اقترب الاربعين، واقتربت المسافات البعيدة التي قطعها الوافدين الى كعبة العشاق، لأداء فريضة الاربعين، تجتمع قلوبهم وخطواتهم وان فارقهم البلد والعمر، الا ان طريق الحسين هو من يجمعهم، منهم من قضى اياما في قطع المسافة ومنهم من دفع الاموال لينال تذكرة الاربعين، وعلى اكتافهم رايات الولاء والتجديد لهذه المسيرة، فكل عام يزداد الوافدين حتى بلغ الملايين، لا يقارن بشيء ولا يقارن به، وان صغرت المدينة بقياسها الا ان احضانها تتسع بعلم الملكوت لتحتضن الملايين، فكيف بمدينة صغيرة تتسع لهذه الجماهير وكيف لا ينفذ الطعام ولا الشراب؟، ولم تشهد حالة من الضيق او اختناق، كما نراه في موسم الحج الاكبر فترى مكة المكرمة تزدحم بحجاجها الكرام؟.
كما جاء في الخبر بأن الله عز وجل أوحى الى ارض الكعبة التي افتخرت بنفسها انه لولا أرض كربلاء ما فضلتك، فقد روي عن ابي عبد الله (سلام الله عليه) "ان ارض الكعبة قالت من مثلي وقد بني بيت الله على ظهري، يأتيني الناس من كل فج عميق، وجعلت حرم الله وامنه، فأوحى الله اليها: كفي وقري ما فضل ما فضلت به فيما أعطيت أرض كربلاء الا بمنزلة الابرة غمست في البحر، فحملت من ماء البحر، ولولا تربة كربلاء ما فضلتك، ولولا من ضمته كربلاء لما خلقتك، ولا خلقت الذي افتخرت به، فقري واستقري وكوني ذنبا متواضعا ذليلا مهيناً، غير مستنكف ولا مستكبر لأرض كربلاء والا مسختك وهويت بك في نار جهنم"( وسائل الشيعة. جزء 14 / ص 514).
وان دل على شيء فهو يدل على عظمة هذه المدينة التي شرفها الله بهذه المنزلة فأصبحت ملاذ المؤمنين وعلاماتهم كما عبر عنها الامام العسكري (عليه السلام) أَنَّهُ قَالَ: "عَلَامَاتُ الْمُؤْمِنِ خَمْسٌ: صَلَاةُ الْخَمْسِينَ، وَزِيَارَةُ الْأَرْبَعِينَ، وَالتَّخَتُّمُ فِي الْيَمِينِ، وَتَعْفِيرُ الْجَبِينِ، وَالْجَهْرُ بِبِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ"، ولا يقتصر ذلك على زيارته فقط سلام الله عليه من تراب قبره والتبرك فيه، والاجابة تحت قبته، ولا تعد ايام زائريه جائيا وراجعا من عمره، وان الزائر العارف بحق الامام يستجاب له.
وعن الحسن بن علي الوشاء قال: قلت للرضا (عليه السلام) ما لمن زار قبر أحد الائمة سلام الله عليهم؟ قال الرضا (عليه السلام): "له مثل من أتى قبر أبي عبد الله سلام الله عليه، قال الوشاء وما لمن زار قبر أبي عبد الله سلام الله عليه، قال الرضا (عليه السلام): الجنة والله.
وفي رواية اخرى عن الامام الصادق (عليه السلام) عندما سأله زرارة فيما تقول فيمن زار اباك على خوف، قال الامام (عليه السلام)، "يؤمنه الله يوم الفزع الاكبر وتلقاه الملائكة بالبشارة ويقال له لا تخف ولا تحزن هذا يومك الذي فيه فوزك".
فضل التسبيح بتربة الحسين: عن الامام الصادق (سلام الله عليه) "من أدار سبحة من تربة الحسين لام الله عليه مرة واحدة بالاستغفار او غيره كتب الله له سبعين مرة، وان السجود عليها يخرق الحجب السبع".
المشي لزيارة الحسين (عليه السلام) من خلال ذكر الثواب لذلك ففي كامل الزيارات، عن أبي سعيد، عن الحسين بن ثوير بن أبي فاختة، قال: قال أبو عبد الله (عليه السلام): يا حسين من خرج من منزله يريد زيارة قبر الحسين بن علي (عليهما السلام) إن كان ماشيا كتب الله له بكل خطوة حسنة ومحى عنه سيئة، حتى إذا صار في الحائر كتبه الله من المفلحين المنجحين، حتى إذا قضى مناسكه كتبه الله من الفائزين، حتى إذا أراد الانصراف أتاه ملك فقال: ان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقرؤك السلام ويقول لك: استأنف العمل فقد غفر لك ما مضى.
فهنيئا لكم ايها السائرين نحو الحسين (عليه السلام) هذه المكانة والفضل حتى ان الامام الصادق (عليه السلام) يدعو لكم:(يامن خصنا بالكرامة ووعدنا بالشفاعة... اغفر لي ولإخواني ولزوار قبر الامام الحسين (ع) الذين أنفقوا اموالهم وأشخصوا أبدانهم، اللهم فارحم تلك الوجوه التي غيرتها الشمس، ارحم تلك الخدود التي تتقلب على قبر أبي عبد الله (ع)، وارحم تلك الأعين التي جرت دموعها رحمة لنا، وارحم تلك القلوب التي جزعت واحترقت لنا وارحم تلك الصرخة التي كانت لنا، اللهم اني استودعك تلك الأنفس وتلك الأبدان حتى ترويهم من الحوض يوم العطش)، فلا تضيعوا هذه الكرامة وحافظوا على زيارتكم وادعوا الى امام زمانكم بالفرج والعجل، ففي ذلك فرجكم .
اضافةتعليق
التعليقات