• الرئيسية
  • كل المواضيع
  • الاتصال بنا
facebook twitter instagram telegram
بشرى حياة
☰
  • اسلاميات
  • حقوق
  • علاقات زوجية
  • تطوير
  • ثقافة
  • اعلام
  • منوعات
  • صحة وعلوم
  • تربية
  • خواطر

من سعى للآخرة لا يلتفت إلى الدنيا: سيدة الصبر إنموذجًا

جنان الهلالي / الأثنين 04 آب 2025 / اسلاميات / 503
شارك الموضوع :

كانت السيدة زينب على خُطى جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونموذجًا نادرًا لهذا النوع من البشر

من المبادئ الراسخة التي يُجمع عليها الناس على اختلاف ثقافاتهم وأديانهم، أن "لا يصح إلا الصحيح". وقد أكدت التجارب البشرية، في مختلف مراحل التاريخ، صدق هذه القاعدة، لأن ما كان صحيحًا في الفكر أو العمل، لا بد أن يكون مستندًا إلى الحق.

لقد رأت السيدة زينب (عليها السلام) في خروج الحسين (عليه السلام) من مكة سنة 61 هجرية طريقَ الحق، والدفاعَ عن المقدسات، وإنْ كان طريقًا وعرًا محفوفًا بالمخاطر. بلا شك، إنّ الإمام الحسين هو — إن صحّ التعبير — بطلُ قضية كربلاء، فهو كبير بني هاشم وسيد أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد شهادة أخيه الإمام الحسن المجتبى، ولذلك قصده بنو أمية بالذات، وأرادوا منه البيعة بشكل خاص.

لكن الإمام الحسين رأى أن البيعة ليزيد تعني البيعة على الفسق والفجور، والخمر والشطرنج، وبالتالي على إبادة الإسلام وموته، كما قال: "ونحن أهل بيت النبوة... ويزيد رجل فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحرّمة، معلِن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله...". وكما قال أيضًا: "وعلى الإسلام السلام، إذ بُليت الأمة براعٍ مثل يزيد...".

ولذلك بدأ نهضته الإصلاحية من حرم جدّه رسول الله، وخرج بها إلى حرم الله، مكة المكرمة، ثم سار بها نحو العراق، وفجّرها في كربلاء، حيث رأى أنه لا طريق لتبديد ظلم بني أمية وظلامهم، ولا سبيل لإنقاذ الأمة بالإسلام وأحكام القرآن من تشويههم وتمويههم، إلا بالشهادة، فقدم نفسه الطاهرة، وكل من معه من الأبرار، في سبيل الله تعالى برضا وتسليم، وجودٍ وسخاء.

ولمّا تراءت السيدة زينب للإمام الحسين من بعيد، وكان الإمام يترقب قدومها، استقبلها بكل حفاوة وقد اغرورقت عيناه بالدموع، ورحب بها ترحيبًا بالغًا، ثم ضمها إلى موكبه بأقصى درجات التبجيل والاحترام، وعاملها بما لم يعامل به أحدًا من النساء غيرها، مما يدل على جلالة شأنها، وعظيم منزلتها عند الله ورسوله، وعند إمامها الإمام الحسين.

ويشهد لهذا التبجيل والاحترام الذي خصّ به الإمام الحسين أخته العقيلة زينب الكبرى من بين النساء، ما جاء في كتاب أسرار الشهادة، وغيره من الكتب، وذلك عند التعرض لخروج موكب الإمام الحسين من المدينة المنورة. يقول الراوي: رأيت ما يقرب من أربعين محملًا مجهزًا بأجهزة ثمينة، مزينة بستائر راقية، قد أُعدت للنساء من بني هاشم وآل الرسول (صلى الله عليه وآله). عندها أقبل الإمام الحسين وقال لبني هاشم أن يركبوا محارمهم من النساء.

