• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

الثقة.. بين ضرورات العيش وجحيم الخذلان

جنان الهلالي / منذ 3 ساعة / ثقافة / 223
شارك الموضوع :

تبقى الثقة في الله هي الملجأ الأخير ومصدر اليقين الذي لا يتزعزع. هذه الثقة ليست هروباً من الواقع

تمثل الثقة النسيج الخفي الذي يمسك بكيان المجتمعات الإنسانية، والبنيان الروحي الذي تقوم عليه علاقات الأفراد، فهي ليست مجرد قيمة أخلاقية ثانوية، بل هي ضرورة عيش لا غنى عنها. إذ أن الثقة هي جسر الإنسان إلى الآخر، وهي الطريق الى احترام العقل وفن التعامل مع الآخر. إن عشنا بلا ثقة في أحد، تحوّلت الحياة إلى عبءٍ خانق وجحيمٍ مستمر، فالإنسان لا يستطيع أن يلغي ثقته بالجميع. هناك دائمًا أشخاص يستحقون أن نمنحهم مساحة من الاطمئنان، حتى وإن جُرحنا من آخرين. و بعض المواقف لا تعكس الحقيقة بقدر ما تعبّر عن صدمةٍ عابرة أو ردّة فعلٍ مؤقتة. ولا يمكن للمجتمع أن يعيش بلا ثقة؛ فهي الهواء الذي تتنفسه العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. فالتعاملات التجارية تقوم على الائتمان، والعلاقات الأسرية تقوم على الوئام والطمأنينة، والحكم الرشيد يقوم على المصداقية. وفي هذا السياق، يصف الإمام علي (عليه السلام) أساس التعامل بقوله: "أَصْلُ الْعَقْلِ التَّوَدُّدُ إِلَى النَّاسِ". فالعقلانية هنا لا تنفصل عن القدرة على بناء جسور المودة والثقة مع الآخرين، فهي ليست بسذاجة بل حكمة عملية تدرك أن التعاون والسلام الاجتماعي هما شرطان للبقاء والازدهار.

و كما هو معروف إن المرء لن ينال ما يحب حتى يصبر على كثير مما يكره. حيث نرى أن الثقة ليست أمراً مفروغاً منه، بل هي بناء متبادل يتطلب جهداً مستمراً، من خلال إظهار العذر والشفافية. فبدون هذه الثقة المتبادلة، يتحول المجتمع إلى ساحة من الشك والخوف، وتتعطل ضرورات العيش من أمنٍ واستقرارٍ وتعاون، فالثقة مطلوبة بكل مراحل الانسان حتى في أهون الأمور. وإلا كيف يتعامل الانسان مع نظيره الأنسان وهو ليس أهلا لها. حينها، يتحول العالم إلى ما يشبه الجحيم، حيث يسود الشك ويذبل الأمل، وتنقلب الثقة إلى خوفٍ مرير. في هذه اللحظات، يصبح الإنسان في اختبار حقيقي لأصالة قيمه وإيمانه.

وفي خضم هذا الألم وخوف المؤمن من فقد الثقة حيث تتهاوى الثقة في كل شيءٍ دنيوي.  يقدم الإمام (علي عليه السلام) رؤية ثاقبة، عن الشعور بعدم الثقة بالآخر بل يقدم له إطاراً معنوياً يتجاوز به الإنسان محنته.  يقول عليه السلام:" مَنْ وَثِقَ بِاللهِ أَتَاهُ الْيَقِينُ".

وهنا يبرز التوازن العبقري في فكر الإمام علي (عليه السلام): فهو ربط الثقة بالآخرين مقرونة بثقة الفرد  برب العباد وحكمته. و بما أن رحلة الإنسان مع الثقة تمر بمحطتين أساسيتين: محطة "ضرورات الحياة"، حيث تغدو الثقة بالآخرين أساسًا للبناء والتعاون، ثم محطة" الفقدان المرير للثقة"، حين تنهار كل الثقات والخوف من الانغماس مع الآخر بكافة التعاملات،  ولا يبقى سوى يقين واحد خالد: الثقة بحكمة الله وعدله والأتگال على الله. 

فالثقة في الناس ضرورة اجتماعية لا غنى عنها، ولكنها يجب أن تكون ثقة مشروطة بالحكمة والتجربة، ومتوازنة مع الثقة المطلقة في الله وحده. فالثقة في الخالق هي التي تمنح الإنسان الشجاعة ليخاطر ببناء الثقة في المخلوق، لأن خيبة الأمل من البشر لن تدمره طالما أن مرتكزه الأساسي هو الله. ومن هنا رسم الإمام علي (عليه السلام) خريطة طريق لهذه الرحلة الشاقة في التعامل مع الآخر، تعلّمنا أن نبني جسوراً من الثقة مع الناس بحكمة، دون أن نغفل عن أن نرسي سفينتنا على شاطئ اليقين بالله. فالثقة الأرضية قد تهتز، وقد نخسر من نحب، وقد نمر بجحيم الفقدان، ولكن من يوثق بالله فإنه يأته اليقين، ليجد حتى في قلب الجحيم بذرة أمل، ونور ثقة لا ينطفئ.

