باتت التربية أصعب من ذي قبل وكيفية تقليل هذه الصعوبة صار السؤال الأكثر تداولاً بين الأمهات وهنا لابد من تقديم حلول خارج الصندوق لمحاولة تقنين المصادر المعرفية للأطفال واعتمادهم الأساس على الأبوين لمعرفة مدى المدخلات العلمية لعقل الطفل والتأكيد على عدم تشويبها بملوثات العصر الحديث.
وفي هذا الخصوص أقامت جمعية المودة والازدهار للتنمية النسوية ورشة بعنوان (دور القراءة للأطفال والناشئة في التربية وتطوير الشخصية) قدمتها الأستاذة المتخصصة بمجال العلاج بالقراءة: نور الهدى مهدي، من النجف الأشرف، بتاريخ 27/9/2024 في مقر جمعية المودة والازدهار.
بدأت الأستاذة نور بسرد قصة بدايتها للدخول في هذا المجال حيث قالت: "درست علوم الحاسبات في الجامعة وحاولت دمج الأساليب التربوية مع العلوم التكنولوجية حيث بدأنا نفكر بشكل عملي ما يمكننا أن نقدم للأطفال في عصر العولمة الالكترونية؟ بدأنا بتشكيل فريق لإنشاء تطبيقات مفيدة تربوياً للأطفال والأهل وكان بحث تخرجي هو انشاء موقع تسوق للملابس وفيه مقالات تربوية بحيث كل شخص يقرأ مقالاً تربوياً يحصل على خصم معين، وفي 2016 عند اصابة ابنتي بالسرطان ذهبت في رحلة علاج في لبنان في الجامعة الأمريكية وبقيت هناك لمدة سنتين وكانت مركز انطلاقي نحو الطفولة والتعليم أكثر في هذا الباب، وكان من المتطلبات المفروضة أن أدخل في ورشات متخصصة في القراءة للأطفال وكان هناك مكتبة على مساحة واسعة للعلاج واكتشفت وجود علم العلاج بالقراءة ومقسم إلى تفرعات ومراحل تساعد الطفل على التعبير.
وبعد وفاة ابنتي قررت دراسة هذا العلم واكتشفت أنه غير موجود أصلاً في الوطن العربي واضطررت لدراسة هذا العلم بدورات باللغة الانكليزية مدفوعة ومن جامعات عالمية وبعدها بدأت التطبيق في المدارس بشكل مجاني بحيث أردت التطبيق بين الجانب العملي والنظري وتنقلت في ثمان مدارس حتى جاءت جائحة كورونا".
بدأت بسورة العلق وبينت أهمية اختيارها: "القراءة هي وحدة تغذية العقل وقناة لدخول المعرفة فالله تعالى من خلال كلمة اقرأ يريد أن يخبرنا أنه في المرحلة القادمة وما يبنى عليه الاسلام من المفاهيم والرؤى والأطر يبدأ من المعرفة والتعلم والبناء العقلي للفرد" ثم ذكرت محاور الورشة وهي (القراءة ودورها في النمو العقلي والنفسي، القصص المصورة وتطوير الجهاز العصبي، دور المعرفة في الاستيعاب، القراءة وتطوير الشخصية، معايير اختيار المحتوى الجيد).
ثم انتقلت لمقدمة طبية لأهميتها في تحديد الأطر التي يتم الشرح عليها وطرحت سؤالاً مهما وهو كيف يعمل ويتطور الدماغ البشري؟ وذكرت أسماء فصوص الدماغ والفرق بين الوظائف العقلية والوظائف النفسية التي تتضمن (عمل الحواس الخمسة، الحواس الحشوية الداخلية، الانتباه، الادراك والتفكير) وركز علماء النفس والمتخصصين لمعرفة مفاتيح الادراك وكيفية الوصول بالإدراك لأعلى سقف وهو الفاصل بيننا وبين بقية الكائنات كما أنه الفاصل في تميز كل واحد منا.
وتطرقت بعد ذلك لأقسام الدماغ مع ذكر وظائفها:
الفص الجبهي: المسؤول عن التخطيط، التفكير النقدي، اتخاذ القرارات، حل المشكلات.
الفص الصدغي: مسؤول عن اللغة، التكلم، الذاكرة، معاني الكلمات، تمييز الأصوات.
الفص الجداري: تفسير اللغة، استيعاب المعلومات الحسية، المشاعر، التجارب.
الفص القذالي: مسؤول عن معالجة الرؤية عند القراءة وتحليلها، مشاهدة الصور في الكتب.
الفص الحوفي: منطقة الحصين واللوزة الدماغية: مناطق معالجة التجارب العاطفية والمشاعر.
