مع تأثير جائحة فيروس كورونا، على العديد من الأشخاص حول العالم، تم إجراء الحجر الصحي الإلزامي لأولئك الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس، وفرض الحظر وطبقت إجراءات احترازية للحد من انتشاره، من خلال البقاء في المنزل وتجنب التجمعات، وتوقف الأنشطة والفعاليات والزيارات الاجتماعية في العالم. لكن هناك فئة من الأشخاص لن يمر عليهم الأمر بهدوء فسوف يتضرروا نفسيا من أثر هذه التجربة عليهم، ومن الممكن أن يتعرضوا لما يسمى “اضطراب ما بعد الصدمة”.
مع تأثير جائحة فيروس كورونا، على العديد من الأشخاص حول العالم، تم إجراء الحجر الصحي الإلزامي لأولئك الذين ثبتت إصابتهم بالفيروس، وفرض الحظر وطبقت إجراءات احترازية للحد من انتشاره، من خلال البقاء في المنزل وتجنب التجمعات، وتوقف الأنشطة والفعاليات والزيارات الاجتماعية في العالم. لكن هناك فئة من الأشخاص لن يمر عليهم الأمر بهدوء فسوف يتضرروا نفسيا من أثر هذه التجربة عليهم، ومن الممكن أن يتعرضوا لما يسمى “اضطراب ما بعد الصدمة”.
حيث إن اضطراب ما بعد الصدمة من الاضطرابات النفسية التي قد تصيب أي شخص بعد التعرض لحادث مؤلم أو صدمة نفسية، وترك وباء كورونا تأثيراته النفسية على البشر، ومن بين هذه التأثيرات النفسية طويلة المدى اضطراب ما بعد الصدمة لكن ما هو هذا الاضطراب وكيف يتسبب فيروس كورونا في الإصابة به؟
اضطراب ما بعد الصدمة" Post-traumatic stress disorder) PTSD) ، هو حالة أصيب بها 3.5% من سكان العالم في 2012 وحده، وفقا لمنظمة الصحة العالمية. تطلق عليه الخبيرة النفسية الأميركية غويل رابو ماليتيس وصف "الجرح الخفي" فهو يأتي دون تغييرات جسدية ظاهرة بسبب خلل يمتد إلى وظيفة بأدمغتنا مختصة بمواجهة المخاطر، عبر نظام للتنبيه يسمى "استجابة القتال أو الفرار أو التجمد" يحفز الغدة الكظرية والنخامية وغددا أخرى لتهيئة الجسم للدفاع عن نفسه .واستمرار هذه الحالة وتكرارها يزيد من معدل ضربات القلب ويسرع التنفس ويسبب تشنج العضلات ويرفع مستوى هرمون التوتر "الكورتيزول"، فينشط الخوف والشعور بالذنب والأحلام المزعجة، ويحدث ضغطا عصبيا هائلا ومتواصلا مع كل استرجاع للمشكلة.
وتكمن صعوبة هذا النوع من الاضطراب في الحساسية الزائدة تجاه المحفزات التي يربط العقل بينها وبين الصدمة الأصلية، فمجرد رائحة دخان في مخيم، مثلا، قد تستحضر ذكرى حريق منزلي وكأنه حدث للتو. ومع تكرار استرجاع الصدمة يشعر المصابون بالنقص ويلجؤون للعزلة "كأنهم يضغطون على زر إيقاف حياتهم، بينما يتحرك العالم من حولهم".
فبعد تفشي مرض السارس في عام 2003 ، أظهر كل من العاملين في مجال الرعاية الصحية والأشخاص الذين تم عزلهم ذاتيًا أعراض اضطراب ما بعد الصدمة.
وأوضح الموقع أنه يمكن أن يكون لوباء كورونا تأثيرا مماثلا، وفقًا للخبراء والباحثين، حتى إذا لم يتم تشخيصك باضطراب ما بعد الصدمة، فقد يكون لديك رد فعل نفسي قوي تجاه صدمة مرض كورونا والتي يمكن أن تستمر لفترة طويلة بعد وقوع حادث.
وقالت لوانا ماركيز، أخصائية علم النفس السريري والأستاذ المساعد في قسم الطب النفسي في كلية الطب بجامعة هارفارد الأمريكية ورئيس الجمعية الأمريكية للقلق والاكتئاب "عندما نفكر في الأحداث الصادمة، لا يقتصر الأمر على الحدث فحسب، بل هو حقًا تفسيرك له وما الذي يسببه الحدث بالنسبة لك".
هذا الاضطراب يمكن أن يحدث في الأشخاص الذين عانوا أو شهدوا حدثًا مؤلمًا في حياتهم، مثل حادث خطير أو هجوم إرهابي أو اعتداء جسدي. ففي أزمة كورونا قد يكون العاملون في مجال الرعاية الصحية الذين يقدمون خدمات الخط الأمامي لفيروس كورونا، وكذلك الأشخاص الذين فقدوا أحباءهم أو وظائفهم بسبب المرض أكثر عرضة للإصابة بصعوبات نفسية طويلة الأجل.
وأولئك الذين يعانون من حالات الصحة العقلية الأخرى، مثل القلق أو الاكتئاب، أو الذين لديهم تاريخ سابق من الصدمة، قد يكونون في خطر متزايد للإصابة.
وبحسب ماليتيس هنالك علامات لاضطراب ما بعد الصدمة قد يستغرق الأمر شهورا أو سنوات قبل أن تظهر علامات اضطراب ما بعد الصدمة، والتي يمكننا أن نلاحظها في أربعة أشكال رئيسية هي:
- "الاسترجاع" بمعنى اجترار تجربة الحدث الصادم عبر الذكريات أو الكوابيس، أو أي موقف محفز يذكر بها.
