ترتبط صعوبات النوم وأعراض الاكتئاب ارتباطًا وثيقًا. وهناك علاقة ثنائية الاتجاه بينهما، أي أن أحدهما قد يؤثر على الآخر. يمكن أن يؤثر الاكتئاب سلبًا على جودة النوم، كما أن سوء جودة النوم قد يزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
إذا كنت تعاني من الأرق بشكل متكرر، فإن قلة النوم قد تُصعّب عليك التعامل مع التوتر والتحكم في مشاعرك. وإذا كنت تعاني من الاكتئاب، فإن مشاعر اليأس والحزن قد تمنعك من الاستمتاع بنوم هانئ. يمكن لمشاكل النوم والاكتئاب معًا أن يُوقعاك في دوامة من التدهور تُثقل كاهلك ويبدو من الصعب التخلص منها.
أبرزت العديد من الأبحاث العلمية العلاقة بين هذه المشاكل. على سبيل المثال، وجدت الدراسات أن مشاكل النوم غالبًا ما تكون علامة تحذير مبكرة للاكتئاب الشديد. ومن الممكن أيضًا، في كثير من الحالات، أن يكون سبب الاكتئاب ومشاكل النوم هو نفس المصدر. وقد تُبقيك أحداث الحياة المؤلمة، مثل وفاة شخص عزيز أو فقدان وظيفة مفاجئ، مستيقظًا طوال الليل، وفي الوقت نفسه تُحفز أعراض الاكتئاب. وكذلك فأن بعض سمات الشخصية، كالكمال، قد تُعرّضك لخطر الإصابة بالأرق والاكتئاب.
إذا كنت تُعاني من مشاكل النوم والاكتئاب، فاعلم أن هناك أملًا وخيارات متعددة للمضي قدمًا. يُمكن أن يُساعدك علاج مشاكل النوم على تخفيف أعراض الاكتئاب، كما أن إدارة الاكتئاب تُساعدك على الحصول على نوم أفضل. فأن كل شيء يبدأ بفهم كيفية تداخل النوم والصحة النفسية.
مشاكل النوم الشائعة المرتبطة بالاكتئاب
قد تُسبب بعض اضطرابات أو مشاكل النوم التالية الاكتئاب أو تُساهم فيه. ومن المُحتمل أيضًا أن يكون لبعضها نفس الأسباب العصبية أو الوراثية الكامنة وراء الاكتئاب واضطرابات المزاج الأخرى.
الأرق: الأرق هو عدم القدرة على النوم أو الاستمرار فيه. تُشير بعض الدراسات إلى أن ما بين 80% و90% من المصابين بالاكتئاب يُعانون أيضًا من الأرق المُصاحب. كما أن مُعاناة الأرق تزيد من خطر الإصابة بالاكتئاب.
فرط النوم: يتميز فرط النوم بالنعاس المُفرط. في هذه الحالة، يصعب على الشخص البقاء مُنتبهًا خلال النهار، حتى مع حصوله على قسط وافر من النوم ليلًا. وقد ينام لفترة أطول من المُعتاد. غالبًا ما يُبلغ الأشخاص المُصابون بهذا الاضطراب عن أعراض اكتئاب، وعادةً ما يُعاني الأشخاص المُصابون بالاكتئاب من النعاس المُفرط أثناء النهار.
اضطرابات الساعة البيولوجية: تتميز اضطرابات الساعة البيولوجية (أو اضطرابات دورة النوم والاستيقاظ) بمشاكل في الساعة البيولوجية، مما يؤدي إلى اضطراب أنماط النوم. بعض هذه الاضطرابات مرتبطة بالاكتئاب. على سبيل المثال، يُبلغ حوالي نصف المصابين بمتلازمة تأخر طور النوم (DSPS)، وهي حالة تُعيق قدرتك على النوم في الوقت المحدد، عن معاناتهم من أعراض اكتئاب متوسطة أو شديدة.
انقطاع النفس النومي: انقطاع النفس النومي هو اضطراب في النوم يتضمن توقفًا مؤقتًا في التنفس أو تنفسًا سطحيًا. كما أن المصابين به أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب. ومع ذلك، فإن لهذه الحالات بعض الأعراض المتشابهة، مثل التعب وضعف التركيز، مما قد يؤدي إلى تشخيص خاطئ. كلما زادت شدة انقطاع النفس النومي، زاد احتمال إصابتك بأعراض الاكتئاب أيضًا.
متلازمة تململ الساقين (RLS) : متلازمة تململ الساقين (RLS) هي اضطراب عصبي يتضمن رغبة قوية في تحريك الساقين بسبب أحاسيس غير مريحة، مثل الوخز أو الألم في الأطراف. ومن غير المستغرب أن يؤثر هذا على جودة نومك ومزاجك. تشير الأبحاث إلى أن حوالي 30% من المصابين بمتلازمة تململ الساقين قد يعانون أيضًا من الاكتئاب.
نصائح لعلاج مشاكل النوم لتخفيف الاكتئاب
النصيحة الأولى: تحسين عادات النوم
تشمل عادات النوم الصحية جميع الإجراءات البسيطة التي تتخذها لتحسين فرص نوم هانئ. قد لا تضمن هذه الخطوات النوم بسرعة كل ليلة، ولكنها قد تُسهّل عليك الحصول على نوم جيد. وهي: 1. ابحث عن الهدوء. 2. حافظ على غرفتك مظلمة. 3. أعد ترتيب فراشك وأغطية سريرك. 4. اضبط درجة حرارة غرفتك. 5. دوّن يومياتك قبل النوم. 6. تناول العشاء قبل موعد النوم بأكثر من ثلاث ساعات.
النصيحة الثانية: حدد موعدًا منتظمًا للنوم
يُعد الحفاظ على جدول نوم منتظم خطوة أساسية في الحفاظ على صحة نومك. عندما تستعد للنوم في نفس الوقت كل ليلة، يبدأ جسمك بالتعرف على النمط، ويصبح النوم أسهل. وينطبق الأمر نفسه على وقت استيقاظك. حدد موعدًا محددًا للنوم. ضع في اعتبارك عوامل مثل جدول عملك والأوقات التي تشعر فيها بالتعب بشكل طبيعي وموعد استيقاظك.
النصيحة الثالثة: خطط لممارسة نشاط بدني
أظهرت الأبحاث أن الأشخاص الذين يمارسون الرياضة بانتظام ينامون أسرع ويستفيدون من جودة نوم أفضل. كما يُمكن أن تكون الرياضة فعّالة في إدارة أعراض الاكتئاب. على المدى القصير، يُطلق النشاط البدني الإندورفين، وهي المواد الكيميائية الطبيعية التي تُشعر الجسم بالسعادة. ومع ذلك، فإن الالتزام بممارسة الرياضة على المدى الطويل يُمكن أن يُحفز نمو الجزء من الدماغ الذي يُنظم مزاجك.
النصيحة الرابعة: ركّز على خياراتك الغذائية
ما تأكله قد يؤثر على مزاجك وجودة نومك. على سبيل المثال، قد يؤدي الإفراط في تناول الوجبات السريعة والمشروبات السكرية إلى الالتهاب، مما قد يُسهم بدوره في الاكتئاب والقلق. بالإضافة إلى ذلك، قد يؤدي تناول الكثير من الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة والكربوهيدرات المكررة إلى تدهور جودة النوم. ينبغي أن يركز النظام الغذائي على الأطعمة الغنية بالألياف، والفواكه والخضراوات المغذية، والأسماك الغنية بأحماض أوميغا 3 الدهنية. هذه كلها عناصر قد تجتمع معًا لتحسين المزاج والنوم.
النصيحة الخامسة: إدارة التوتر
إذا سبق لك أن جلست مستيقظًا في سريرك، غارقًا في التفكير حتى وقت متأخر من الليل، فأنت تعلم أن القلق قد يُسهم في قلة النوم والاكتئاب. ربما لا تستطيع تهدئة أفكارك، فتقع في دوامة من التهويل وتوقع أسوأ الاحتمالات. عليك أن تُلمّ بتقنيات الاسترخاء مثل التنفس العميق، واسترخاء العضلات التدريجي، والتدليك الذاتي، والتخيل، كلها تقنيات استرخاء تُساعد على تهدئتك وتخفيف التوتر طوال اليوم.
النصيحة السادسة: طلب مساعدة متخصصة
بعض مشاكل النوم والمزاج تتطلب أكثر من مجرد تعديلات في نمط الحياة. قد يقدم لك خبير الصحة النفسية خيارات علاجية.
اضافةتعليق
التعليقات