المرونة صفة حسنة يستطيع الانسان اكتسابها حيث إنها تعد سبيلا أمثلا لمواجهة واقع الحياة، فحيث نجد في سورة «آل عمران» يخاطب الله سبحانه وتعالى نبيه عليه الصلاة والسلام: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الأَمْرِ} .فهذه الآية الكريمة صورت لنا الجانب المشرق والأثر العاطفي الكبير في استخدام المرونة بالدعوة إلى الله..
إن المرونة بمفهومها العام تتمثل في القدرة على التأقلم والتكيف مع عقبات وظروف الحياة المختلفة وصولاً إلى تجاوزها (إيجابياً) بكل انسيابية. حيث إن ركيزة المرونة الأساسية هي الإيجابية، فالمرونة الإيجابية العقلانية تلك التي تنطلق من المبادئ الإنسانية والقيم المعتبرة كالصدق والتسامح والثقة والالتزام والصراحة.. وتبتعد عن الكذب والتدليس والانتهازية والمراوغة والأنانية.. فإذا تمكنت المرونة الإيجابية من النفس سيظهر معها مباشرة التفكير الإيجابي الذي يدفع الإنسان إلى التغييرات الإيجابية في الحياة. ولا شك أن المرونة بحد ذاتها وسيلة وليست غاية، فهي لن تحل المشكلات بل سترشد إلى إمكانية التصرف الأمثل حيالها، إن العقلية المرنة لا يعيقها شيء، فهي ماضية في تخطي واجتياز العقبات والمصاعب بكل انسيابية. أما بالنسبة لاستخدام المرونة في التعامل مع الآخرين هي أيضاً مهمة في حياتنا اليومية، لأننا لا نعيش بمفردنا على هذا الكوكب، ولا يمكن للجميع التفكير بنفس الطريقة ولدينا نفس الأولويات والاهتمامات لذلك علينا استخدامها لكي نستطيع التكيف في الحياة وتخطي صعوباتها من أجل تحقيق أهدافه وما يطمح إليه.
ما هي المرونة في التعامل
المرونة مفهوم واسع. هناك مرونة الأشياء وقدرتها على الثني والشكل ومرونة الجسم، وهي قدرة الشخص على أداء حركات معينة في جسمه لا يستطيع معظم الناس القيام بها. المرونة في التعامل هي ما نذكره تحديدًا في حديثنا هنا، وهذا يعني قدرة الشخص على التكيف مع المجتمع والظروف البيئية المحيطة. يمكننا تقسيم هذا النوع من المرونة إلى قسمين:
المرونة العقلية
يمكن تعريفه على أنه قدرة الشخص على ابتكار أفكار جديدة وطرق جديدة لمواجهة المشكلات التي قد يواجهها. عند التفاعل مع الآخرين وترك الإطار التقليدي، فإنه يساعد أيضًا الشخص على قبول أفكار الآخرين والتخلي عن التعصب الفكري. نجد دائمًا أن الشخص الذي يتمتع بالمرونة الذهنية أكثر قدرة من غيره على الابتكار وإيجاد حلول مناسبة وغير تقليدية لكل شيء يواجهه.
المرونة النفسية
وهي تتعلق بسرعة الإنسان في مواجهة المواقف التي تشكل خطراً على حياته، كالحوادث والأزمات. كما أنه يتعلق بالقدرة على مواجهة عواقب الموقف بعد التعرض له. وتجدر الإشارة إلى أن الأفراد الذين يتمتعون بالمرونة النفسية يعتبرون الأزمات مواقف تستحق المواجهة بكل الوسائل، وليس الهروب، لذلك نجد أن لديهم صفات رائعة تجعلهم محبوبين من حولهم، ومن أبرز الصفات التي يتمتع بها هؤلاء الأشخاص:
القدرة على اتخاذ القرارات في الوقت المناسب
وهذا نابع من إدراكهم الكامل لمسؤوليتهم مما يدفعهم إلى التفكير الصحيح واتخاذ القرار الصحيح دون تردد.
التعلم من الأخطاء ومواجهتها
يتمتع الأشخاص الذين يتمتعون بالمرونة النفسية بالقدرة على قبول انتقادات الآخرين والتعلم من الأخطاء التي يرتكبونها، ويدركون جيدًا أنه من الطبيعي أن يرتكب الشخص أخطاء ليتعلم من أخطائه ويسعى جاهداً لعدم تكرارها واكتساب الخبرة منها .
بسيط وممتع
إنهم دائمًا بسيطون في التعامل مع الآخرين لأنهم دائمًا ما يضيفون جوًا من المرح أينما كانوا، كما أنهم يؤمنون بضرورة وجود شخصيات مختلفة لقبول الجميع بشخصياتهم وسلوكياتهم المختلفة وقبولهم للآخرين أيضًا.
القدرة على التحمل
شخصيتهم المرنة وقلة الغطرسة وإصرارهم المطلق على الرأي تجعلهم متسامحين مع الناس لدرجة أن الناس يفضلون التعامل معهم والاعتزاز بمعرفتهم.
القدرة على تكوين العلاقات
جميع الصفات السابقة لديهم قدرة كبيرة على تسهيل تكوين علاقات مجتمعية مع من حولهم، كما جعلتهم مميزين أينما كانوا، يشعر من يتفاعلون معهم بالراحة.
نصائح لتحسين مستوى المرونة بصورة عامة
• تواصل مع الآخرين
ببناء علاقات إيجابية وقوية مع الأحباء والأصدقاء، ستحصل على الدعم اللازم والقبول في كل الأوقات الجيدة والسيئة، كما يمكنك تأسيس أنواع تواصل هامة أخرى عن طريق التطوع أو الانضمام إلى إحدى المجموعات الدينية.
