في كل موقف ، أو موضع أو مناسبة ما، يتصرف الجميع بشفافية وبتلقائية رائعة ممزوجة بالبساطة ، فهذا يضحك وهذا يُمازح ذاك ، ينظرون للأمور من حولهم بعين من البساطة في محاولة منهم لتقَّبل بعض ما يجري حولهم وتخفيف الوطىء على كاهلهم.
هناك وعلى حين غفلة يبرز بينهم صاحب العباءة السوداء ، يرتدي تلك النظّارة الرماديّة التي تنظرُ لكل ما حولها بعين النكد والاحباط ، ثم يبدأ يتناول أحداثه اليومية بلغة مليئة باليأس والتذمر وأنه هو العبد المُختار من أجل أن تحل عليه البلاءات التي إنفرد هو بتحملها فقط ، بعد ذلك ينتقل لسرد سلسلة سوء الحظ الذي يلازمه حتى يكون بعد فترة من الزمن قد نجح في سحب الطاقة مِن الذين حوله وشحنهم بتلك الطاقة السليبة التي تُثقل كاهلهم وكأنهم قد خرجوا من حربٍ لتوهم.
فأذا ما أردنا أن نعرف الاسباب التي تدَّفع الواحدُ منا أن يُحبط وتتوغل الكآبة بداخله ثم بعد ذلك يبدأ بنشر عدوى الكآبة على من حوله بعد ان يكون قد مارس عليهم ؛ مهنة الأحباط ؛ سنهتدي الى الحلول.
فحين تواجه الواحد منا الصعاب والمشاكل وتصادفه الكثير من المعوقات يصيبه التوتر والقلق الذي بدوره قد يتفاقم اذا ما سيَّطر عليه ليبلغ حد الذورة فيقع فريسة للأحباط والكآبة ويستسلم لتلك المعوقات معتقداً آنه لا خلاص منها..
مُتناسياً ان اول تلك العقبات وأشدها هي نفسه ولهذا نجد القرآن الكريم يقول : (أو لَّما أصابتكم مُصيبةُ قد أصبتم مثليها قلتم آنى هذا ؟ قل هو من عند أنفسكم ..)، فالأخطاء والعقبات التي تواجهنا غالباً مايكون منشأها النفس وأنَّ التأثير الخارجي ليس له دوراً كبيراً الا إذا وجد قابلية له من الداخل وأنه بيده الخيار في أنّ يسير في طريق السعادة أو يختار الشقاء لنفسه.
ماهي الاّ لحظة تأمل لا تستغرق كثيراً إلا إنّ نِتاجها يكون طويل الأمد تترتب عليه الكثير من الخيارات..
هل تريد أن تكون مُحبطاً ؟
أو أن تتسلح بالأمل ؟
الآن .. بعد أن أُدرج ( الأحباط ) على أنه رابع أكبر سبب مُسبب لأنقطاع العمل في العالم ومن المرجح أن يكون الثاني.. هل من المعقول ان ديننا الأسلامي الحنيف دين الأنسانية المتكامل وقف مكتوف الأيدي أمام هذا المرض الذي بات يفتك بالأمّة ؟
بلا شك لا.. فتعاليم ديننا رائعة في التصدي لهذا المرض فالمؤمن لا يحزن ولا يعرف اليأس ولا يُعاني من الفراغ القاتل كما أنه لا يقف عند سفاسف الأمور بل أن حياته كلها يجب ان تكون مليئة بالعمل الايجابي والطاعة التي تورث سعادة الدارين وأن المشاكل ماهي الا دورس وتجارب تبحث عن حلولها المختبئة في مكان ما وما علينا الا البحث عنها والسعي اليها فالقاعدة النبوية الرائعة تقول : إنَّ كل حال المؤمن خير ، إذا أصابه خير شكر الله تعالى وهذا خيرُ له وإذا أصابه ضُر صبر عليه وكان هذا خيراً له. وبهذا تكون هذه القاعدة السامية هي الحل الأمثل لمثل هذة المشاكل وحين نتدبر القرآن الكريم نجده يرسم الطريق لنا بأبهى حُلة فحين ينهى عن الحُزن في مواطن معينة يكون بهذا يعدُ المؤمن بأن يكون قلباً يشع بالامل والأيجابية ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الاعلون إن كنتم مؤمنين).
هذه الآية العظيمة تحتاج منا لتدبر ، تحتاج لأن نكون صادقين حيال ديننا لا إن يكون لقلقة لسان لا تتعدى تلك الجارحة بعد هذا نسأل لماذا نحن بهذا الوضع ؟ لأن الله يقسم ويقول ( من أعرض عن ذكري فأن له معيشة ظنكا )، تُرى لو كنا حقاً نذكر الله بالقول والفعل أكانت حياتنا ظنك ؟
لو كنا على قرابة من المولى (عج) فعلاً، أكنا سنتخبط في بحر من اليأس ؟ أليس وجوده المقدس وإلتزام أوامره هو السلاح الاقوى والأمثل لمحاربة تلك الآفات ؟ ( فكلي وأشربي وقُري عينا).
التغيير يبدأ منا وأختيار لون حياتنا بأيدينا إذا ما أردناها ملونة او رمادية.
فالنحذر من سُرّاق الطاقة ولنحافظ على حياتنا سليمة خالية من هذا المرض ولنكون على ثقة وحُسن ظن بالذي خلقنا فالذي رزقك وإنت في ظلمات الخلق لن ينساك وإنت تبصر نور الدنيا.
اضافةتعليق
التعليقات