في يوم الجمعة كانت الساعة العاشرة صباحاً, وقفتُ تحت ذلك الجبل الأشم وقلبتُ ناظري في أرجائه, بدت لي فكرة الصعود إلى القمة أحسستُ بطول الطريق ومشقته..
ولكن انتابني شعور غريب تملكني في تلك اللحظة.. لابد من الصعود... وبداعٍ من الحماس والنشاط صعدتُ ذلك الجبل ولكن عندما صعدتُ قليلاً أحسستُ بالتعب نوعاً ما, فجلستُ لكي أنال قسطاً من الراحة أسترد فيها أنفاسي, ولكن هل ستطول الاستراحة؟ لا.. لابد من الصعود فالوقت يداهمني, فصعدتُ بقليل من الحماس وقليل من الإصرار ثم صعدتُ وصعدتُ, حينها بدأت ذاكرتي تستعرض الكثير من الذكريات والمواقف وبدأ شريط الحياة يدور في مخيلتي فتذكرتُ الأسود الشجعان في القتال, أبناء الحشد الشعبي الغيارى, حلمتُ بأنني منهم وأنا على جبل من تلك الجبال تذكرتهم, وقبلهم الأبطال في اليمن, وفلسطين, وسوريا وتذكرت الأبطال في لبنان عندما تصدوا للعدوان الإسرائيلي, وغيرهم من الأبطال الصامدين, هؤلاء الأسود التي طالما زأرت غيرة على هذا الدين..
في خضم هذه الأفكار نظرتُ إلى القمة نظرة مفعمة بالشوق والتعب وتساءلت:
ترى هل هي طيبة المقام إلى هذا الحد؟ وأدركتُ الجواب عندما رأيتُ شموخها وهو يلوح في الأفق وكأن لسان حالها يقول: "هي العزة لا تأتي إلا فوق القمم".
صعدت بدافع من الحماس ونظرات التعب والأسى تستبعد القمة ولكن لابد من الوصول إليها, في هذه الأثناء حلمتُ بأنني أحمل أمتي معي كما يفعل أولئك الأبطال.. للأسف كان مجرد حلم ولكنه جميل.. جميل جداً.. صعدتُ وصعدتُ وقد أدركني التعب.. وبنظرة مفعمة بالأمل أحسستُ بالارتياح وأنا أرى القمة وقد بسطت لي ذراعيها.. صرختُ بكل ما أملك من الصوت ولأول مرة في حياتي.. بسعادة غامرة وفرحة كبيرة.. كبيرة جداً, سيطرت على جميع مشاعري, وقفتُ أنظر إلى جميع الجهات "ما أروع القمة".
أحسستُ بأني أملك كل ما حولي..
عندها تساءلت بأسى: ترى متى أرى أمتي فوق القمة, وأراها تملك الدنيا بأسرها كما كانت من قبل؟ حلمتُ بأن الجبل بصمته الرهيب يجاوبني: بأنها لن تبلغ القمة إلا على أكتاف الأبطال الذين ينذرون أنفسهم للأمة ودينها القويم..
اضافةتعليق
التعليقات