ما إن تتعلم الإنصات للآخرين ستكتشف الفروق الهائلة في المفهـوم وستقدر التأثيرات التي يمكن أن تحدثها هذه الفروق حينما يعمل الناس معا في حالات الاعتماد بالتبادل ربما أنت ترى السيدة الشابة وأنا أرى العجوز وكلانا على صواب وربما تنظر إلى العالم من خلال نظارة التمحور حـول الـزوج، وأنا أراه من خلال عدسات التمحور حول المال والأمور الاقتصادية أنت مبرمج على عقلية الوفرة بينما أنا مبرمج على عقلية الندرة وقد تتناول أنت المشكلات من خلال التصور الذهني الشامل البديهي لفص المخ الأيمن أما أنا فقد أنزع إلى استخدام الفص الأيسر الذي ينتهج أسلوباً تتابعياً وتحليلياً يعتمد على التعبيرات اللفظية.
وربما قد تختلف مفاهيمنا اختلافا بينا ومع ذلك فقد ظل كل واحد منا يعيش بتصوراته الذهنية لسنوات معتقدا أنها "حقائق" ومشككاً في الشخصية أو الكفاءة العقلية لأي شخص لا يرى الحقائق والآن وعلى الرغم من اختلافاتنا فإننـا نـحـاول العمـل معـا. فـي الـزواج أو العمل أو مشروعات خدمة المجتمع.
من أجل إدارة الموارد وإنجاز النتائج. كيف نقوم بهذا الأمر إذن؟ كيف نتجاوز حدود مفاهيمنا الفردية ومن ثم يمكننا تحقيق تواصـل أعمـق ونتعاون في التعامل مع المشكلات ونصل إلى حلول مكسب؟
والاجابة هي: الخطوة الاولى في عمليات المكسب حتى لو لم (ولاسيما عندما) يتبع الشخص الآخر نفس التصور الذهني (اسع للفهم أولاً).
وقد لاقى هذا المبدأ نجاحاً مع المدير التنفيذي الذي شاركنا التجربة التالية:
كنت أعمل مع شركة صغيرة كانت تتفاوض من أجل الحصول على عقد مع مؤسسة بنكية محلية كبيرة وقد أتت هذه المؤسسة بمحاميهـا مـن سـان فرانسسيكو والمفاوض من أوهايو وجلبت رئيسيين اثنين من أكبر الفروع لتشكيل فريق مكون من ثمانية أشخاص وقد قررت الشركة التي أعمـل لحسابها التفاوض على أساس مكسب أو لا اتفاق وقد أرادوا زيادة مستوى الخدمات والتكلفة زيادة واضحة، ولكن مطالب هذه المؤسسة الكبيرة كانت تستنزفهم.
جلس رئيس شركتنا على جانب مائدة المفاوضات وقال لهـم: نود منكم تحرير العقد بالطريقة التي تريدون ومن ثم نتأكد أننا نفهم احتياجاتكم ومخاوفكم. وسنستجيب لهذه الاحتياجـات والمخـاوف ثـم نـتحـدث عـن السعر قد تفاجأ أفراد فريق التفاوض.
فكانوا مندهشين لأن لديهم فرصة لكتابة العقد وقد استغرق الأمر منهم ثلاثة أيام للتوصل إلى اتفاق وعندما عرضوه قال رئيس الشركة: لنتأكد أننا نفهم ما تريدون وشـرع يقرأ العقد ويعيد صياغة المحتوى ويعكس المشاعر حتى تأكد وتأكدوا أنـه فـهـم الأشياء المهمة لهم نعم هذا صحيح كلا ليس هذا ما قصدنا بالضبط.
وعندما استوعب منظورهم بالكامل، تابع شرح المخاوف من مفهومه وأنصتوا إليه فقد كانوا مستعدين للإنصات لأنهم لم يكونوا يصارعون من أجـل الهواء وما بدأ بقليل من الثقة وجو يغلفه العداء تحول إلى بيئة مثمرة أساسها التعاون وفي نهاية المناقشات قال أعضاء فريق التفاوض
"نود العمل معكم، لذا نود إبرام هذه الصفقة" أخبرونا بالسعر الذي تريدون وسنوقع؟
اسع من أجل أن يفهمك الآخرون في البداية، اسع من أجل أن تفهم أولاً وذلك من أجـل أن تكون مفهوماً بعد ومعرفة كيف تكون مفهوما أساسياً من أجل التوصل إلى حلول المكسب، لقد عرفنا النضج من قبل وقلنا إنـه التـوازن بين الشجاعة ومراعـاة شـعور الآخرين والسعي لفهم الآخرين يستدعى مراعاة شعورهم، بينما السعي من أجل أن تكون مفهوما يستدعى الشجاعة وإن المكسب يتطلب درجـة عالية من كليهما لذا ففي مواقف الاعتمـاد بالتبادل من المهم أن يفهمنا الآخرون.
كان اليونانيون القدماء يتبنـون فلسفة رائعـة تتجسد في ثلاث مفاهيم مرتبة بشكل تتابعي هي: (روح الجماعة والعاطفة والعقل) وأعتقد أن الكلمات الثلاث تنطوي على جوهر السعي من أجل الفهم أولا وتقديم عروض فعّالة.
ويقصد بروح الجماعة مصداقيتك الشخصية وإيمان الناس بأمانتك وكفاءتك، وكذلك لثقة التي تبثها في الجميع - رصيدك في بنك المشاعر والعاطفة هي الجانب الخـاص بـالتقمص العاطفي - أي المشاعر وهي تعني توافقك مع المشاعر القوية التي يتضمنها تواصل الشخص الآخـر أما العقـل فـهـو المنطـق والجزء العقلاني من العرض التقديمي.
لنلاحظ هذا التتابع: روح الجماعـة ثـم العاطفـة ثـم العقـل. أي شخصيتك ثم علاقاتك ثم منطقية العرض الذي تقدمه، وهذا يمثـل تغييرا كبيرا في التصور الذهني فعندما يشرع معظم الناس في تقديم عرض فإنهم يخاطبون المنطق مباشرة، أي فص المخ الأيسر، عن طريـق طـرح أفكـارهم فهـم يحاولون إقناع النـاس بصدق منطقهم دون أخذ روح الجماعة والعاطفة في الاعتبار وهنا قد تكمن المشكلة التي من الممكن حلها بالإنصات للجميع.
اضافةتعليق
التعليقات