جاءت ابنتي من المدرسة وكان وجهها متلألأ كعادتها تركض وتلعب في كل مكان كأنها زهرة متفتحة نظرت اليها واسترجعت ذكرياتي معها التي مرت كلمح البصر كيف كانت شقية ومازالت وكيف كتبت على هذا الجدار وعندما كسرت الفازة العزيزة على قلبي لغاية ماوصلت اليوم الى هذا العمر إكمال تسع سنين هلاليّة، و هو يعادل ثمان سنين ميلادية وثمانية أشهر وعشرون يوماً تقريباً ووصلت الى مرحلة التكليف وهي من المراحل المهمة في حياة صغيرتي.
فبعد ان تعدت مرحلة دخول المدرسة والتعرف على صديقات جدد وتكوين حياة وشخصية بعيدة نوعاً ما عن حياة وتحكمات والدتها اليوم تدخل في مرحلة انتقالية جديدة من حياتها وتغيرات ربما تكون غريبة عليها، وكيف سيكون تقبلها لهذه المرحلة وطريقة مساعدتي لها حتى تستوعب أهمية هذه المرحلة بالنسبة لها.
جلست مساءً وبعد ان أكملت مع ابنتي واجباتها المدرسية قلت لها اريد ان اتحدث معك فهي كعادتها تحب الحديث المسائي معي نجلس ونتحدث انا وهي عن الأمور التي واجهتنا في يومنا واشاركها قراراتي واتشارك معها في حل المشكلات التي تواجهها في يومها. وبعد ان اتممنا حديثنا اليومي، قلت لها اليوم سأتحدث معك عن شيء مهم جداً ومرحلة جميلة في حياتك اجابتني وماهي يا امي؟ قلت لها مرحلة التكليف.. سألتني وماذا يعني التكليف؟ اجبتها مرحلة التحول الفكري مرحلة تشريفك بإرتداء الحجاب الشرعي.
قاطعتني بصوت مرتجف والخوف واضح على ملامحها لا يا امي لا أريد ارجوك لا اريد ان ارتدي الحجاب... تفاجئت من ردة فعلها لم أتوقع ان يكون جوابها بهذا الشكل ولكي الهيها عن حيرتي التي بانت على ملامحها استدرجتها بسؤال لماذا لا ترغبين بأرتداء الحجاب ياعزيزة امك؟
جاءت قربي وجلست امامي ووضعت يديها بين يدي إشارة منها ان انتبه عليها لكي افهمها.. قالت امي انا مازلت طفلة واحب الحياة وأريد اللعب في كل مكان وأريد ان أكون حرة بدون تقيد؟؟ قاطعتها وما الضير في ذلك مارسي حيرتك على اتمها.. قالت وكيف ذلك وأنا ارتدي الحجاب.. سألتها ومن قال ان الحجاب يعيق كل هذا.. قالت لا اعرف ولكن عندما أرى بعض من صديقاتي اللاتي ارتدين الحجاب لا يستطعن اللعب والتجول بحرية.
قلت لها ان كنت تريدين الحرية فعليك بالحجاب وان كنت تريدين التحرك بكل سهولة وبدون تقيد فعليك بالحجاب فحجابك كرامتك وعنفوانك وحريتك وكل شيء يضيف لك بهجة وجمال..
كل أم لطفلة جميلة تمر بهذه المرحلة ولا أخفي عليكم أن هذه المرحلة أصعب على الأم اكثر من البنت لأن سن التكليف للفتاة من المراحل المهمة في حياة البنت ودور الام هو الأهم في ترسيخ الحجاب وترسيخه في شخصية ابنتها. فهذه مرحلة تحول فارقة في حياة البنت ويجب الانتباه اليها في كيفية تنمية الطفلة ومساعدتها في تقبل وحب فكرة ارتدائها الحجاب الإسلامي واعتباره شيء مكمل لها ولشخصيتها هنالك عدة أمور للأم يجب الالتزام بها لمساعدة صغيرتها ومنها:
- يجب ان تركزي على الملابس المعقولة الاحتشام منذ صغرها حتى لا تكون هذه المرحلة فارقة جداً بالنسبة للطفلة وايضاً لكي تستوعب بمراحل معنى الاحتشام والالتزام.
- انت قدوة ابنتك في كل شيء واولهم سلكوك وحجابك.
- أول مراحل التقبل هو ان تستوعب أن الحجاب ليس عائقا بل على العكس هو وسيلة لكي يسهل كل شيء في حياتها فالفتاة هي زهرة متفتحة بمفاتنها ولا يجوز ان تظهر هذه المفاتن الى أي احد لذا هنا وجب علينا حجب المفاتن عن كل ناظر. وعندما تحجب المفاتن ستنال الحرية في التحرك واللعب والذهاب والإياب بكل مكان وكل حرية.
- نصيحة مهمة جداً، لا تجعل الحجاب قيود تقيدين به ذراع ابنتك عندما ترتدي الحجاب اجعليها تمارس كل طقوسها اللعب والركض والضحك فهي مازالت في عمر الزهور ومازالت تشعر بأنها فراشة تطير اطلقي جناحاتها للعب والطيران ولا تقيدي حركاتها بحجة الحجاب.
- توجي ابنتك بالحجاب من خلال إقامة احتفال مع الاهل وصديقاتها المقربات عند بلوغها سن التكليف اجعليها تشعر بأنها ستصبح ملكة عند ارتدائها الحجاب.
- بدايةً لا تضغطي عليها بشكل مبالغ فيه من خلال ارتداء الحجاب الشرعي بصورته الكاملة بل بصورة تدريجية وبشكل محبب لها وحاولي شراء الحجابات ذات الألوان الجميلة وعند خروجك لشراء الحجابات اشتريها وفق ذوقها ورغبتها.
- التعزيز الايجابي من قبل الوالدين كلاهما عند ارتداء الفتاة المكلفة الحجاب مع ضرورة عدم التناقض في الأفكار ووجهات النظر بين الأبوين مثلا أحدهما يشجع على ارتداء الحجاب والآخر يرفض ارتداء الطفلة الحجاب بحجه أنها مازالت صغيرة فهذا السلوك يؤثر سلبا على شخصية الطفلة وبالتالي لا تقنع بارتداء الحجاب والتمسك به مستقبلا.
اخيراً إن ابنتك هي امانة في رقبتك وكل مرحلة من حياتها هي مسؤوليتك وحجابها هو من سنن مسؤولياتك اجعليه نعمة لإبنتك وليس بنقمة.
اضافةتعليق
التعليقات