كثيرة هي تلك الاقدام التي مرت في هذه الدنيا.. بعضها تلاشت بموت صاحبها فلا تجد لها أثرا ولا هدفا ولا ذِكر، وبعضها حفرت لنفسها موضع في طيات هذا العالم لتُخلد، فتحولت الى مصادر فخر وانتفاع.. واحدى وسائل ترك الأثر وتخليد الذِكر حتى بعد الفناء هي "الكتابة".
من هنا انطلق الكاتب حسين المتروك في عمل ورشة لكتابة مسودة رواية مستوحاة من واقع تجربته في الكتابة، استمرت الرواية لأكثر من ثمان اسابيع تضمنت معلومات مهمة وطرق مختصرة نحو الابداع في كتابة الرواية عبر فيديوات مسجلة ومباشرة ترسل من الكاتب بالإضافة الى التمارين التي تُحفز وتُنمي القدرات، تُعقب بملاحظات وتعديلات من الكاتب حسين المتروك .
قسم الكاتب الورشة الى ثلاثة اقسام رئيسية :
1. صناعة الأفكار
• الشغف والعادة
في البداية انت تحتاج الى الحب اتجاه الكتابة لتتقدم بها.. هنا انت تحتاج الى اشعال شغفك اتجاه عملية الكتابة.
والسؤال: كيف تبقي شغفك حياً؟
في البداية عليك ان تحول الكتابة الى عادة.. اسرق وقتاً من يومك وخصصه للكتابة، التزم كُل يوم، أكتب عن شيء، أشياء تعرفها، أشياء لا تعرفها. المهم أن تكتب.
ثق ان هناك من سيقرأ أدبك حتى وان كان ضعيفاً، المهم انك تعرف كيف تطور هذا الادب كيف تتقدم، لاتقف وتقول: أنتهى !فالبعض ينجح من أوّل كتابة والبعض الآخر لا، هوَ بحاجة للعمل الجاد.
" لا تجلس وتُخبر ذاتك بأنّك بانتظار الإلهام، أنتَ اصنع اللحظة".
• الافكار الخام :
من أين نأتي بالافكار الخام؟
الحياة مليئة بالمواقف التي تُولد الفكرة في عقل الكاتب.. مكان العمل، الشارع، المقهى، الافلام ...
الأفكار في كُل مكان، أنت بحاجة فقط لاتباع نمطك في اصطياد الأفكار .
وعليك معرفة انها لايمكنك ان تأتي بشيء جديد كلياً في عالم الكتابة ولكنك قادر على دمج بعض الافكار المعروفة وتوظيفها في مكان مختلف عن المعتاد فتُبدع .
" ملف الأفكار – فكرة مُهمّة لكل كاتب – يجب أن يكون لديك ملف أو دفتر أو أي شيء يكون معك باستمرار لتدوّن به مختلف الأفكار التي تطوف حولك في كُل يوم".
• الحبكة الروائية :
عبر حبكة ممتازة لروايتك، القرّاء لن يكونوا قادرين على التوقّف. سيقلّبون الصفحات بسرعة للوصول إلى النهاية بكل متعة وسرور. أو ألم وأسى.
لعمل حبكة ممتازة أنت بحاجة الى تعذيب البطل، تغلغل الشر فيه، وضعه في ظروف صعبة، أنت لست بحاجة الى بطل مثالي.. أترك بطل روايتك يعاني، يخسر، يمرض، بعدها بيّن كيف سينتصر، كيف يتغلب على الظروف.
أنت بحاجة للفّ والدوران والتقلّب ومفاجأة القرّاء. لتحصل على رواية مؤثرة .
2. صناعة نظام
• البحث :
البحث قبل البداية بكتابة روايتك أو حتّى تخطيط روايتك النهائي يُعطيك ثقة، يزوّدك بالكثير من الأفكار. البحث عادةً يُعطيك مصداقية كبيرة جداً في عالم الكتابة.
لاتجلس وتكتب دون ان تكون لك خلفية جيدة عما تكتب عنه.. فالبحث لمصلحتك ومصداقيتك .
قُم بالبحث ولا تتردّد. يأخذُ وقتاً، لا بأس بذلك.
• المخطط:
يُعد المخطط بمثابة الهيكل العظمي لكل رواية.
أكتب في المخطط مشاهد فصولك. بشكل كامل، مع بعض التفاصيل التي تجعلك لاحقاً قادراً على الكتابة.