" –التجنب" ويكون بمحاولة الهروب من أي شيء أو مكان يهيّج ذكرى الصدمة، والميل إلى العزلة، وعدم القدرة على العودة للحياة الطبيعية.
–"فرط الإثارة" الذي يظهر في اضطراب النوم، والذهول، ونوبات الغضب، والسلوك العدواني.
–"التفكير السلبي" الناتج عن تقلبات المزاج، والشعور بالغربة والوحدة، وصعوبة التركيز والتذكر، والاكتئاب والخوف غير المبرر، وانعدام الثقة والشعور بالذنب.
وأيضا هنالك أعراض جسدية للصدمة هناك مشكلات جسدية قد يسببها انخفاض مستوى هرمون "الكورتيزول" الناتج عن اضطراب ما بعد الصدمة، مثل:
-جفاف الجلد وزيادة فرص حدوث الإكزيما والندبات، وتحوّل الصابون والكريمات إلى مهيجات.
-زيادة الوزن وخصوصا حول البطن، لارتباط الكورتيزول ارتباطا وثيقا بالإفراط في تناول الطعام.
-الاضطرابات الهضمية: لانشغال الكورتيزول بتوجيه طاقة الجسم لوظيفة الهجوم أو الدفاع أو الهرب، مما يقلل من إمداد الجهاز الهضمي بالطاقة والدم.
-صعوبة اكتساب العضلات، وسرعة فقد ما يكتسب منها، لأن الكورتيزول يقلل من امتصاص الأحماض الأمينية في خلايا العضلات.
-الأقدام والأيدي الباردة والمثلجة: بسبب سحب الدم من الجسم لتمكينه من الدفاع عن نفسه.
-كثرة التعرق العصبي والتثاؤب: للمساعدة على تهدئة حرارة المخ، والحصول على المزيد من الهواء.
-انفجار موجات الحساسية: فقد أظهرت دراسة أجريت في جامعة أوهايو زيادة نسبة المصابين بالحساسية بين من يعانون اضطراب ما بعد الصدمة.
-الآلام المتكررة والمزمنة.
-الشعور بطنين في الأذنين.
-تحدي الإحساس بالعجز: بتعزيز نقاط القوة ومهارات التأقلم، كالتطوع للأعمال الخيرية، أو التبرع بالدم، وأي نشاط إيجابي يتحدى الشعور بالعجز والذي يكرسه هذا المرض.
-الحركة والرياضة وما تطلقه من الإندروفين الذي يحسّن المزاج ويساعد الجهاز العصبي على التحرر من الأفكار السلبية والتركيز على الجسم وما يشعر به أثناء المشي أو الجري أو السباحة.
-قضاء الوقت في الطبيعة: حيث الإحساس بالسلام والاستجمام في الهواء الطلق، وما يمكن أن يحققه لأي شخص يعاني الصدمة.
-التواصل مع الآخرين: فالبقاء على اتصال بالحياة والناس يعد أمرا حيويا للشفاء، في مواجهة الميل للانسحاب من الأنشطة الاجتماعية.
-نمط حياة صحي: بالاعتناء بالنفس والاستفادة من تقنيات الاسترخاء كالتأمل أو التنفس العميق أو اليوغا، والالتزام بوجبات خالية من الأطعمة المصنعة والسكريات التي تفاقم تقلبات المزاج.
-الحصول على قسط كاف من النوم لما يسببه الحرمان من النوم من غضب وتهيج ومزاجية.
-طلب مساعدة احترافية من طبيب ذي خبرة، فكلما كان العلاج أسرع، كان التعافي أسهل.
-ويجب أن نعلم أن هنالك آثارا إيجابية ناجمة عن الصدمة فقد كان الكثيرون يناقشون فكرة أن هذه الجائحة علمتهم درساً في الحياة بأن يقدروا النعم الممنوحة لهم وأن يزدادوا قوة. فهل هذه استجابة ممكنة للصدمة؟
أما لدى الأطفال، فتضاف أعراض الخوف من الابتعاد عن الوالدين، وفقدان المهارات المكتسبة مسبقا (مثل القدرة على استخدام المرحاض)، وتمثيل الصدمة من خلال اللعب أو القصص أو الرسومات.
ومن أهم النصائح للتعافي من الاضطراب ما بعد الصدمة حيث هي عملية تدريجية لا تحدث بين عشية وضحاها، لذلك قدم موقع "HelpGuide" الأميركي المختص بالمساعدة في مجال الصحة العقلية، نصائح لتحقيق ذلك، منها:
ثمة مفهوم عظيم علمت به خلال دراساتي عن الصدمة: نمو ما بعد الصدمة. ويمكن تبسيطه في عبارة نعرفها جميعاً: “الضربة التي لا تقتلك، تقويك”. يعرِّف الباحثون نمو ما بعد الصدمة بأنه تطور بسبب حدث صادم ومن ثم يشهد الشخص تغيراً إيجابياً ونمواً يعقب الحدث.
ولا شكّ في أن هناك من سيخرج من هذه الصدمة بقوة أكبر، ومرونة أكبر، وإنجازات أكبر. لذا يجب علينا جميعا أن ندعم بعضنا بعضا للخروج من هذه الجائحة بأقل قدر من الأضرار الجانبية ولا يمكن أن نفعل هذا إلا عن طريق دعم بعضنا بعضاً والعمل على تطوير برامج المتخصصين التي يمكن أن يصل أي شخص إليها عند الحاجة.
اضافةتعليق
التعليقات