في ملحمة الطف الخالدة، حيث التفَّ الحسين (عليه السلام) حوله شهداؤه الأبرار، يبرز اسم مسلم بن عقيل (عليه السلام) كرمزٍ للمظلومية الاستثنائية والثبات في وجه الخيانة. فبينما احتضن الحسين جسدَ كل شهيدٍ في كربلاء، بقي مسلم وحيدًا غريبًا، سقطَ بعيدًا عن رفاقه، لكنّ موقفه العظيم أصبح منارةً تُضيء دروبَ الشرفاء. فما العبر التي نستقيها من مأساته، وكيف تكون مسلم بن عقيل قدوةً للشباب اليوم؟
لم تكن شهادة مسلم بن عقيل كأي شهادة؛ فقد جسَّدت أسمى معاني الوفاء والثبات رغم الغدر. أرسله الحسين (عليه السلام) سفيرًا إلى الكوفة، فاستقبله الآلاف بالبيعة، لكنهم تخلوا عنه حين اشتدت المحنة. حوصر في دار هانئ بن عروة، وواجه الجموع الغادرة وحيدًا، ففضّل الموت على التراجع أو الاستسلام. بينما استشهد أصحاب الحسين في كربلاء تحت ظل الرايات، سقط مسلم غريبًا في شوارع الكوفة، جسدهُ مُلقى على الأرض، ورأسهُ يُرفع على الرماح.
لكنّ هذه المأساة لم تكن نهاية القصة، بل كانت بداية إلهامٍ للأجيال. فمسلم علمنا أن الحق لا يُقاس بعدد الأنصار، وأن الثبات على المبدأ أهم من النصر المؤقت. لقد ضحّى بكل شيء في سبيل رسالته، ولم يختر السلامة على الشرف.
نصيحة للشباب:
يا شباب الإسلام، لتكن قصة مسلم بن عقيل مرآةً لأرواحكم! إذا كنتم اليوم تشعرون بالغربة في زمنِ الماديات والانحراف، أو تُحاصرون بضغوطِ التخلّي عن مبادئكم، فتذكّروا:
- الوفاء للقضية: مهما قلَّ الأنصار، فمسلم لم يتراجع رغم خذلان الآلاف.
- الشجاعة الأدبية: في قول الحق، حتى لو كنتَ وحيدًا في الميدان.
- الثقة بالله: حين تخذلك السُبل، فالنصر الحقيقي هو نصرُ الضمير.
لا تبحثوا عن رفقةِ كل الناس، بل عن رفقةِ الحق، ولو جعلكم ذلك غرباء.
تبقى مأساة مسلم بن عقيل (عليه السلام) تُعلّمنا أن العظمة ليست في كثرة الأتباع، بل في صدق المواقف. فلتكن حياته شعلةً تُحرّك ضمائر الشباب نحو الثبات على القيم، وليكن موقفه تذكيرًا بأن الغربة عن الباطل عزّ، والموت في سبيل الحق خلود. وهكذا يبقى مسلم... شهيد الوحدة المفقودة، وغريبًا أبدعَ التاريخُ في رواية قصّته!
اضافةتعليق
التعليقات