• حبسة الكاتب :
حالة مزعجة يمر بها اغلب الكتاب، لتغلب عليها انت بحاجة الى الكتابة.. فالكتابة هي العلاج الوحيد لهذه الحالة .
حين تشعر بهذه الحالة لاتضغط على نفسك، لاتجهد عقلك كل ماعليك هو الهدوء قليلاً، تغير الاجواء، ترك الكتابة والعودة اليها بعد وقت قصير، الأمر بسيط لاتعقده .
• صناعة الشخصيات :
الشخصية المُلهمة عادةً تقود الرواية للأفضل، الشخصية التي تمتلك أسبابها الخاصّة تصنع ترابط مع القرّاء بشكلٍ ما .
*ضعوا لهم أهدافا:
خصوصاً الشخصيات الرئيسية، هدف قويّ جداً يجعلك قادر على بناء حبكة روائية قويّة.
*ليكن لديهم دوافع:
الدوافع هيَ أشياء تقود شخصياتكم للوصول إلى الأهداف الخاصّة، أحياناً قد تكون هذه الدوافع سلبية مثلاً: الخوف، أو الندم الشديد، أو سمات سلبية أخرى مثل الغرور أو الطمع، أو أيضاً قد تكون إيجابية مثل: الحُب أو الشغف أو الإصرار. المُهم أن تكون لديهم دوافع للوصول إلى أهدافهم، ويجب أن تكون هذه الدوافع ممكنة التصديق وقابلة للتطبيق.
*أعطهم سبب:
قرّروا كيف يُمكن لشخصياتكم الإضافة إلى الحبكة، هل سيسببون تعقّد في العمل وسيصنعون عُقدة ما؟ أو سيطوّرون العاطفة في العمل؟ إن لم تكن أيّ من هذين الأمرين في الشخصية فما الداعي لظهورها على الورق؟
3. كتابة الرواية
• السطر الأول
سواء كُنت تكتب السطر الأوّل لكتابك او كُنت تبدأ فصل جديد في روايتك. عليكَ الانتباه على الأسطر الأولى التي تكتبها. من جُملة أو جملتين عليك باقناع القارئ أنّه عليه استكمال قراءة روايتك.
من أمثلة البدايات المذهلة :
“كل العائلات السعيدة تتشابه، لكن لكل عائلة تعيسة طريقتها الخاصة في التعاسة” من آنا كارنينا – للكاتب ليو تولستوي.
“إنها حقيقة معروفة عالمياً أن كل رجل أعزب صاحب ثروة بحاجة إلى زوجة” من كبرياء وهوى – لجين أوستن.
“عندما استيقظ غريغور سامسا في الصباح وجد نفسه وقد تحوّل حشرةً عملاقة” من المسخ – كافكا.
• الحوار :
بكل بساطة أكتب حواراً تود أن تقرأه.
في الغالب عليك كتابة حوار بديع ومهم ويجب ان يكون مدروسا .
نحن نكتب الحوار لخمسة اشياء :
1. الكشف عن هوية الشخصية.
2 . تفعيل الحدث وجعله حيا.
3 . لإضافة توتر او تعقيد.
4 . لأعطاء معلومات.
5. لاضافة مساحة بيضاء (العين تتعب من قراءة السرد).
• صناعة فصل :
نحتاج لصناعة فصول تحرك الرواية الى الأمام.
أجعل كل فصل وكأنه فيلم يمكن للقارء ان يشاهده في عقله وينصت للأصوات الخارجة منه، أو حتى معرفة العطور المنبثقة من الفصل.
• الختام :
تذكر انك تقود القارء منذ البداية الى هذا المكان (الختام) فإن لم يكن الختام بشكل يرضي القارئ فقد تخسر الكلمة الطيبة التي تُقال عن عملك، او قد تخسر النشر حتى ..!
اكتب الختام الذي يصنع منطقاً وعاطفة، أكتب نهاية تُخلد في ذاكرة القراء.
• التحرير :
لا تهملوا التحرير، العملية الأهم في عالم اليوم.
رأيي المتواضع :
الورشة كانت مُتكاملة، مُطورة، مُحفزة نحو الأبداع في عالم الكتابة.
أسلوب الاستاذ حسين المتروك في الطرح كان شيقا، ممتعا، ينعش الحرف.
كل الشكر للأستاذ، والمزيد من التوفيق والأبداع .
اضافةتعليق
التعليقات