لقد تقادم عصر المعلومات تقادم الكومبيوترات البالغ عمرها عشرين عاما، فلماذا نتكلم عن عصر كانت أجهزة الكومبيوتر فيه لا تعالج سوى البيانات، بينما نجدها تعالج الآن الصور، والفيديو والصوت، بالقدر ذاته من السهولة؟
ويسبق عصر المعلومات من حيث التاريخ كل ما نراه الآن معاصراً، وواقعاً حيا بيننا لا يمكننا الاستغناء عنه، لقد ثابر الجنس البشري على قياس مدى ما أحرزه من تقدم من زاوية التكنولوجيا، ومنذ فجر التاريخ، كان كل عصر يأخذنا قدما على نحو أكثر سرعة من العصر الذي سبقه.
ويتخطى تأثير الصدمة التي تسببها ثورة الانفوميديا مجادلات الاعمال والمجالات الصناعية، لتؤثر فينا جميعاً على مستوى شخصي تماماً. فلا يمكن لسيماء التكنولوجيا والاقتصاد أن تتغير تغيرا جذريا دون ان تترك تأثيرا اجتماعيا شديد العمق.
ترى كيف ستؤثر الانفوميديا في حياتنا؟ وكيف ستغير العالم الذي سينمو فيه أطفالنا؟ مما لا شك فيه أنها ستؤثر فينا بطرق عديدة، أسلوب عملنا، وحياتنا المنزلية، وكيف نعلم أطفالنا، وكيف نسلي أنفسنا. وستغير بالطبع في الأسلوب الذي نتبعه في أداء معظم أعمالنا العادية يوما فيوما.
كالتسوق والذهاب للمصرف والقيام بإجازة وعلى نحو له أهميته ودلالته فستحمل الينا طرقا جديدة للتفاعل مع الأصدقاء والأسرة، لتغير نسيجنا الاجتماعي في صميمه.
سينشأ أطفالنا في عالم مختلف تماما، لقد عاش أسلافنا وشيدوا العالم الصناعي الذي شهدناه في مطلع شبابنا. وقد قاد اجدادنا أول سيارات، وشاهدوا أول طائرات وهي تصعد في الهواء، وجلسوا مشدوهين امام أجهزة الراديو الاولى، وقد تسمرت اقدامهم. كما كان اباؤنا اكثر حظا، فقد واكبوا قدوم التلفزيون، وطيران النفاثات، ورحلات الفضاء، أما نحن فجيل انتقالي، ولد في عصر الصناعة ومستودعات الاليكترونيات، يشب مع اول كومبيوترات في عصر المعلومات، ويقف شاهدا على بزوغ فجر جديد ومختلف تماما: عصر الانفوميديا.
ان التغيير الذي ستحدثه ثورة الانفوميديا سيكون بالعمق وقوة التأثير ذاتيهما اللذين أحدثهما اكتشاف المعادن الاولى، وأول كومبيوتر. إن عصر الانفوميديا سيكون عصرا جديدا للعجائب.
ستحدانا الانفوميديا كي نعيد النظر الى قيمنا الأخلاقية على كلا المستويين الشخصي والقومي، فما دام في الإمكان مراقبة وتنظيم كل حركة الكترونية نقوم بها، فكيف يمكن الحفاظ على الخصوصية الشخصية؟ وما دامت الألعاب ستحفل بعنف يتزايد دوما، وأصبحت أفلام الاثارة الجنسية في متناول الجميع فكيف سيستعيد المجتمع اتجاهاته الأخلاقية؟ وكيف ستمتزج حرية التعبير مع قيم الاسرة في المجتمع الجديد؟ مما لا شك فيه ان تلك الثورة ستحمل الينا منافع هائلة على المستوى الشخصي، الا انها ستطرح أمامنا تحديات من نوع جديد تماما كي نتعامل مع نطاق جديد من القضايا الاجتماعية والأخلاقية.
اضافةتعليق
التعليقات