ما نعرفه عن السيدة أم البنين الشيء القليل مرتبط ببعض الماديات وما أشبه كنسبها وزواجها بعلي أمير المؤمنين (عليه السلام) وأولادها الأربع وبعض قضاياها بعد قصة كربلاء..
أما مقدار معنوياتها العالية ومدى معرفتها وعلومها.. فلم نعلم منه شيئا يذكر. نعم يمكننا المعرفة الإجمالية عبر رؤية بعض الآثار..
وهذا شيء لا تصل إلى معرفة كنهه عقولنا، فما كان لهذه السيدة العظيمة من الواقعية والمعنوية والقرب من الله عز وجل حتى أنه سبحانه وتعالى نالها هذه المنزلة من المعنوية العالية والمقام العظيم..
حيث يمكننا أن نحس بشيء عبر ما نراه من الآثار المترتبة على التوسل بها وجعلها شفيعة عند الله عز وجل في قضاء الحوائج فإن النذر لها يحل المشاكل الكبيرة التي هي بحاجة إلى الإمداد الغيبي من الله سبحانه كشفاء المرضى الذين لا شفاء لهم حسب الظاهر وإعطاء الأولاد لمن لم يرزق ولداً، ودفع البلايا وغير ذلك.. وهذا مما عليه الروايات والقصص من المشاهدات والمنقولات والسبب لا يكون إلا معنوية رفيعة لهذه السيدة الجليلة يقصر ذهننا عن دركها.
فكيف لنا بالمعنويات التي نحن بمعزل عنها، وحتى عن أولياتها؟ إن ذهاب الفلاسفة إلى العقول العشر، والمادية الديالكتيكية ، وما أشبه.. من الأمور الواضحة البطلان، دليل بين على أن الإنسان لا يمكنه أن يستوعب الماديات الواضحة، فكيف بالمعنويات التي هي فوق طاقة الإنسان وقدرته؟. ولعل في زمان ظهور الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف).
المادية الجدلية أو الديالكتيكية: هو منهج في التحليل التأريخي، استخدمه ماركس وانجلس، وهو من أسس طريقة التفكير عند الإشتراكيين والشيوعيين. وللتفصيل الأكثر ومعرفة ما فيها من الاشكالات وعن الإمام الصادق أنه قال: (العلم سبعة وعشرون حرفا، فجميع ما جاءت به الرسل حرفان، فلم يعرف الناس حتى اليوم غير الحرفين، فإذا قام قائمنا أخرج الخمسة والعشرين حرفا فبثها في الناس وضم إليها الحرفين حتى يبثها سبعة وعشرين حرفا).
ميزات السيدة أم البنين
السيدة أم البنين (سلام الله عليها) هي كذلك، مدرسة في مختلف أبعاد الحياة كما يظهر من التاريخ - على قلة ما ورد عنها، وفي قصة كربلاء وقضية عاشوراء التاريخية قدمت أم البنين إلى الله عز وجل أولادها الأربع حيث استشهدوا بين يدي الحسين (سلام الله عليها) فلماذا الى كربلاء؟ لم يذكر التاريخ السبب في ذلك حسب التتبع الناقص فلعلها كانت مريضة - كما حكي عن فاطمة الصغرى أو مشتغلة برعاية أولاد بنيها، أو غير ذلك مما علمه عند الله سبحانه.
إن التاريخ المدون لم يذكر إلا جزءا صغيرا جدا من أحوال أصحاب الرسول رجالا ونساء. فلم يرد الكثير عن اللاتي كن في أطرافه في حجه وعمرته وحربه وسلمه وسفره، وحضره كما لم يذكر التاريخ التفصيل عن حياتهن وأعمالهن وأدوارهن. ومن الواضح أنه لم يذكر دور أم البنين وعملها بعد قصة كربلاء بالشكل الكامل، نعم إنما ذكر بكاؤها ونديتها على أوجز وجه ولعل ذلك هو باب من التقرب إلى سيد الشهداء فكانت هذه المنزلة الجليلة لها وبإسمها فكثيرا ما تردد: يا وجيهةً عند الله اشفعي لنا عند الله .
اضافةتعليق
التعليقات