التوازن الحكيم بين الثقة في الناس والثقة في الله.

لا ننكر بعض طبيعة البشر وما يعتريهم من نقص وضعف، ولذلك يجب الحذّر من السذاجة في منح الثقة المطلقة لكل من يُظهر المودّة. هذه الكلمات ليست دعوة إلى الانعزال عن الناس أو الانغماس في التشاؤم، بل هي نداء عميق للوعي والتمييز. فالحياة لا تقوم بلا ثقة، إذ لا يمكن للإنسان أن يعيش في عزلة دائمة أو في ريبة مستمرة. لكنّ الثقة إذا تحولت إلى غفلة عمياء صارت بابًا للخذلان والخيبة. ومن هنا تأتي الحاجة إلى التوازن: ثقة عقلانية تحفظ كرامة الإنسان، مقرونة بثقة عليا بالله سبحانه، فهو الملجأ الذي لا يخيّب، والحصن الذي لا ينهدم.

إن جوهر هذا التوجيه هو بناء إنسان يعرف أن البشر مهما بلغوا من محبة ووفاء يظلون أسرى أهوائهم وظروفهم، بينما يبقى الله وحده الثابت الذي لا يتغير. فالثقة بالناس ضرورة للعيش المشترك، أما الثقة بالله فهي ضرورة للبقاء الروحي والسلام الداخلي.

ومن جمع بينهما عاش متزنًا: منفتحًا على الآخرين دون أن يذوب فيهم، ومتوكلًا على الله دون أن يترك الأخذ بالأسباب.  تبقى الثقة في الله هي الملجأ الأخير ومصدر اليقين الذي لا يتزعزع.

الانسان
الاخلاق
المجتمع
القيم
الوعي
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟

    الهرمونات: رسائل كيميائية تتحكم في كل تفاصيل حياتك

    فوائد الآيس كريم للأطفال.. متعة لذيذة مع نصائح للأمهات

    الحقيقة المطلقة

    هل ينتهي حزن الثقلين؟

    الحزن أم الاكتئاب؟ كيف نميّز بينهما ولماذا هذا التمييز مهمّ

    آخر القراءات

    عيون المها (1)

    النشر : الأربعاء 31 آب 2016
    اخر قراءة : منذ ثانيتين

    صلى الله على الباكين على الحسين

    النشر : الثلاثاء 31 تشرين الاول 2017
    اخر قراءة : منذ 6 ثواني

    ماهي حشرة بقّ الفراش.. وهل هي خطرة؟

    النشر : الأثنين 16 تشرين الاول 2023
    اخر قراءة : منذ 26 ثانية

    افلام الكارتون توم وجيري.. غير صالحة للاطفال

    النشر : الخميس 21 كانون الأول 2017
    اخر قراءة : منذ 40 ثانية

    من سعى للآخرة لا يلتفت إلى الدنيا: سيدة الصبر إنموذجًا

    النشر : الأثنين 04 آب 2025
    اخر قراءة : منذ 51 ثانية

    كيف يؤثر الاستحمام في إظهار أفكارك الإبداعية؟

    النشر : السبت 08 تشرين الاول 2022
    اخر قراءة : منذ 55 ثانية

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1140 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1006 مشاهدات

    الإمام العسكري .. وركائز الخدمة الأزلية

    • 410 مشاهدات

    البطاطا محبوبة الملايين.. طعام صحي أم عبء غذائي؟

    • 354 مشاهدات

    قبس من زيارة آل يس: سلام وإكرام

    • 350 مشاهدات

    ماهو الصداع النصفي وكيفية علاجه؟

    • 344 مشاهدات

    مناهل الأربعين.. فتنافسوا في زيارته

    • 1539 مشاهدات

    زوار الحسين: فضل عظيم وشرف أبدي

    • 1466 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1140 مشاهدات

    المواكب الحسينية.. محطات خدمة وإيثار في درب العشق الحسيني

    • 1086 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1077 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1023 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    الثقة.. بين ضرورات العيش وجحيم الخذلان
    • منذ 3 ساعة
    قراءة في كتاب: في دقائق كيف نتغيّر؟
    • منذ 3 ساعة
    الهرمونات: رسائل كيميائية تتحكم في كل تفاصيل حياتك
    • منذ 3 ساعة
    فوائد الآيس كريم للأطفال.. متعة لذيذة مع نصائح للأمهات
    • منذ 3 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة