في حياتنا لعله القلب هو البوصلة التي تكشف عن حقيقة الإيمان وصفاء أرواحنا، فالمحبة ليست مجرد عاطفة عابرة، بل هي مقياس داخلي يعبّر عن موقع الإنسان من الحقّ وأهله، وفي ذلك شواهد كثيرة حتى وصل الأمر أنَّ محبة أمير المؤمنين هي الفيصل لإثبات النسب، وهذه الطريقة للآن يمكن أن تكون مقياس لإثبات هذا الولد ولد بطريقة شرعية أم غيرها ويدعم ذلك حديث الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، الذي وضع قاعدة خالدة في تمييز القلوب: قال الإمام العسكري (عليه السلام): «حبّ الأبرار للأبرار ثوابٌ للأبرار، وحبّ الفجّار للأبرار فضيلةٌ للأبرار، وبغضُ الفجّار للأبرار زينٌ للأبرار، وبغضُ الأبرار للفجّار خزيٌ على الفجّار».
هذا الحديث يُؤكد أن المحبة والعداوة ليستا مجرد مشاعر شخصية، بل هي انعكاس للموقع الروحي والالتزام القيمي والديني للإنسان.
فحبّ الأبرار للأبرار ثواب: عندما يحب الصالحُ الصالحَ، فإن هذا الحب بحد ذاته أجرٌ ويعين المرء على تقوية دينه بالتأسي بالصحبة الصالحة، ولأنه يجمع بين النفوس على الخير ويقوّي أواصر الطاعة والفضيلة.
حبّ الفجّار للأبرار فضيلة للأبرار: حتى لو أحب الفاسقُ أهل الصلاح، فهذا يزيد من شأن الصالح ويُظهر نوره للآخرين، وكثيرا من كفار قريش كانوا يحبون النبي (صلوات الله عليه) ويصفونه بالصادق الأمين، فالخير يجذب العدو والصديق وهذا الخطاب وضحه القرآن الكريم ب(وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ).
بغض الفجّار للأبرار زين للأبرار: إن كراهية الفاسق للصالح علامة شرف له، لأنه يكشف أن الصالح ثابت على الحق لا يساير أهواء أهل الباطل.
بغض الأبرار للفجار خزي على الفجار: أما رفض الصالح للفاسق، فهو وصمة عار على الأخير، لأنه يعني أن فساده بلغ حدّاً نفرت منه القلوب الطاهرة.
في هذا الحديث يعلّمنا الإمام العسكري عليه السلام أن المعيار الحقيقي ليس في المظاهر ولا في الكلمات، بل في اتجاهات القلوب، فحبّ الصالحين علامة إيمان، وعداوة الفاسدين فضيلة. ومن هنا ندرك أن علاقتنا بالآخرين يجب أن تقوم على أساس القيم والحق، لا على المصالح والمجاملات.
فالإنسان حين يزن قلبه بمحبة الأبرار، يكون قد وضع قدمه على طريق الثواب والنجاة، وحين يرفض الباطل وأهله، فإنه يحمي نفسه من الخزي والضياع.
اضافةتعليق
التعليقات