اکتب الیك يا أبي من غياهب هذه الدنيا التي من عادتها القاء من يفر منها في غياهب جبها سنوات وحلمي ان ارفع رأسك بنجاحي واثبت للملأ ان البنت تستطيع ان تفعل المعجزات كالذكر وان من كان نسله بنتا لايضجر ولا يعتقد بأن ذكره سيمحى وان لا احد يحمل اسمه من بعده وووو الكثير من المعتقدات التي لم ينزل الله بها من سلطان.
ها انا احمل شهادة تخرجي بيدي، الدمعة تحتبس في مآقي عينَي تأبى الخروج كي لا تفسد فرحة قلب امي وبالتزامن مع فرحة النصر وتحرير الوطن فرحة تخرجي من كلية الطب التي طالما كنت تحلم ان اتخرج منه،ا ياابي اعلم انك حي ترزق لذا انا اكلمك واروي لك مايجري ولو كنت كباقي الموتى ماكنت اتجرأ واكتب اليك..
اليوم تحررت الموصل واندحرت داعش او دولة الخرافة كما تسمى، الان علت رايات النصر وابتهج الشعب فقد زال الكابوس الاسود الذي لاحق الكثيرين حتى في منامهم، لا اعرف يا ابي حقيقة شعوري في هذه اللحظات هل هو الفرح ام الحزن؟
ضدان لا يجتمعان كما يقال ولكن في هذا اليوم اجتمع في قلبي الضدان، صرت ابتسم وابكي لا دموع الفرح كلا انها دموع الفراق واي فراق أمر من فقد الاحبة، ها هي ملابسك امامي وهاتفك النقال الذي جلبه زميلك ايضاً، عندما اشتاق اليك اقوم بالاتصال عليه ولكن لا اسمع سوى نفسي؟
اوصيت رفيقك بنا خيراً ولكن رفيقك رحل هو الاخر تاركاً جرحاً في قلب احبائه وذويه.
اذكر كلماتك لأمي؛ سأذهب لأفدي الوطن واحمي العرض، انتظرتك امي لدى الباب لأيام علها ترى خيالك من بعيد ولكن حتى طيفك لم يعد ايضاً.
في كل رمضان تصنع لك شوربة العدس التي تحبها وكأنك موجود بيننا لم تكن تستوعب فكرة غيابك، فيما بعد اخذت تعطي الشوربة للفقراء ولكن لم تستطع ان تنطق جملة (اقرئوا الفاتحة لروح المرحوم)!.
ايام عصيبة مررنا بها، ليالي كثيرة نمنا جياعاً وواجهت صعوبة كبيرة في توفير مستلزمات الجامعة، عملنا انا وامي كثيرا في البيت لتوفير مانحتاجه ولكي لا نمد ايدينا لأحد فنحن تربيتك الراقية يا أبي، اعلم انك لاتريد ان تتعب امي بأعمال اضافية اذ طالما رفضت ان تعمل كي تساعدك في مصاريف البيت ولكن الان الامر مختلف فذاك زمن وهذا اخر..
الان صدح صوت النصر وانت غير موجود، لم يحتفل الشعب ولم يطلق العيارات النارية احتراماً لمشاعرنا نحن عوائل الشهداء، نحن الذين عانينا كثيراً من اجل رسم البسمة في وجه طفل او مسن او ارجاع شاب لأحضان عائلته سالماً، وكل ذلك يستحق الالم كي نصنع بهذا الالم املاً يا ابي، نعم املاً ينير دروب الاجيال الاتية فما استقام الامر الا بدمائكم الغالية فاليوم هو يوم فرح وحزن في آن واحد!.
اضافةتعليق
التعليقات