(يقدر الله الأمور ويدبرها)، الجميع يردد هذه الكلمات ولكن هناك خط فاصل بين من يفهمها بعمق والانعكاس لمواقف وتجارب حياته، ومن يرض بها ككلام الله لا خلاف عليه، ولهذا هم يعافرون في أقدارٍ لم تكن لهم أو ليس وقتها المسجل لهم ويتعلقون بها ويبذلون أقصى الجهد للوصول ويواجهون الصعوبات دون فائدة.
يقول الله عز وجل: "يُدَبِّرُ الْأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الْأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ * ذَلِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ" السجدة/5-6 . يفسرها أهل العلم (إن الله تعالى يقدر أمور الكائنات، على ما اقتضته حكمته وسبقت به مشيئته).
ولتقريب المعنى أكثر هناك فئة من البشر يحاول ويصارع لإيجاد حلا لأمور أغلقت أبوابها بوجهه دون ذنب أو خطأ ارتكبه أو أشخاص ابتعدوا عنه لا يعرف أسباب الابتعاد والكره أو الانزعاج منه لو كان لديه إيمان بالترتيبات الإلهية ولو كان يؤمن أنّ الله يدبّر الأمور، ويرتبها على أحكام عواقبه، وأنها أحكام وأقدار ومسببات يضعها الله له إما لإعطاء درس لكسب الحكمة أو خبرة أو الرجوع إليه ليهتدي ويراجع نفسه وأفعاله، ولم يكن متألما وحزينا ويندب حظه.
الله يريد بك خيرا فمن يؤمن إيمانا كاملا بهذه العبارة، اختلف تفسيره حين يرى صورا مختلفة وأشكالا عجيبة وأشياءً وممتلكات تدهشه ويتمنى أن يملكها ويرى أناسا تعيش لحظات ممتعة يسرح بخياله ويحلم أن يكون يوما مثلهم فيتمسك بكل خيط يوصله.
أن تقاوم وتسعى في شيء هو عين النجاح وأن تتراجع وتيأس بسرعة هو عين الفشل ولكن دائما تمسك بإثنين أولهم الإيمان بالله وأن الله يسهل لك أمورا فيها خير وصلاح وثانيا السعي بالطرق الصحيحة.
هناك وجهين لعملة وحقيقة واحدة، فمن يقول أننا يجب أن نتمسك ونحارب من أجل أن نصل لما نريد فهذا صواب ومن يقول نؤمن بتدبير الله وندَعِ الأُمورَ تَجْرِي في أَعِنَّتِها، وتَسِيرُ في مَجْراها الطَّبِيعِيِّ فإن كان فيه خير لتحقق.
والمفهوم الأصح نستمده من قول الإمام علي ابن ابي طالب (عليه السلام): "كُلّ متوقعٍ آتٍ، فتوقّع ما تتمنّى"، فلا تتجاهل اشارات الله والتدبير الإلهي فالله دائمًا أحن بعباده والله يعلم وأنتم لا تعلمون، ربما ما تريده ليس وقته وهناك تدبير إلهي سيأتي في وقت لاحق يسعدك.
فاعمل بما تستطيع وأنت مؤمن أن الله سيعينك ويحققه لك بالوقت الصحيح والمكان الصحيح والأشخاص الصحيحة.
وخير ما ندعوه عند بداية كل مشروع أو عمل أو تجربة جديدة بعد التوكل على الله قول:
(اللهم إن كان لك فيه رضا ولي فيها صلاح فيسره لي).
وخير ما نختم به كلامنا هذا الدعاء المبارك: "بكلّ رضا الحمد لله على كل شيء، الحمد لله على النصيب والقدر والمكتوب، الحمد لله وقت الفرح ووقت الانكسار، الحمد لله في الشِدّة والرخاء، الحمد لله على المنع قبل العطاء، الحمد لله بلا سبب ولا طلب، الحمد لله على ما مضى وما تبقى وما هو آتٍ، الحمد لله على كل حال، والحمد لله دائمًا وأبدا."
اضافةتعليق
التعليقات