يمر العالم اليوم بفترة عصيبة قد تدون في التاريخ كأحد الفترات التي واجه فيها أحد الأوبئة العالمية، والتي أثرّت بشكل كبير على حياة البشرية، لذا يُعاني الكثيرون من المشاعر السلبية التي تواجههم، والتي من أبرزها الضجر والملل وربما الحزن والكآبة والأرق وكم من شخص يتمنى لو أن هناك حبة سحرية يمكن أن يأخذها فتعزز مستوى الطاقة لديه وتحسن حالته المزاجية، وتخلصه من الأرق والكآبة ، بل وتساعده أيضًا على تحقيق أهدافه!.
للأسف لا توجد مثل هذه الحبة، ولكن هناك طريقة يمكننا من خلالها جنْيُ هذه الفوائد.. والسر كله يكمن في (الامتنان).
ما هو الإمتنان؟
الامتنان هو النظارة التي تجعلك ترى وتلاحظ وتدرك النعم الموجودة حولك، وكلما عددت هذه النعم صباحًا ومساءاً وأثناء يومك وفى كل تفصيلة في حياتك أضفت إليها طاقة البركة والوفرة، وكانوا بمثابة مغناطيس لجذب ما يشبهها من نعم.
وهو حالة شعورية يعيشها الإنسان، تتمثل بشكر الله على كل نعمة موجودة بحياتك بحيث أنّك تكون بحالة شكر دائم لله على ما رزقك من صحة، ماديات، صفات شخصية، أشخاص وغيرها من الأمور البسيطة التي قد لا تخطر على بالك, فهو طريقة للناس لتقدير ما لديهم بدلاً من الحصول على شيء جديد فيحول (أريد المزيد) إلى (أنا سعيد بما لدي)، وبالتالي فإنه يساعد الناس على إعادة التركيز على ما لديهم بدلاً من ما يفتقرون إليه.
وكلما زاد شعورك بالإمتنان زاد الخير الذي ستحصل عليه، والخير هنا ليس مقصوداً به الأشياء المادية فقط، بل يشمل كل شيء من الأشخاص والأماكن والتجارب الجميلة والظروف السعيدة الجيدة والفرص والخبرات المختلفة والمتعددة، التي ترتقي بك لمستوى أعلى من مستوى الماديات.
ما الفرق بين الشكر والإمتنان؟
الإمتنان والشكر هي عبارات أو مشاعر التقدير, المصطلحان قريبان جدًا من المعنى وعلى الرغم من أنه يبدو أنهم يقدمون نفس المفهوم، فإن جوهر الامتنان أعمق من كونك شاكراً.
فالشكر هي كلمة يستخدمها الناس في جميع المواقف تقريبًا, أنت تقول شكراً لشخص يمرر لك كوبًا من الماء وأيضًا لبائع في محل بقاله يجلب لك المنتج المطلوب.
بالمقابل فإن هناك مواقف في الحياة لا يبدو فيها أن الشكر يكفي ولا يمكنه التعبير عن نوع الامتنان الذي تشعر به, فالامتنان هو شعور ينبع من القلب للنعم التي تحيط بك، النعم التي زاحمتنا ولم نعد نشعر بها. أنت ممتن لله لأنه منحك الحياة والطعام والمأوى وأسرة جميلة فعندما تقول أو تكتب أنك ممتن، يكون لديك شعور عميق بالامتنان لا ينعكس ببساطة في شكر.
ما هي تمارين الإمتنان؟
1- عند الاستيقاظ صباحاً لا تلتقط هاتفك؛ بدلاً من ذلك، خذ أنفاسًا عميقة اشكر الله على الحياة التي مُنحتها ليوم آخر، على سريرك الدافئ المريح، على صحتك، وقدرتك على النهوض. كن ممتناً، وافتح أبواب السعادة بابتسامة قلبك الراضي.
2- احتفظ بمذكرة للامتنان, واحرص كل يوم على تدوين ثلاثة أشياء أنت ممتن لها بأي صيغة تحبها واذكر أسباب امتنانك. ابدأ بشيء صغير مثل (أنا ممتن لوجود عائلة أنتسب لها ولا أعيش في ملجأ, أنا ممتن لهاتفي لأنه حديث ويتصل بالإنترنت, أنا ممتن لنفسي لأنني أستطيع أن أقرأ وأكتب ولا أعاني ذل الجهل,.. الخ) واستشعر فضل الله عليك في جميع جوانب حياتك.
3- عندما تتذكر شيئاً يضايقك في حياتك حاول أن تفكر بجانب إيجابي لذلك الشيء وركز عليه وأستبدل الفكرة الإيجابية بالفكرة السلبية كلما تخطر على بالك, وفي حال بدا الأمر سيئاً لدرجة لا ترى فيه أي جانب إيجابي فاعلم بأن الجانب الايجابي موجود، لكن لا تستطيع إدراكه، فقط ركز على الشعور بالإمتنان واشكر الله على ذلك الشيء مهما كان.
بعد قيامك بهذه التمارين يومياً ستلاحظ تغير كبير في حياتك، ستلاحظ تغير الناس معك، تغير مجريات الأمور والأحداث من حولك.. ستشعر فعلاً بتغير مهيب بكل شئ في عالمك، في صحتك وجسدك.. في طاقتك وحيويتك وجمالك.
فوائد الإمتنان
أول الفوائد هو إستشعار القرب من الله بكثرة الشكر والإمتنان فيملأ قلبك شعور بالرضا التام كما تملأ البركة حياتك بتواجد الوفرة (لأن كثرة الشكر والإمتنان تزيد النعم) تليها السعادة وهو الشعور المهم الذي يسعى الإنسان جاهداً لتحقيقه, فإذا ركزت على ما أنت ممتن عليه في الحياة إذاً فأنت في الواقع تركز على ما يسعدك, و بالتالي ف أنت تجذبه إليك.
ومن شأن الإمتنان أيضاً أن يحسن الصحة النفسية, ما يعني أنه قد يساعد في تقليل التوتر والإرهاق ومشاكل النوم مثل الأرق وغيرها من الأعراض المرتبطة بالتوتر والاكتئاب.
وللامتنان فوائد إيجابية عديدة على الذات، منها جلب السعادة ورفع التقدير الذاتي.
وأخيرا بإمكاننا تلخيص كل ما سبق في قول الله تعالى “ولئن شكرتم لأزيدنكم”، حيث يبين أهمية الشكر حتى نحصل على المزيد من مختلف النعم التي لا تعد ولا تحصى والتي تفضل الله بها علينا فمن الآن عوّد نفسك على التأمل والشكر، فالتأمل عبادة والشكر زيادة للخير, دع الامتنان لنعم الله يدخل عالمك، استشعر فضل الله عليك في جميع جوانب حياتك اشكر الله على المال الذي وهبك إياه لاقتناء هذا الهاتف الذي بيدك، والكرسي الذي تجلس عليه، والسيارة التي تتنزه بها، ونعمة تذوق الطعام اللذيذ، اشكر معلميك على جهودهم، وامتن لأهلك على لحظاتكم السعيدة، امتن لأصدقائك على مواقفكم المضحكة ووقفتهم بجانبك متى ما احتجت, قدر كل الأشياء والأفعال الموجودة بحياتك ألمسها أشعر بها بداخلك وبالتالي سيكون لديك القدرة على التكيف مع الظروف المختلفة التي قد تبدو مزعجة, حيث يعتاد عقلك على اصطياد الإيجابي في كل ما حولك، لأن وعيك سوف يصبح مبرمجاً على أن يجد النعم في كل شيء.
اضافةتعليق
التعليقات