النفس البشرية التي جاءت رسالات السماء من أجل تزكيتها وتنمية المواهب الخيرة فيها، والتي هي اعدى أعداء الانسان، وأقرب أصدقائه في نفس الوقت، فهي اعدى اعداؤه إذا كانت امارة بالسوء، ناهية عن الخير، متسارعة الى الفساد، مسوفة للتوبة.
وهي أقرب أصدقاء الانسان، إذا كانت لوامة له فيما يعمله، داعية للخير مهذبة، مزكاة. هذه النفس البشرية، قد يكون فيها وقر حسب التعبير الإسلامي الذي جاء، على لسان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)، أي كان فيها ثقل وشيء يرسي هذه النفس ويبقيها صامدة ومستقيمة امام هزات الحياة، وتغيرات الأحداث، اما إذا كانت خفيفة، فإنها تهتز لأي سبب من الأسباب، اذ تصبح هلوعة.. "إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا".
اذ تصيح في البأساء مستسلمة، جزعة غير صابرة، وحين الرخاء، تصبح طاغية، مستكبرة ومفسدة.
السؤال الذي يطرح امام كل انسان هو: انه كيف يربي نفسه؟ وكيف يزكيها؟
ان المسؤول الأول والأخير عن تزكيتك انت، أقول المسؤول الأول وهو مفهوم، وأقول المسؤول الأخير، لأنه لا أحد في العالم يستطيع أن يزكيك وينمي مواهبك الخيرة إلا أنت، هذه سنة الله في الحياة، لا تستطيع ولا يستطيع أحد في الكون تغيير هذه السنة.
يمكن ان يفكر الانسان في بناء بيته، في خياطة ملابسه، في تطوير وسائل الرفاه لنفسه، ولكن صدقوا، ان هذه المظاهر ستنتهي، وكما قال ذلك الحكيم العربي، لذلك الملك العربي الذي يبني قصرا شامخا، منيفا في الحيرة، ثم دعا كل الحكماء والشعراء والوجهاء الى قصره فتوافدوا عليه وهو يسألهم ماذا ترون من نقص في هذا القصر؟
كلما امنعوا النظر في القصر وجدوا فيه سموا في البناء وروعة المظهر ومتانة ورصانة، ليس في هذا القصر أي نقص الى ان جاء حكيم سأله فأجاب:
ان فيه نقصا واحدا.
-وما هو؟
الجميع لم ينتبهوا لهذا النقص.
فأجاب: أنك مفارقه أو هو مفارقك.
أما القصر ينهدم وانت باق، أو انت تفني والقصر يبقى لغيرك، الانسان لا يحمل الى قبره سوى كفنه.
إذن الاهتمام بهذه النفس تنمية وتزكية لها، هذه قضية هامة بالنسبة اليك، ليس في العالم حق، يشبه الباطل كالموت.
حتى لا تهتز النفس البشرية بالظواهر الكونية والتي تستسلم لأبسط مصيبة، وتطغى لأبسط نعمة أو لظاهرة في الحياة، وظاهرة في نفسه وظاهرة في البرد وظاهرة الحر، تراه يغير كل مواقفه، كل موضوعاته، وإذا دخلت في الحياة الاجتماعية رأيت الأمور أسوأ وأسوأ.
ان الانسان يملك كل وقر الايمان، حينما تملك وقر الايمان يمكن عندك ثبات اليقين، النضج، كأولئك الصحابة الاجلاء الذين عاصروا الحق والباطل، فثبتوا على الحق رغم الصعاب التي اعترضتهم فعمار بن ياسر، حينما قالت له عائشة: انتصرتم علينا ثم تبجحتم، ماذا قال؟.
قال: كلا...
والله لو ضربتمونا الى سعفات هجر لكنا نعلم اننا على حق وأنتم على باطل.
اضافةتعليق
التعليقات