الفقر في كلام أمير المؤمنين عليه السلام ظاهرة إجتماعية سيئة، فقد وصفها الإمام بأرذل الأوصاف، وهي أوصاف حقيقية تعكس ماهية الفقر وإبعادها السيئة على البشرية، فلنتأمل كلمات أمير المؤمنين عليه السلام.
1- "الفقر الموت الأكبر"
ليس من باب التشبيه؛ بل من باب الحقيقة؛ فالفقر هو الموت بعينه، لأنه لا معنى لحياة الإنسان إذا كان فقيراً، إذ خلق الله الإنسان ليسعد في هذه الحياة لا ليشقى فيها، وفي هذا المعنى قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أيضاً: "والقبرُ خيرٌ من الفقر".
2- "والفقر يُخرِسُ الفطنَ عن حاجَته".
يتسبب الفقر في سلب القدرة على التعامل الإجتماعي، فيفقد الفقير الجرأة على الأخذ والعطاء فيصبح إنساناً مسلوب الإرادة غير قادر على الحركة حتى لو كان معافاً جسدياً لأنه سقيم النفس والروح، وهذا هو الموت الأكبر الذي تحدث عنه الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في كلمته الأولى.
وقد ذُكر الحديث بشكل آخر هو: "والفقر يخرس الفطن عن حجته".
فالفقر يسلب من الإنسان الجرأة الأدبية حتى لو كان الفقير عالماً مملوءاً بالمعرفة، حيث يجعله مُنكمشاً على نفسه، منطوياً في داخله غير قادر على إبداء رأيه وإطلاق حجته، فالفقر يسلبُ من الإنسان الشجاعة التي يحتاجها في حياته الإجتماعية والعلمية.
3- "يابني إني أخاف عليك الفقر، فاستعذ بالله منه، فإن الفقر منقصةٌ للدين، مُدهشةٌ للعقل داعيةٌ للمقت".
فالفقر لا يترك أثره على السلوك الإجتماعي للإنسان الفقير وحسب بل له آثار وخيمة على دين الإنسان وعلى عقله. فإذا سُلب منه هذين الركنين المهمين فإنه سيسقط إجتماعياً، ويصبح عنصراً مكروهاً منبوذاً في المجتمع.
والفقر هو خطوة متقدمة نحو الكفر، لأن الفقير سيفقد توازنه بسبب الحاجة فيتناقص من دينه، ويتناقص من عقله حتى يصبح عُرضة للسقوط في هاوية الضلال، وكلما ازداد فقراً إزداد قُرباً إلى النهاية المأساوية؛ وهي الكفر.
هذا هو – الفقر – بنظر الإمام أمير المؤمنين عليه السلام فهو أخطر ما يواجه المجتمع من الأوبئة الفتاكة. فهو رذيلة إجتماعية، وكفرٌ ونقص في الإنسان يهون كل شيء في قباله.. لذا قام أمير المؤمنين علي عليه السلام منذ اليوم الأول من استلامه للحكم في الدولة الإسلامية مشمراً عن سواعد الجد للقضاء على ظاهرة الفقر. هذا بخلاف ما يتصوره علماء الغرب ومن قلدهم في الشرق؛ أن الدين يحثُ الإنسان على الفقر.
يقول العالم الغربي "توفيكو" في كتابه الأكاذيب المصطلح عليها في المدينة الحاضرة. "ومهما كانت بشرى رجال الدين للفقراء بمنازل الآخرة يصلوا إلى تحبب الفقر للناس".
فمن قال: بأن الدين يحبب للناس الفقر؟ فإذا كان هذا هو واقع المسيحية فإن الإسلام بريءٌ من هذه التهمة؟ وهذه خطب أمير المؤمنين عليه السلام شاهدٌ على ذلك. نعم هناك أحاديث وأقوال تصبر الفقير حتى لا يخرج عن حالته السوية، لكنها لا تطلب منه أن يبقى فقيراً، بل بالعكس تطلب منه وبالحاح أن يتحرك نحو الغنى.
اضافةتعليق
التعليقات