أعظم مظاهر الولاء استدرار الدموع وتفاعل الإنسان بعواطفه وأحاسيسه تجاه شخصية المحبوب، ولاسيما إذا كان مستجمعاً لصفات الفضل أو مضحياً نفسه في سبيل إحياء الفضيلة لكي يتأسى به الآخرون ويقتدي به الباقون فتنمو الفضيلة وتستأصل الرذيلة.
والبكاء خير دليل على إعلان الموالاة لذلك الشخص المبكي عليه، والتبرئ ممن ساهم في ظلمه والجور عليه من الأعداء والحاقدين.
حيث قال بعض المراجع العظام رعاهم الله:
اية الله العظمى سماحة المرجع السيد علي السيستاني (حفظه الله): البكاء يعبر عن تعلقات الإنسان وكوامن نفسه تعبيراً عميقاً، لأنه إنما يحدث في أثر تنامي مشاعر الحزن وتهيّجها لتؤدي إلى انفعال نفسي يهز الإنسان، ومن ثم فإن البكاء على الإمام (عليه السلام) يمثل الولاء الصادق للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأهل بيته الأطهار وللمبادئ التي نادى بها ودعا إليها واستشهد لأجلها، ومن المشهود أن حركته (عليه السلام) قد هزت التاريخ وزلزلت عروش الطغاة ورسخت القيم الإسلامية في قلوب المؤمنين، ولم يحدث ذلك إلاّ في أثر التمسك والتعلق بذكره نتيجة حث أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
كما قال ايضاً سماحة المرجع آية الله العظمى السيد صادق الشيرازي (حفظه الله):
ان البكاء من الشعائر الحسينية المقدسة، وقطرة من البكاء على الامام الحسين (عليه السلام) تطفئ نيران خنادق من جهنم ولكن البكاء وحده لا يكفي ففي الرواية الصحيحة والخالية من شبهة عن الامام الصادق صلوات الله عليه الصرخة اي يتطلب في بعض المواقع الصراخ على مصاب الامام الحسين صلوات الله عليه.
إذن البكاء هو عنوان للحب والتقديس وعلامة على الاقتداء بنهجه والولاء له بعقيدته ومبدئه، وهو محك واختبار لمدى تعلق الإنسان بتلك الشخصية الفذة.
وكما قال سماحة الخطيب الحسيني الشيخ عبد الرضا معاش (دامت توفيقاته) في كلمات له: (البكاء على الإمام الحسين عليه السلام ولو بمقدار بسيط جداً يطهر قلبك ويصلح نفسك ويمحو ذنبك).
ومن البديهي أن يعطي الإنسان كل شيء إلا البكاء لأنّه لا يحصل إلا باحتراق القلب وتألمه والانفعال النفسي الشديد على مصيبة معينة، فكيف إذا كانت المصيبة لا تدانيها مصيبة كمصيبة سيد الشهداء الحسين بن علي (عليه السلام)، فلو أسال العالم دموعه لأجل الحسين (عليه السلام) لما وفّى حقا من حقوق محيي الشريعة ومجددها وهو الحسين (عليه السلام).
وتكرر البكاء مدى الأيام والدهور على الحسين (عليه السلام) يعكس مدى مصداقية الحب والولاء المستمر والمتعاظم لسيد الشهداء (عليه السلام).
والبكاء وخصوصاً على الحسين هو تعظيم لشعائر الدين وتخليداً لإسم من خلّد الدين وأحياه وهو حسين الفضيلة وحسين الإباء.
فالولاء للحسين (عليه السلام) هو ولاء للعقيدة والمبادئ.
والولاء للحسين (عليه السلام) هو ولاء للمثل والقيم والأخلاق.
فهنا وجدت أن البكاء على الإمام الحسين (عليه السلام) له خواص منها غفران الذنوب وتطهير للقلوب.
وهذه عدّة من خواص البكاء والعين الباكية والدمعة في عزاء الإمام الحسين (عليه السلام):
خواص البكاء على الإمام الحسين {عليه السلام} فهي ثمان:
1- أنها صلة لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
2- أنه اسعاد للزهراء (عليها السلام) فانها تبكيه كل يوم .
3- أنه أداء لحق النبي [صلى الله عليه وآله] والأئمة {عليهم السلام} ففي الرواية:
(أن الباكي قد أدى حقنا).
4- أنّه نصرة للحسين {عليه السلام} فان النصرة في كل وقت بحسبه.
5- أنّه أسوة حسنة بالأنبياء والملائكة وجميع عباد الله المخلصين .
6- أنه أجر الرسالة فانه من المودة في القربى.
7- أنّ تركه جفاء للحسين (عليه السلام).
8- أنه يسلي عن الباكي في كل مصيبة واقعة على أي شخص كيفما كان .
أما في خواص العين الباكية التي جرى منها الدمع وهي أمور تظهر من الروايات:
1- انّها أحب العيون الى الله .
2- أنّ كل عين باكية يوم القيامة لشدة من الشدائد الا عين بكت على الحسين {عليه السلام} فانها ضاحكة مستبشرة بنعيم الجنة.
3- أنّ تلك العين لا بد أن تنعم بالنظر الى الكوثر لا ان تنظر فحسب والّإ فكل شخص ينظر الى الكوثر.
أنّ العين تصير محل مس الملائكة فانهم يأخذون الدمع منها، في خواص الدمع الجاري في عزاء الحسين {عليه السلام} وهي خمس مجموعة من الروايات:
1- أنها أحب القطرات الى الله .
2- أنّ قطرة منها لو سقطت في جهنم لأطفأت حرّها .
3- أنّ الملائكة لتلقى تلك الدموع وتجمعها في قارورة
4- أنّها تدفع إلى خزنة الجنان فـيمزجونها بـماء الحيوان الذي هو من الجنة فيزيد في عذوبته ألف ضعف .
5- أنّه لا تقدير لـثوابها فكل شيء له تقدير خاص إلا أجر الدمعة .
إذن التفاعل عن طريق البكاء هو تثبيت القضية الحسينية التي جاء من أجلها الحسين وجسّدها بدمه الطاهر ليكون نبراساً للحق والشموخ لأنّها قضية الإسلام وليست قضيته الشخصية ولا شك أنّ البكاء هو عنوان للسير على نهج الحسين (عليه السلام) والولاء له وان أعلى درجات الولاء هو ذرف الدموع بغزارة وهذا لا يتحقق إلا بحالة يحترق فيها القلب حباً وولاءً ومن هنا فقد ورد عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) أن من بكى وتباكى على الحسين فقد وجبت له الجنة. فكان البكاء سبباً لمغفرة الذنوب ومحو الآثام ببركة الحسين (ع).
وصلى الله على الباكين على الحسين.
اضافةتعليق
التعليقات