قال الراوي: وكنت في هذه اللحظات أفكر في سيدتي زينب، وما سيكون من أمرها، مع ما هي عليه من جاه وجلال، وعزٍّ ودلال، وإذا بي أرى شابًا يخرج من دار الإمام الحسين (عليه السلام)، يلفت جماله الأنظار، ويبهت نوره الأبصار، وسيمًا رشيدًا، على خدّه خال، قد أقبل نحو المحامل وهو يقول: "يا بني هاشم، طأطئوا رؤوسكم وابتعدوا عن المحامل". وإذا بامرأتين موقّرتين من خلفه تخرجان من الدار، وتجرّان ذيولهما عفةً وحياءً، قد حقّ بهما الجواري والغلمان، فقدم ذلك الشاب الوسيم أحد المحامل، وثنى رِجله لتلك المرأتين الجليلتين، وأخذ بيديهما الإمام الحسين، وأركبهما في محملهما.

قال الراوي: فلما ركبنا المحمل، سألت عنهما وعن الشاب الوسيم الذي ثنَى رجله لهما، فقيل: أما الشاب فهو قمر بني هاشم، العباس بن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وأما المرأتان فهما السيدتان: زينب الكبرى، وأم كلثوم، بنتا أمير المؤمنين، وبنتا رسول الله وذريته... إلى آخر ما جاء في الخبر¹.

كانت السيدة زينب على خُطى جدها رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ونموذجًا نادرًا لهذا النوع من البشر؛ إنها الإنسانة التي سعت للآخرة، فلم تلتفت إلى الدنيا، رغم أنها رأت فيها كل ألوان العذاب. لم تكن زينب امرأةً عابرة في التاريخ، بل كانت معلمًا يُقاس به الصبر، وتوزن به الكرامة. في كربلاء، لم تكن فقط أختًا للإمام الحسين (عليه السلام)، بل كانت ركيزة مشروعه الإلهي. قدّمت ولديها، عونًا ومحمدًا، بين يديه دون تردّد، وكأنها تقول: "خذ ما بقي من قلبي، فلا شيء أغلى من الحق."

لم تذكرهما في رثاء، ولم تتوقف عند شهادتهما، لأنها لم ترَهما ملكًا خاصًّا، بل أمانة أُدّيت، ورسالة بُلغت، وقرابين رُفعت إلى السماء. هذا التجاوز للذات ليس انعدامَ إحساس، بل قمة الوعي بمعنى الفناء في الله.

لقد مثّلت السيدة زينب (عليها السلام) تلك النفس التي تحرّرت من أغلال التعلّق، النفس التي رأت في الشهادة حياة، وفي الابتلاء طريقًا للخلود، وفي الحزن قوة لا ضعفًا. حينما وقفت في مجلس يزيد، لم تُظهر وجعًا شخصيًا، بل كشفت زيف سلطانٍ مؤقّت، أمام نور الحق الباقي. لم تتكلم بمرارة أمٍّ ثكلى، بل بنور بصيرة امرأة عرفت أن من سعى للآخرة لا يحق له أن يلتفت إلى متاع الدنيا.

لم تتعامل زينب (عليها السلام) مع الدنيا كغاية، بل كممرّ، لم تحتفظ بحزنها لنفسها، بل جعلته قوة في وجه الظالمين. وأصبحت لخطبتها في مجلس يزيد صدىً كبيرًا ضد طاغية العصر آنذاك وفي كل زمان، فكانت الشرارة التي حرّرت ثورة الحسين (عليه السلام) من قضبان التشويه الإعلامي الذي بُثَّ بين الناس، وصانت بنات رسول الله، ودافعت عنهن وهي منكوبة مكسورة القلب، وحيدة في مجلس الأعداء، في محفل الأجحاد والأحقاد، وهم يتشفّون بقتل سيد شباب أهل الجنة وأهله وأصحابه.

وهنا تظهر صورة نادرة لامرأةٍ لا تُقايض الوفاء بالحزن، ولا تُطالب بالعرفان مقابل التضحية. لقد قدّمت زينب أعز ما تملك، دون أن تشير إلى ذلك، ودون أن تطلب عزاءً أو امتنانًا. لأنها ببساطة، لم تكن تبحث عن موقف شخصي، بل عن رضا الله، وسلامة الرسالة، ونصرة الحق. هذا الموقف يكشف جوهر الإيمان الحقيقي: أن ترى الدنيا وسيلة لا غاية، وأن تفقد دون أن تندب، وأن تصبر دون أن تتكلم، وأن تمضي دون أن تلتفت إلى ما تركت خلفك.

