا ببنت شفة، وأن يكون الحوار الصامت هذا ثنائي ينتقل من فرد لآخر دون أن يراه جميع أفراد الصف، وكانت تلك الحركة علامة ال (like).
تناقلت تلك العلامة بين الثلاثة الأوائل كما هي ومن ثم تحوّلت دون قصد لعلامة جيد جداً عند الرابع والخامس ولكن السادس إجتهد وحوّلها إلى رائع بكلتا يديه، أمّا السابع المُحب للإبتكار صنع حركة جديدة ولوّح بيديه مع السلامة.
اخذها الثامن وأوصلها إلى التاسع كما هي ولكن العاشر لأن بصمته مميزة في كل شيء جعلها علامة جديدة مميزة لذا إختتم ذلك بحركة الجنون على الرأس.
حدث كل ذلك التشويه ومن دون كلام.. يا للغرابة!
الجدير بالذكر ان المسئول الذي يقف على رأس القائمة يختلف مع من يقف على نهايتها برغم اتفاقهما على علامة ال (like) فقط وها هو يرى حركة الجنون بإستغراب كاد يدهش عقله خائباً امله مع من كان يتفق معه على ذات العلامة الأولية.
نعم هكذا تحدث الإشاعة ويتناقل الناس احاديث مغلوطة وافكار لا وجود لها من الأساس ويُظلم بها الكثير ممن لا يملك صوتا ولا طاقة للدفاع عن ذاته او عمن يهتم لأمره.. هكذا ينشغل الفارغ بنفخ بالونهُ بأرواح تشتعل ليحلق به عاليا على من سواه. ولا يعلم ان تلك البالون قد تتمزق بأي لحظة وتسقطه هو في القاع وليس من صعد بلهيب قلوبهم.. لأن العدالة تجري في كل الاحوال.
ولو بحثنا عن منشأ هذا التصرف سنراه متداولا منذ الأزل أو ربما من اليوم الذي اصبح الشيطان به مرجوما بسبب عقدة الأنا وقابيل به قاتلا بسبب الحقد وجاروا به اخوة يوسف عليه بسبب الغيرة وشوهوا به سمعة مريم العفيفة بسبب عُقدة الشرف والأفضلية وضُرب به نبينا الكريم الذي تحمّل كل أذية الانبياء على ظهره لكنه خرج من ساحة النزاع منتصراً ليومنا هذا.. لأنه يعلم ان مايقولونه هو إثباط لعزيمة الاقوياء وخنق لصوت النشطاء وربط لأقدام الساعين والإلتفات لكل ذلك ما هو الا موت يختاره المرء بإرادته.
السبيل في الخلاص هو ترك صراع الإنسان مع نظيره الانسان الذي لم يُخلق من اجله. إنما خُلِق لكي يآزره ويحنو عليه ويعينه كما قال الدكتور مصطفى محمود؛ لا نملك سوى أن نهون على بعضنا الطريق..
اضافةتعليق
التعليقات
2020-10-20
راق لي كل المقال لما يحمل من معاني جميله ودروس في علم الاجتماع مفيدة
شكرا للكاتبه ونحتاج المزيد والمزيد