"كانوا بعض أنفار جالسين توسطهم شخص متكلم، فاستأذن أحدهم للدخول بعد أن سلّم فرَدَ عليه الجميع السلام، وبعد أن أبدوا الترحيب؛ وجد لنفسه مكانا وجلس..
قال المتكلم بعد أن استرسل في كلامه وأنهاه: في مجيء هذا الشخص درس نتعلمه؟! قالوا: وما هو؟ قال: ألم تروا ألا أحد منكم قام وأعطاه مجلسه/مكانه.
إذ إن لا أحد مستعد أن يُعطي مكانه لأحد لذا تعلموا أن لا تنتظروا أن يعطيكم احدهم مكانه بل خذوا انتم أماكنكم: جدوا واجتهدوا".
سماع هذا الكلام لأول وهلة، تراه كلام مُلهم وفيه جانب من التحفيز لكي يسعى الإنسان ليُوجد لنفسه مكانة، لكن شيء ما يدخل في النفس! شيء أشبه بالخلل [القيمي] في رسالة هذا الموقف؟!
فكان أول ما خطر في الذهن هو قوله تعالى: {فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ} (المجادلة: 11).
نعم: لعل في هذه الآية الجواب القيمي الذي لم ينبه عليه المتكلم؟! بلى، وكأنه قد جمّل لهم واستحسن موقفهم عندما ظلوا جالسين في أماكنهم...؟ نعم - وللإنصاف - كان هناك مكان يسع الجميع.
لكن قبل ان أتساءل، وبعد أن وصلتك هذه الرسالة من هذا المتكلم لو كنت هناك وفي ذلك الموقف.. هل كنت ستعطي مكانك؟!.
هل كنت ستفسح لهذا الانسان مجالاً، لكي يكون له مكان يجلس فيه، وتضيق على نفسك؟
اختبر قيميتك؟! واحتفظ بنتيجتك لنفسك..
عموماً أنا اثق بقيميتك، ولعلك جربت ذلك كثيراً، وقد التفت الى ثمرة ذلك وهي أن الله تعالى بعد أن اعطيت لغيرك فسحة ومجالاً ومكاناً هو جازاك وكافاك وفسح لك.
قد يكون ظاهراً المكان فعلاً ضيق لكن ألم تشعر أنك غير متضايق، لماذا؟!
لأنك امتثلت لقيميتك، لفطرتك التي في داخلك فهناك بالمقابل فسح معنوي إلهي أي إن قلبك يشعر بالانشراح، وإن كان بدنك غير مرتاح؛ تشعر أن هناك اتساع، وإن كان ليس هناك في المجلس متسع.
وهناك فسح مادي إلهي يحصل بعد أن يترك بعض الجالسين المكان فيعود ويتسع كما كان؛ فقط تذكر وستدرك ما أقصد، وإن لم تجرب فعليك أن تجرب بأن تلتفت لما يحصل..
هذا جانب يتعلق بآداب الجلوس من الآية لكن ليس المعنى متوقف على هذا فقط حيث يمكن أن نتوسع ونتأمل بجانب آخر في هذا النص القرآني القيمي:
كأن تعطي أحد ما من مواهبك وقدراتك وامكانياتك وخبراتك فإن الله تعالى سيوسع عليك وسيزيدك موهبة وقدرة وإمكانية ويفتح أمامك أبواب جديدة وسيفسح لك آفاق جديدة..
هل جربت..
- أن تشارك أحدهم أفكارك لكي تنجح أفكاره دون مقابل؟
- أن تُعلم احدهم شيئا تعلمته كان يجهله فرفعت عنه جهله؟
- أن ترى أن هناك من هو اكفأ منك فتركت له الفرصة ليحظى باستحقاقه ومكانه؟
وانظر بعدها كيف..
_ إن الأفكار الجميلة ستطرق باب ذهنك دون استئذان..
_ وأن الله تعالى يعلمك ما لا تعلم، ويسد نقصك ويسددك لإكمال عملك بجدارة واتقان..
_ وإن الله تعالى سيضعك في المكان الذي يناسبك وتكن به موفقاً..
انه [قانون الوفرة] كما يُعبرون فهناك مكان يسع الجميع وامكانيات قد وهبها الله تعالى للجميع..
ألست مؤمن برب العطاء، لذا اطمئن لن يأخذ أحد مكان احد، ولن تخسر من امكانياتك وخبراتك إن اعطيتها لمُجِد لم يَجد من يرفعه للمَجد.
تذكر، انك ومكانك وإمكانياتك قد تسلب في لحظة منك لأنك وهي ملك لله تعالى فلا تشح نفسك في البذل بما ليس في الأصل هي لك ملك.. بل افسح لغيرك وابذل منها لكي يديمها ويزيدها عليك ربك؛ وتأكد كلما اتسع قلبك للغير سيتسع لك كل شيء..
اضافةتعليق
التعليقات