فالتاريخ مليء بأسماءٍ ضجّت بالبكاء، وبقيت في الظلال. هكذا كانت زينب: امرأة من لحم ودم، لكنها من روحٍ تسير باتجاه الله، لا تعرّج على متاعٍ فانٍ، ولا تُبطئها عاطفة، ولا تكسرها كارثة. ومثلها، يُعلّمنا أن من سعى للآخرة، لا يعود بصره إلى الخلف.

1 كتاب الخصائص الزينبية (نور الدين الجزائري)

السيدة زينب
الصبر
القدوة
الشخصية
عاشوراء
اهل البيت
شارك الموضوع :

اضافةتعليق

    تمت الاضافة بنجاح

    التعليقات

    آخر الاضافات

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين

    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي

    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟

    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة

    إشراقة السيدة الزهراء .. معجزة الشمس الخالدة

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    آخر القراءات

    نقص نوم حركة العين السريعة مرتبط بزيادة خطر الإصابة بالخرف

    النشر : الخميس 07 ايلول 2017
    اخر قراءة : منذ 19 دقيقة

    كيف عالج الامام علي الظواهر الاجتماعية السلبية؟

    النشر : الخميس 25 شباط 2021
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    عالم الأبراج والجذب في نظرية الإمام الصادق

    النشر : الأربعاء 30 نيسان 2025
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    السيدة خديجة.. سكن الرسول وملاذ النبوة

    النشر : الثلاثاء 12 نيسان 2022
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    حلم فوق قمة جبل

    النشر : الأثنين 18 شباط 2019
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    قراءة في كتاب: رسائل من القرآن

    النشر : السبت 16 كانون الأول 2023
    اخر قراءة : منذ 20 دقيقة

    الأكثر قراءة

    • اسبوع
    • شهر

    من درر شيخ الأئمة: "أن تنجو بنفسك… هو أرقى رد"

    • 555 مشاهدات

    تجاوز سطح الخلاف: كيف يختبئ الاتفاق خلف سوء الفهم؟

    • 488 مشاهدات

    الحشمة المهدورة خلف ستار القرابة

    • 433 مشاهدات

    محاولة الانتقال إلى الأفضل..

    • 380 مشاهدات

    المرايا المشوّهة: كيف نصنع انعكاساً أوضح لأنفسنا؟

    • 358 مشاهدات

    دراسة جديدة: بخاخ أنف شائع قد يساعد على الوقاية من "كوفيد-19"

    • 325 مشاهدات

    بحر الزائرين: ذكرى استشهاد الإمام العسكري تعيد رسم خريطة الولاء في سامراء

    • 1207 مشاهدات

    الشورى: وعي ومسؤولية لبناء مجتمع متكامل.. ورشة لجمعية المودة والازدهار

    • 1170 مشاهدات

    الإمام الحسن العسكري: التمهيد الهادئ لعصر الغيبة

    • 1112 مشاهدات

    العباءة الزينبية: رمز الهوية والعفاف في كربلاء

    • 1090 مشاهدات

    اللغة الإنجليزية عقدة الجيل: لماذا نفشل في تعلمها رغم كثرة الفرص؟

    • 1070 مشاهدات

    مشاعرُ خادم

    • 680 مشاهدات

    facebook

    Tweets
    صحيفة الكترونية اجتماعية ثقافية بادارة جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية

    الأبواب

    • اسلاميات
    • حقوق
    • علاقات زوجية
    • تطوير
    • ثقافة
    • اعلام
    • منوعات
    • صحة وعلوم
    • تربية
    • خواطر

    اهم المواضيع

    للكلمةِ مضمونٌ في حديثِ أميرِ المؤمنين
    • منذ 7 ساعة
    النجاح الصامت.. حين تكتب المرأة قصتها بالحبر الخفي
    • منذ 7 ساعة
    رحلة في عالم أحلام الأخطبوط: هل تحلم الكائنات البحرية؟
    • منذ 7 ساعة
    مفاتيح طول عمر المرأة.. هكذا تعيشين حياة أكثر صحة
    • منذ 7 ساعة

    0

    المشاهدات

    0

    المواضيع

    اخر الاضافات
    راسلونا
    Copyrights © 1999 All Rights Reserved by annabaa @ 2025
    2025 @ بشرى حياة