كان من نصارى أهل الكوفة ولكن غيّر مسيره فجأة، هذه الحياة غريبة جدا تعظّم فئة وتصغّر آخرين بلمح البصر، لا نعرف ماذا يخبئ لنا القدر ولا نعرف أين وكيف ستكون نهايتنا، لا نعرف ستكون عاقبتنا على خير أم شر، لذلك يقال لا تستهزئوا بأي عمل خير حتى وإن كان صغيراً فربما يكون نوراً في طريق الظلام وينقذنا يوماً ما.
لا أعرف ماذا عمل ذلك الشاب الذي وفق ليخرج من الظلمات إلى النور ويعتنق مذهب الحنفية الحقة ولكن أعرف أن لا شيء يحدث بالصدفة.
فالانسان بأعماله يرسم لوحة حياته وهذه اللوحة ستصبح خالدة أو ربما ترمى بالنفايات وتختفي بعد سنوات.
زكريا بن ابراهيم كان من نصارى أهل الكوفة اعتنق الاسلام وعزم على اتيان مناسك الحج، في طريقه إلى البيت العتيق أراد أن يزور سيده ومولاه جعفر بن محمد الصادق عليه السلام ونال هذا الشرف العظيم، دعا له الامام عليه السلام بثلاث دعوات فهذه الدعوات باستطاعتها قلب الموازين رأساً على عقب، فمن يدعو له امام زمانه سوف يكون محظوظاً بلا شك وسوف يرى النور ولا يتراجع عن طريقه أبداً. فهذه الدعوات مستجابة وكفيلة بسعادة الانسان في الدارين، بعد أن نظر اليه بلطف وأسر قلبه بجمال أخلاقه، قال له عليه السلام سل؟
قال: سيدي إنني من أسرة نصرانية ووالدي ووالدتي نصارى، هل أبقى معهم وآكل معهم؟ أم أخرج من ذلك البيت وأتركهم، سأله الامام عليه السلام هل يأكلون لحم الخنزير، قال: لا يقتربون له ولا يمسونه، قال عليه السلام: إذن ابقَ معهم.
قال: أمي مكفوفة ولا تستطيع أن تفعل أي شيء.
قال له عليه السلام: بر أمك وإن ماتت لا تكلها لغيرك.
بعدذلك رجع إلى البيت وبدأ يتلطف بوالدته.
قالت: بني لم تكن تعاملني بهذا اللطف من قبل ماذا دهاك وما السبب في تغييرك؟
قال أماه أنا الآن على دين الحنفية وقد أوصاني ابن نبينا صلى الله عليه وآله بهذا الاجراء قال: بر أمك، سألته هل هو نبي؟
قال: لا هو ابن النبي خاتم الأنبياء صلى الله عليه وآله.
قالت: بني هذه أخلاق الأنبياء، أعد علي الاسلام، علّمها قوانين الاسلام وبعد أن شهدت الشهادتين صلت صلاة الظهر والعصر وعرض لها عارض فماتت.
هكذا كانت نهاية قصتها على خير حيث أنها اعتنقت مذهب الحنفية وودعت الحياة بطمأنينة.
بالتأكيد إن الخلق الجميل كان الرادع الأساسي لتعانق هذا المذهب، لذلك يؤكد نبينا الكريم مرارا وتكرارا (إنما بعثت لأتمم المكارم الأخلاق) فعندما يصبح الانسان خلوقاً سوف يسهل عليه التعامل مع الآخرين على صعيد الفردي والاجتماعي، وبالعكس صاحب الخلق السيء يفر منه الجميع ويصبح كالحنظل لا يتجرع بسهولة.
لذلك يقول مولانا الصادق عليه السلام: كونوا لنا زيناً ولا تكونوا لنا شينا.
فمن خلال أعمالنا وأفعالنا نبين حجم محبتنا لأننا ننسب إلى هذا المذهب، فلندقق في تصرفاتنا لأنها تحدد نهايتنا.
قال عليه السلام: ((إن الحسن من كل أحد حسن وإنه منك أحسن لمكانك منا، وإن القبيح من كل أحد قبيح، وإنه منك أقبح لمكانك منا)).
اضافةتعليق
التعليقات