في السلك التعليمي والذي يعد الأكثر تأثيرا في بناء الأفراد وصقل شخصياتهم كون المعلم يُعد أنموذجا يحتذي به الطالب بقصد أو دونه، وعليه فإن المسؤولية تعد كبرى فكل كلمة خرجت سهوا أو عمدا هي قابلة للتقليد، وحجة على من يمنع!.
خصوصا تلاميذ هذا الجيل الذين تعلموا التلقي والتقليد من دون وعي يُذكر، فإن عاتق المعلم يصبح أثقل وبالتالي أي إيماءة هي تكون محسوبة وبالتالي تبني قيمة أو تهدمها.
في عالم التعليم تجد انعكاسات واضحة لما يتصرفه المعلم أو ما يُعطي من معلومة، فعدم الاحترام المتبادل بين المعلمين أنفسهم والذي يعنون بالمزح يعطي الضوء الأخضر للتلاميذ بالتمادي تدريجيا، أما الكلام غير اللائق على أحد الطلبة والتنمر وهذا بحد ذاته تحطيم لقيمة الاحترام من جهة وفسح المجال للسير على نفس خط المعلم من جهة أخرى، فهناك حاجة ماسة لأن يهذب من يرتدي ثوب المعلم لسانه، وأفعاله لأنه مسؤول عنها أمام عدد كبير من الطلاب الذين سيقلدونه.
وعليه هناك مجموعة من القيم التي يجب على الذي توشح باسم المعلم أن يتعلمها والتي منها ما ورد في رسالة الحقوق عن الامام زين العابدين، في المادة التعليمية (وأما حق رعيتك بالعلم فأن تعلم أن الله قد جعلك لهم فيما آتاك من العلم، وولاك من خزانة الحكمة فإن أحسنت فيما ولاك الله من ذلك، وقمت به لهم مقام الخازن الشفيق الناصح لمولاه في عبده الصابر والمحتسب الذي إذا رأى ذا حاجة أخرج له من الأموال التي في يديه، كنت راشداً، وكنت لذلك آملاً معتقداً، وإلا كنت له خائناً، ولخلقه ظالماً، ولسلبه عزة متعرضاً.
لقد حث الإمام العظيم (عليه السلام) المعلمين على نشر العلم وبذله للمتعلمين، وجعل ذلك حقاً عليهم، وهم مسؤولون عن رعايته، فإن الله تعالى فيما رزقهم من العلم والحكمة، قد جعلهم خزنة عليها، فإن بذلوه إلى المتعلمين فقد قاموا بواجبهم وأدوا رسالتهم، وإلا كانوا خونة وظالمين، وتعرضوا لنقمة الله وسخطه، فوضع المقصر في تعليمه بمقام الخائن، والظالم.
ومنها أخلاقية وخير مثال يحتذي به أهل بيت الرسالة، فمن يتأمل في عهد الإمام علي عليه السلام إلى مالك الاشتر عندما ولاه مصر يجد دستوراً كاملاً يمثل قمة الخلق البشري حتى في أوقات ينزع فيها عدوه إلى كل دناءة ووضاعة.
ومن يستقرئ حياة الامام عليه السلام، يجد تلك الروح الإنسانية الكبيرة والخلق العظيم، يتجلّى في كل جوانب حياته الشريفة فأول عبارة كانت (أشعر قلبك الرحمة للرعية والمحبة لهم واللطف بهم، ولا تكونن عليهم سبعا ضاريا تغتنم أكلهم)، فالتعامل بالقسوة والضرب والشتائم وغيرها لا تليق أولاً بمقام المعلم، وثانيا لا تعد ضمن قائمة التعامل الإنساني، وخير معلم كان رسول الله صلى الله عليه وآله حيث يعبر عنه الله تعالى: (وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، فيستطيع المعلم أن يستثمر الطاقة الأخلاقية وعناصر الجذب للسيطرة على الطالب فالتلميذ الذي يجد احتراما وحبا سيخجل من أن يتصرف أي تصرف خارج اللائق، فمن لم تكن لديه هذه الطاقة الاستيعابية للطالب فليخلع عنه ثوب المعلم.
اضافةتعليق
التعليقات