تُعدّ ولادة السيدة فاطمة الزّهراء بنت محمد التي وقعت في العشرين من جمادى الآخرة حدثاً فريداً ونقطة ضوء ساطعة في تاريخ الرسالة المحمدية.
لم تكن هذه الولادة مجرد إطلالة لطفلة في مكة بل كانت إشراقاً لنور إلهي أعدّه الله ليكون الوعاء الطاهر الذي يحفظ نسل النبوة ويحمل أمانة الإمامة.
المولد في بيت النبوة والتحدي
وُلِدت فاطمة (عليها السلام) في مكة المكرمة في أحرج الفترات التي مرّت بها الدعوة الإسلامية.
كانت قريش تمارس أشد أنواع الأذى والحصار على النبي وأهل بيته. وقد جاءت هذه المولودة المباركة في وقت كانت فيه السيدة خديجة الكبرى (عليها السلام) أحوج ما تكون إلى سند وكان النبي أحوج إلى ريحانة تؤنسه.
هي ثمرة أطهر زواج: فأبوها هو سيّد الكائنات، محمد بن عبد الله الذي يمثل قمة الطهر الإنساني وأمها هي السيدة خديجة بنت خويلد (ع) أول من آمنت به وضحّت بكل ما تملك لدعم الدعوة وهي مثال للزوجة المؤمنة العاقلة.
كانت البيئة التي نشأت فيها فاطمة (ع) هي بيئة الوحي الإلهي والتضحية المطلقة مما أهّلها للمكانة العظيمة التي وصلت إليها.
كرامات الولادة والأسرار الإلهية
تؤكد الروايات الشريفة أن ولادة الزهراء (ع) كانت محفوفة بكرامات ومعجزات إلهية تؤشر إلى عظمتها التي لا تضاهى.
العون السماوي والنور الإلهي:
عندما حان وقت ولادتها أحسّت السيدة خديجة بالوحدة لأن نساء قريش كن قد قاطعنها لمساندتها النبي هنا، تدخلت العناية الإلهية: فقد دخل عليها أربع نسوة طاهرات كنّ خير نساء العالمين في عصرهن: سارة زوجة إبراهيم وآسية بنت مزاحم زوجة فرعون ومريم بنت عمران وكلثم أخت موسى (عليهم السلام) بعثهن الله خصيصاً لمساعدة خديجة في أمر ولادتها إجلالاً للمولودة المنتظرة.
بمجرد ولادتها أضاء نور ساطع من فاطمة (ع) عمّ أرجاء البيت ووصل إشراقه إلى سماوات مكة مما جعل الملائكة تهلل وتسبح. ويُروى أن المولودة تكلمت عند ولادتها إعلاناً لوحدانية الله ورسالة أبيها.
التسمية والألقاب التي اختارها الله
لم تكن تسميتها اختياراً عادياً، بل كانت بأمر إلهي، تحمل في طياتها دلالات عظيمة. سميت فاطمة لأن الله فطمها (أي فصلها ونجاها) ومحبيها وشيعتها من نار جهنم، أو لأنها فُطمت عن الطمث والأدناس، دلالة على طهرها وعصمتها.
أما لقب الزّهراء فجاء لأنها كانت بيضاء مُزهرة الوجه ولقد كانت عبادتها مميزة فإذا قامت في محرابها أشرق نورها لأهل السماء كما يشرق نور الكواكب لأهل الأرض فكانت تُضيء بنورها للدنيا والآخرة ومن ألقابها الشريفة أيضاً الصّدّيقة لشدة صدقها والمباركة لكونها منبع الخير وهي قُرّة عين الرسول ومصدر سروره وأُنسه.
فاطمة.. ثمرة الإسراء والمعراج
تشير روايات شريفة إلى سرّ روحاني عميق وراء ولادتها؛ حيث قيل إن المادة الطاهرة التي تشكّلت منها فاطمة (ع) جاءت من ثمرة تناولها النبي في رحلة الإسراء والمعراج. عندما عرج به إلى السماء أكل من فاكهة الجنة، ولما نزل نُقلت هذه الطهارة الروحية إلى السيدة خديجة فكانت فاطمة (ع) ثمرة روحانية سماوية بامتياز تختلف عن باقي البشر.
بداية القدوة
إن ولادة فاطمة الزّهراء (ع) هي بداية لحياة القدوة والتضحية التي ستمتد لأجيال لقد جاءت إلى الدنيا لتكون سيدة النساء والمحور الذي سيلتف حوله نسل النبوة وحملة أمانة الإمامة ولذلك كان النبي يعتني بها عناية فائقة، ويرعاها تربوياً وروحياً، استعداداً لدورها العظيم في حفظ شجرة الرسالة المحمدية ومنحها لقب بضعة مني.








اضافةتعليق
التعليقات