يُعدّ السجود من أعظم مظاهر العبودية لله تعالى، وهو في جوهره ليس فقط طقسًا دينيًا، بل حاجة فطرية وروحية ونفسية وجسدية للإنسان. وقد أكّدت النصوص الدينية على فضيلة السجود الطويل، وتكرار ذكر "سبحان الله" فيه، بوصفه بابًا للسكينة والنور، ومصدراً لقوة داخلية لا تُرى بالعين، لكنها تُلمَس في القلب والسلوك.
لكن ماذا يقول العلم عن السجود؟ وكيف يمكن تفسير هذا الركن العظيم من الناحية النفسية والفسيولوجية؟
1. السجود وتفريغ الشحنات الكهربائية
أثبتت بعض الدراسات أن وضع الجبهة على الأرض، وخصوصًا على تربة طبيعية (مثل السجادة المصنوعة من مواد طبيعية أو التربة الحسينية)، يساهم في تفريغ الشحنات الكهربائية الزائدة من الجسم. فالجسم البشري يختزن شحنات نتيجة التعرّض للأجهزة الإلكترونية والضغوط النفسية، ويُعتبر السجود وسيلة فعّالة لتفريغ هذه الطاقة، مما يقلّل من التوتر الجسدي.
2. تأثير السجود على الجهاز العصبي
خلال السجود، ينخفض مركز الرأس إلى مستوى أقل من القلب، مما يزيد من تدفق الدم إلى الدماغ. هذا يعزز من تغذية المخ بالأوكسجين، ويحسن التركيز، ويخفف من الصداع والتوتر العصبي. كما يُشير بعض الباحثين إلى أن هذه الوضعية تفعّل مناطق في الدماغ مسؤولة عن الشعور بالخضوع والسكينة.
3. السجود والصحة النفسية
من منظور علم النفس، تُعدّ وضعية السجود من أكثر الحركات الجسدية تعبيرًا عن التواضع والخضوع، وهي تُساعد في تفكيك شعور الكبرياء والقلق. في الدراسات النفسية السريرية، تبيّن أن لحظات الخضوع الصادق – كالتي تحدث أثناء السجود – تساهم في تقليل نشاط "الأنا المتضخّمة"، وتُعيد الإنسان إلى توازنه الداخلي.
4. التسبيح كغذاء عصبي وروحي
تكرار ذكر "سبحان الله" أثناء السجود، وخصوصًا ببطء وتأمل، يعمل كنوع من التأمل الذهني (Mindfulness). هذه الممارسة، بحسب دراسات علم الأعصاب، تنشّط الفص الجبهي من الدماغ المسؤول عن التفكير العميق والتنظيم العاطفي، وتقلّل من نشاط مناطق التوتر مثل اللوزة الدماغية.
5. السجود والمناعة
في حالات السكون العميق أثناء السجود الطويل، وارتفاع طاقة الخشوع والرضا، يُطلق الجسم هرمونات مفيدة مثل السيروتونين والإندورفين، والتي تُحسّن المزاج، وتدعم جهاز المناعة، وتقلّل من التهابات الجسم المزمنة.
خلاصة علمية – روحية:
السجود ليس مجرّد حركة عابرة، بل هو غذاء متكامل:
للجسد: بتنشيط الدورة الدموية وتفريغ التوتر
وللعقل: بزيادة التركيز وتنظيم العاطفة
وللروح: بإحياء الشعور بالخضوع لله، ومراكمة نور داخلي يتجاوز الوصف.
اضافةتعليق
التعليقات