وذكرت "هذه الأقسام الخمسة تتفاعل معاً لمعالجة كل المدخلات الصورية والمسموعة والمرئية وذكرت قول الدكتور أحمد نجيب (القراءة ليست مجرد عمل ترفيهي أو تعليمي هي عامل مهم لتطوير الدماغ لدى الأطفال لأنها تحفز مناطق محددة من الدماغ وتساعد على تحسين اللغة، زيادة الحصيلة اللغوية للأطفال، تحسين نطق الحروف ومخارجها، تطوير الذاكرة والتركيز، المساهمة في النمو العقلي الشامل للأطفال).
وتعد الخلية العصبية هي الوحدة الأساسية للجهاز العصبي وتنتقل المعلومة إما بالنبضة الكهربائية أو المادة الكيميائية ونظام عملها كل خلية تلتصق خلفها خلية عصبية ثانية من المحور إلى الشجيرات وهكذا تنمو الوصلة العصبية ومن ثم الجهاز العصبي وهنا يتم خزن كل خبرة ومعلومة وهكذا ويذكر في علم النفس الفارق مجموعة من الفروق الفردية والمقصود فيها الفروق القدرات العقلية، مدى الاستيعاب ومعدلات الذكاء وهذا موجود في منطقة التشابك العصبي ومن أعظم سمات الجهاز العصبي هو قدرته على تطوير نفسه من خلال اللدن العصبية وقدرتها على سد النقص الحاصل نتيجة التلف أثر تكرار البناء".
وعرضت مجموعة من الصور لـ اللدن العصبية وذكرت مجموعة من الأمراض الحاصلة للدماغ سواء وراثية أو مكتسبة وآلية الشفاء منها من خلال بناء شبكات من الـ لدن العصبية وعرضت صورة لدماغ طفل تعرض لحادث وأشارت إلى الخلايا الدماغية التالفة مقارنة بطفل سليم.
ثم بدأت بمحور مهم وهو (دور القراءة والقصص في تطور التشابك العصبي) حيث أن القراءة تطور الطفل في عدة جوانب وهي (تحفيز المخ، تعزيز اللغة، تحسين الفهم، التعلم وتنمية التفكير، تنمية مهارات التواصل، تنمية المهارات الاجتماعية، زيادة التنظيم والتركيز)، وأكدت على مبدأ أن القصص هي وسيلة تربوية مهمة وتعتبر أفضل لغة لتعليم وتلقين وايصال الفكرة للأطفال وفي إحصائية أجريت في مصر من قبل 32 خبير وأديب لغة عربية من عام 1962 حتى عام 2010 على كل اصدارات أدب الأطفال وقصص الأطفال وتم تقييمها مهارياً وتربوياً.
وبينت الدراسة أن معظم هذه القصص لا تصلح أن تقدم للأطفال وذكرت بأن 4450 قصة صادرة في الوطن العربي فقط 40 قصة مطابقة للمعايير فإيجاد قصة مفيدة ضمن معايير قصص الأطفال التي تشمل التصميم من ناحية الصورة، الألوان، الكبس، الطباعة وكذلك تشمل المحتوى والفكرة والمضمون الذي يبرز براعة الكاتب والأسلوب الذي يستخدمه، على سبيل المثال كيف نعرف العالم بأنه عالم؟ الذي يُشعر من حوله بأنهم علماء، لذا لابد من وجود مضمون هادف ويكون خلال ثمان مستويات تفصيلية فيها أدوات مفتاحية تدخل لعقل الطفل، ونقطة مهمة التي لابد من الأخذ بالنظر بها وهي القصة التي تنقل انطباع مقلق للطفل، وذكرت البناء النفسي للقصة وهو كل ما يتعلق بالنفس والعقل والذي يشمل (الثقة بالنفس، بناء القيم، دراسة المبادئ، الاستراتيجيات الحياتية، قصص الادارة المالية) وهذا ما ينتج المعرفة التراكمية.
إضافة إلى أن الأستاذة ذكرت مجموعة من الكتب المفيدة للأطفال منها: تأسيس عقلية الطفل، الطفل القارئ، أدب الأطفال: سلسة عالم المعرفة، كيف ننشئ طفلاً قارئاً؟، إضافةً إلى قناة على اليوتيوب تدعى (طفولتي والعربية) تقدم سلسة لماذا نقرأ، إضافة إلى كورس مجاني للأستاذ عبد الكريم البكار عن كيفية خلق شخص مفكر.
والجدير بالذكر أن جمعية المودة والإزدهار للتنمية النسوية تسعى إلى تطوير المرأة ورفع مستوها الفكري والثقافي عبر اقامة الورش والدورات وكذلك استضافة الشخصيات المهمة والمؤثرة في المجتمع والتي لها دور في رفع تطوير الجانب التربوي للأمهات وإثرائهن فكريا.
اضافةتعليق
التعليقات