• إضفاء قيمة لكل يوم
افعل شيئًا يمنحك شعورًا بالإنجاز والمغزى كل يوم، ضع أهدافًا لمساعدتك على التطلّع نحو مستقبل له معنى.
• تعلم من الخبرات
فكّر في كيفية تعاملك مع المصاعب في الماضي، وفكر في المهارات والاستراتيجيات التي ساعدتك خلال الأوقات العصيبة، كما يمكنك أيضًا الكتابة عن تجاربك السابقة في إحدى المجلات لمساعدتك على تحديد أنماط السلوك الإيجابي والسلبي وتوجيه سلوكك في المستقبل.
• تمسك بالأمل
لا يمكنك تغيير الماضي، لكن يمكنك دومًا التطلع إلى المستقبل، فقبول التغيير أو حتى توقعه سيسهل عليك التكيّف والتفكير في التحديات الجديدة بقلق أقل.
• انتبه لنفسك
1. اعتنِ باحتياجاتك ومشاعرك.
2. شارك في الأنشطة والهوايات التي تستمتع بها.
3. احرص على ممارسة الأنشطة البدنية ضمن الروتين اليومي.
4. احصل على قدر وفير من النوم.
5. اتبع نظامًا غذائيًا صحيًا.
6. قم بممارسة تقنيات التعامل مع الضغوط والاسترخاء، مثل اليوغا أو التأمل أو التخيل الموجّه أو التنفس العميق أو الصلاة.
• كن سبّاقًا
لا تتجاهل مشاكلك.. بدلاً من ذلك، تخيل ما يجب القيام به لحل الأمر وضع خطة ثم اتخذ الإجراءات اللازمة للتنفيذ، فعلى الرغم من احتمال استغراق وقت طويل للتعافي من أي انتكاسة كبيرة؛ سواء حادث صادم أو خسارة صادمة، فاعلم أنه بإمكانك تحسين الأمر إذا عملت على ذلك وتحويلة من فشل الى نجاح.
المرونة في التعامل مع الآخرين
لكل منا مبادئه الخاصة التي يتعامل معها في حياته اليومية الناتجة عن أسلوب التعليم واكتساب الخبرات على مدار الأيام، ويجب أن ندرك أننا مختلفون عن بعضنا البعض في التفكير وأسلوب الحياة، ولكي نكون قادرين للتفاعل والتعايش مع بقية المجتمع، يجب أن نتحلى بالمرونة في التعامل مع الآخرين. يجعلنا نشعر بالسعادة والرضا. هناك بعض الخطوات التي يجب اتباعها عند التعامل مع الآخرين التي تجعلنا مرنين، لذلك يجد الناس أيضًا الراحة في التعامل معنا، حيث أن التشبث بالرأي والعناد أمر غير مرغوب فيه من قبل الجميع. ومن أهم هذه الخطوات:
التواضع مع الآخرين
إذا كنت في موقف تتعامل فيه مع من هم أقل منك في العلم أو في موقف اجتماعي، فيجب عليك التعامل معه. كونك متواضعًا ولا تحاول إظهار مقدار معلوماتك ما لم تكن هناك حاجة إليها، فهذا يجعل من حولك يحبون التحدث والتواصل معك دائمًا.
التنازل
التنازل عن بعض الأمور لا يعني إهمال ما هو ضروري للإنسان أو حقوقه الشخصية، بل من الضروري معرفة الوقت المناسب الذي يمكن فيه التنازل عن بعض الآراء لإعطاء الآخرين الفرصة لفعل ما يريدون دون الإضرار. اهتمامات شخصية.
على الراغبين في التحلي بالمرونة مع الآخرين توخي الحذر في اختيار كلماتهم أثناء التحدث معهم حتى لا يتسببوا في إصابة أو إحراج لمشاعر أي شخص، مما قد يؤثر سلبًا على تفاعلهم مع بعضهم البعض.
اللطف في التعامل
إنه أحد المبادئ الأساسية للمرونة في التعامل مع اللطف. بالنسبة لأولئك الذين يرغبون في كسب لطف الآخرين، تحدث معهم بلطف واستخدم تعبيرات الامتنان في حالة دعوات الشكر التي وجهها الصانع، والتي يشعر فيها الشخص الآخر بالتقدير والامتنان.
إعطاء فرصة للآخرين
ويفضل أن يكون هناك كثير من الناس لا يحتكرون التحدث نيابة عنك فهذا يدل على الأنانية وعدم تقدير الآخرين، بل يفضل السماح للآخرين بالتحدث أولاً مع الاهتمام بأقوالهم والاستماع إليها.
ابتسامة
الشخص ذو الابتسامة البسيطة والطبيعية مقبول في قلوب الآخرين، على عكس الشخص الغاضب، دائمًا لا يفضل كثيرًا التعامل معه.
سرعة أطراف الدردشة
عندما تكون وسط مجموعة من الأشخاص، يجب أن تستجيب بسرعة لأولئك الذين يتحدثون إليك ويدردشون مع الأطراف حتى لا يشعروا بعدم المبالاة أو التقليل من شأنهم.
الفروقات الفردية
يجب أن يكون مفهوما تماما أن لكل شخص أولويات تختلف عن الآخر، لذلك يجب أخذ ذلك في الاعتبار عند التحدث مع الآخرين وتقييم أولوياتهم وعدم مواجهتهم بالتفكير فيما يهمهم حتى لا نخسر المرونة في التعامل معها.
اضافةتعليق
التعليقات