أولاً: الإبداع لدى علم النفس (نشاط نفسي).
ما الإبداع؟ وكيف يمكن تعزيزه؟ ينطوي الإبداع على إنتاج شيء ما يتسم بالثراء والجدارة. هذا مفهوم الإبداع بشكل عام. يرى علم النفس النشاط النفسي الإبداعي هو مجموعة من الظواهر السلوكية التي تصدر عن الفرد كرد فعل واستجابات على منبهات تصدر إليه من البيئة (سواءً كانت داخلية أو خارجية). النشاط النفسي إذن مجموعة استجابات قد تكون استجابات حركية أو ذهنية أو لغوية".
هذه الاستجابة ينتج عنها إبداع جديد آت من نشاط وتفاعل نفسي نتيجة مثير يقدح خلايا مخ المبدع فيستجيب له، إذن هناك منبه يصدر من داخل المبدع أو خارجه؛ فينفعل به، فيبدع شيئًا لم نره من قبل استجابة لهذا المثير وتحت تأثيره.
هذا الرأي لعلم النفس حدث نتيجة هيمنة النظرية السلوكية عليه في قولها بالفعل ورد الفعل، فترى أن كل فعل هو رد فعل لما يسبقه من حدث، لذا فالإبداع استجابة لمثير ما ، فهو نشاط نفسي يحدث نتيجة منبهات، وهذا الرأي فيه نظر، فالمثير يُحدث الإبداع بتنشيط نفسي للمبدع هذا حق، لكنه لا يتفاعل مع النفس فهي كلمة فضفاضة والصواب أن هذا المثير يؤثر فعلا، ولكن على الخلايا العصبية ووصلاتها، مما يؤدي إلى نشاط كبير بينهما ؛ ويجعلها (تحت تأثير انفعال ما) تفرز مركبا كيميائيا بينها، فتتفاعل معًا، فينتج عن هذه العملية فكرة إبداعية جديدة.
ويسأل عالم النفس سترنبرج في تعريفه للإبداع: كيف يتأتى لنا تعريف الإبداع باعتباره بناءً واحدًا ... في الواقع، توجد تعريفات كثيرة للإبداع محدودة النطاق. ينظر إلى الإبداع باعتباره يشير إلى عمليات إنتاج شيء ما يتسم بالأصالة والجدارة، وهذا الشيء قد يتخذ أشكالاً عدة. ربما يتمثل في نظرية، أو قصة، أو سيمفونية، أو أي شيء.
ونتيجة هذا التعريف للإبداع لدى علم النفس فإن عالم النفس يتعامل مع الإبداع بصفته شكلا من أشكال النشاط العقلي المركب الذي يتجه الشخص بمقتضاه إلى أنواع جديدة ومبتكرة من التفكير أو الفن أو العمل أو النشاط، اعتمادًا على خبرات وعناصر محددة، أي أن الإبداع بعبارة أبسط يشير إلى تلك القدرة على إعادة تشكيل عناصر الخبرة في أشكال أو صيغ جديدة (فنية أو أدبية أو علمية أو أي شكل آخر). وقد بينت الدراسات السيكولوجية المعاصرة أن الإبداع يعتبر شرطاً ضروريا (ولكن غير كاف) للعبقرية. بعبارة أخرى فإن من أحد الشروط الضرورية للعبقرية هي أن يتصف الشخص بالقدرات الإبداعية التي يمكن تحديدها من خلال بعض المقاييس الموضوعة لهذا الغرض.
الإبداع قدرة كامنة في العقل على إعادة تشكيل عناصر من الخبرات السابقة في صيغ جديدة، وهي شرط ضروري لوجود العبقرية، فمن لا يمتلكها فلا إبداع له.
ثانياً: الإبداع لدى علم الأعصاب (عملية عصبية)
نظر علم النفس إلى الإبداع بوصفه نشاطاً نفسياً عقليا يحدث نتيجة قدرة إبداعية لدى المبدع، ويمكن معرفة مقدارها من خلال مقاييس علم النفس وفي معامله. لكن الأمر أكبر من ذلك، فالإبداع قدرة ذهنية حقا ويمكن إخضاعها المقاييس علم النفس، ووسائل تحليل خارجية للفرد، ومن خلال ما يبدو للفاحص من استجابة لهذه المقاييس دون الدخول إلى دماغه وما يتم به من تفاعل أثناء عملية الإبداع، لكن أين يتم هذا الإبداع في دماغ المبدع؟ وأي مناطق الدماغ المسؤولة عن صنعه؟ وكيف يحدث هذا وما آليته؟ هذه الأسئلة تجعلنا نعيد النظر إلى ما قاله علم النفس في تعريفه للإبداع من خلال علم الأعصاب، فالأدب عملية خلق وإبداع تتم بالدماغ في الشق الأيمن من دماغ المبدع، لهذا فنحن أمام مثلث يصنع العمل الأدبي، يتكون من ثلاثة أضلاع:
أ- عقل مبدع.
ب - عملية إبداع.
ج ـ أدب مبتكرة.
دماغ أديب مبدع - عملية تفاعل في فضاء إبداعي بدماغه - أدب مبتكر .
فمن أراد فهم الأدب بعمق ودقة فعليه دراسة كل هذه الأضلاع، وبيان دور كل ضلع منهم في عملية إبداع الأدب. ومن أراد معرفة الجانب الإبداعي فيه فعليه خوض غمار هذا البحر.
اضافةتعليق
التعليقات