يشهد العالم العربي في الآونة الأخيرة وبالأخص في فلسطين الحرة هجمات وحشية ومدمرة تقصدت مدينة غزة وراح ضحيتها مئات الأبرياء الذين ماتوا تحت أنقاض بيوتهم جراء القصف الحاصل من الكيان الغاصب.
ولقد كان الاستهداف مركزا على شريحة الأطفال لكون العدو يعلم جيدا بأن هذا الجيل سيكون شاهدا على ما يحصل لأن جميع الأحداث والصور تجسدت في أذهانه بسبب المعاناة التي عاشها، وبالتأكيد سينزرع الحقد الجسيم تجاه الصهاينة وكل الداعمين لها وسيعرف هذا الطفل جيدا كيف يأخذ حقه منهم عندما يكبر.
وتبقى القلوب دامية لكل المشاهد المأساوية التي تمر علينا، ومن هنا يترتب علينا أن نصدح بالحق ونقف مع المظلوم بكل الطرق والوسائل.
ومع انتشار الظلم في العالم وفضح أوراق العدو من المهم جدا أن نبين لأطفالنا الجبهة الظالمة والجبهة المظلومة.
والكثير قد يتساءل كيف نزرع الوعي في نفوس أطفالنا مع ما يحصل اليوم في العالم؟
الأطفال فطنين جدا ومن البديهي عندما يرون أهاليهم يشاهدون الأخبار أو يتحدثون فيما بينهم عن الأوضاع في غزة أن يتساءلوا عن ذلك ويأخذهم الفضول وحب التطلع لمعرفة ما يحدث في العالم.
والأطفال بعد عمر السبع السنوات يتفعل عندهم الجزء المسؤول عن التعقل في الدماغ، ويبدأون في استيعاب الأشياء وتعقلها، لهذا السبب من الجيد أن نضعهم على الاطلاع بما يجري في العالم بطريقة مبسطة، ونبين بأن هنالك جهة ظالمة وجهة مظلومة ومن المهم جدا أن نقف مع الناس المظلومين في العالم ونميز الصديق من العدو، وأن الجهة الفلانية أعدائنا لأنهم يؤذون الناس ويفعلون كذا وكذا...الخ، مع منعهم من مشاهدة الصور والمقاطع الدامية تماما.
فمثلما هنالك أناس طيبون في العالم وهنالك أشرار يملأون العالم أيضا، لذا يجب على الطفل في مرحلة عمرية معينة أن يكون على اطلاع بسيط بما يجري ليميز الخير من الشر ويتعلم المبادئ الإسلامية التي تحث المرء على الوقوف بوجه الظلم ومساندة المظلومين في كل أنحاء العالم.
وحتى يكون الأمر أكثر وضوحا لكم سأنقل رد السيد "محسن المدرسي" لابنته التي سألته (بابا ليش تشوف أخبار؟)
"هذا سؤال ابنتي ذات الـ 12 عاماً.. فمنذ السبت، على كل مائدة تجمعني مع العائلة، أتابع أخبار فلسطين على منصة الجزيرة المهجورة عندي منذ أحداث الربيع العربي، والتي ستكون مهجورة بعد الأحداث حتما.
أختار هذا التوقيت، حتى ترى أسرتي تلك الأحداث، فمع صغر سن الأولاد، إلا أنهم وصلوا إلى عُمِرٍ ينبغي أن يتعرفوا على حقيقة العالم المحيط بهم شيئاً فشيئاً.
صحيح أن مسؤولية الوالدين هي حماية الأطفال عن كُلّ أنواع الأخطار بما فيها الفكرية وأن لا يتعرضوا الى شيءٍ لا تستطيع تحمله أذهانهم الترفة، ولكن مع ذلك ينبغي أن يتراجع الوالدين عن الحماية هذه شيئاً فشيئاً، ليفهم الأطفال بعض تحديات الحياة في جرعات صغيرة، فتصقل شخصياتهم، مع وجود رقابة وحماية من الوالدين، والا ستصدمهم الحياة فجأة. فطفلتي ذات ،12 و9 أعوام، صارتا مهيَّئتين للتعرّف قليلاً عن معاني الظلم والاضطهاد والخداع والمكر، ومصاديقهما المنتشرة في العالم كله، لأن الأطفال - كما يقول السيد الوالد دائماً - يفهمون أكثر بكثير مما نظن دون النظر إلى الصور المفجعة والدموية قطعا.
وفائدة ذلك أيضاً، أن يعرفوا بعض الحقائق بأنفسهم، فيفكّروا ويطرحوا الأسئلة بأنفسهم دون الحاجة الى تلقيمها كلّها لهم. سألتني ابنتي أمس:
-بابا، ليش يوميا تشوف أخبار فلسطين؟ وليش تشوف أخبار اصلا؟
-حته أفهم شنو ديصير
-وبعدين؟
-اذا فهمت اللي ديصير رحت اعرف شنو لازم اسوي، وحتى ما انخدع
-يعني شنو؟
اعرف الزين من الموزين ومنو ويّة، الزين ومنو وية الموزين ويعني اعرف صديقي من عدوي ولا انخدع بعدين بيهم، فمثلا الان اللي عرفت إS-S رائيل وجرمهم، فاذا اجه واحد وقال خلي نصادقهم، اعرف هذه خدعة.
فكّرت قليلاً، ثم سكتت...
إنَّ متابعة الأحداث اليومية، خصوصاً أخبار فلسطين ومعركتها البطولية هذه الأيام، بما في ذلك من مآسي، أمر ضروري لا للنظر في الخطط العسكرية وأعداد الضحايا، بل للتعرّف على هذا العالم بواقعية، ومعرفة الخطوط المتصارعة، وفضح زيف كثير من الشعارات البرّاقة التي حملها الغرب - أو غربي الهوى - معولاً للطرق على رؤوسنا، بل للتدخل في بلادنا ضماناً لمصالحهم. والتعرّف هذا يمنع الانسان من الخداع أولا، ويجعله قادراً على فهم الأحداث فهماً صحيحاً دقيقاً، وبمقدار طاقته إن شاء الله، وتلك فرصة كبيرة لشبابنا اليوم، فلا تضيعوها".
اضافةتعليق
التعليقات