كل منا أنا وأنت لديه قدرات معينة بل يحتوي على كنز من القدرات العظيمة التي جعلها الله تعالى لكل فرد ولعل الكثير قد يطوي هذا الكلام قائلاً: لست المقصود، وأنا أقول: قلنا في بداية الكلام كل فرد فيه كنز من القدرات والآن سآخذ بأيديكم يداً يداً في مدينة القدرات الداخلية وكيف أغلقنا أبوابها وسأفتح باباً باباً لنرى حقيقة هذا الأمر الذي غفلنا عنه .
بداخل الطين كنز
وقبل أن افتح الأبواب هناك مثل صيني يقول (بداخل الطين كنز) وكما إن الكثير لم ينظم إلى مجموعتنا التي دخلت تبحث في مدينة القدرات المخفية فهناك الكثير لا يبحثون بداخلهم كي يكتشفوا قدراتهم الحقيقية لأن عالمهم المحيط بقدراتهم مليء بالبرمجة السابقة والاعتقادات والأحاسيس السلبية التي تبرمج بها الماضي من العالم الخارجي فكانت بداية هذه البرمجة من الوالدين ثم من المحيط العائلي ثم من محيط المجتمع ثم محيط الدراسة والأصدقاء ثم وسائل الإعلام بالإضافة إلى القيم التاريخية والدينية والجغرافية أي إن أكثر من 90% من قيمنا العاطفية مكتسبة من العالم الخارجي لذا فهي تبرمجنا سلبياً.
وقد قام بعض الباحثين في كلية (سان فرانسيسكو) بالبحث عن نوعية برمجة الإنسان فوجدوا أن اغلبها سلبي ويعمل ضدنا وما هذه البرمجة إلا دفن لقدراتنا اللا محدودة بداخلنا، لقد أعطى الله تعالى للإنسان قدرة العقل على البحث والتحليل والاستدلال والقدرة على الاكتشاف فالعقل البشري يحتوي على 50 مليار خلية عقلية ولو أردنا أن نحسب تلك الخلايا فسوف نحتاج إلى 5000 سنة، تخيل!.
العقل البشري له قدرات غير محدودة
إن العقل البشري يتميز بقدراته اللامحدودة، وقال العلماء في الخمسينات من هذا القرن إننا كبشر نستخدم حوالي 50% من قدرات العقل ثم قالوا في الستينات إننا نستخدم فقط 20% أما في السبعينات قالوا إننا نستخدم فقط 10% وكان الاستنتاج في الثمانينات إننا نستخدم 5% وفي التسعينات كان آخر قول إننا لا نستخدم أكثر من 0،1 % فقط من القدرات العقلية تخيل معي هذه القدرات العظيمة إلا أن بعض العلماء اختلفوا معه في إننا نستخدم 10% من القدرات فلنفرض إننا نستخدم 10% من القدرات العقلية فكانت النتيجة إننا وصلنا إلى هذا التقدم العجيب فما بالك لو إننا استخدمنا 50% من قدراتنا فكيف ستكون النتيجة !
والآن اسمح لي أن أقول لك بعد هذه المعلومة ألم يحن الوقت لمعرفة من أنت؟
ألم يحن الوقت أن تكف الشك عن قدراتك اللامحدودة؟
وإذا كنا نملك هذه القدرات لماذا يعيش الناس في دوامة التحديات والصعوبات؟
كل هذه الأجوبة تتلخص بهذه العبارة وهي: عدم إدراك الإنسان بأنه أقوى وأفضل مما يفكر وعدم إدراك قيمته الحقيقية، لأن معظم الناس يستخدمون حواجز ذاتية توقف عقله عن التفكير في إمكانياته وقدراته، إنها حواجز التفكير السلبي والاعتقاد السلبي بنفسه وبالآخرين ومن هذه الحواجز المؤثرات الخارجية والبرمجة السابقة والأعذار وعدم الرضا والصورة الذاتية و التقدير الذاتي .
لا تضع نفسك خلف قضبان العذر
وحتى لا يطول الكلام عليك سأقتصر على حاجز الأعذار الذي هو أكثر الحواجز استهلاكاً وكأنه لا ينتهي كعذر الحالة النفسية بأن الإنسان يكون محطم خلف قضبان هذا العذر ويترك العمل والإنتاج ملقياً هذا على شيخوخة الحالة النفسية، أو عذر الحالة العائلية واصفاً عائلته كالقيود التي تمنعه من التقدم قائلاً: أبي، أمي، أخي وغيرهم يعيقون عملي فالأفضل لي الجلوس بزاوية من زوايا المنزل، ولا أنسى أن أذكر لك عذر الحالة الاجتماعية بأن الناس لا تحبني أو لا أعرف أن أتعامل مع الآخرين أو الناس لا تقدرني فإذا أردت أن أسأله هل أنت اجتماعي؟ سيقول نعم، إلا أني أصبحت غير اجتماعي بسبب خيانتهم أو سخريتهم أو أهانتهم ممتطياً كرسي الإعاقة للجلوس الأبدي، والبعض يعتذر بنقص الأموال وكثير ما يردد ليس معي المال لوكان عندي أموال لكنت سافرت لكنت فعلت كذا وكذا، مع إننا نقف على حقيقة في المجتمع إن اغلب من لديهم الأموال اليوم كانوا في يوم من الأيام لا يملكون أموال.
وتقول الإحصائيات إن الذين يملكون الأموال بالوراثة عن آبائهم اقل من 7% من أغنياء العالم و97% من الأغنياء بدأوا من الصفر ولك الأمر فهل تخدع قدراتك بكلمات لا واقع لها مع الجد، ولا ننسى ثوب الخوف الذي يرتديه اغلب الأفراد في كل خطوة من حياتهم وهو بمثابة غدر لحركته لأنه لم ينجح في هذا العمل أو لم يؤخذ برأيه أو غير ذلك فهو يتخوف من وهم لا حقيقة عذر العادات والتقاليد والحالة الجسمانية وتقدم العمر وغيرها من الأعذار.
دعنا نوقظ المارد الموجود بداخلنا
والآن دعنا نوقظ هذه القدرات وننفض التراب الذي علينا ونوقظ المارد الموجود بداخلنا وننشطه، وإيقاظ القدرات هو الإدراك فابدأ بالإدراك واعرف من أنت وتقبل نفسك كما أنت لأنك إذا تقبلت نفسك فهذا جزء من التقدير الذاتي والتقدير الذاتي ينطوي على ثلاث أشياء: التقبل اي ان تتقبل نفسك كما انت و التقدير اي أن تقدر نفسك وتقدر خبراتك وأفكارك وتجاربك والحب الذاتي طالما انك تحب الله فلا بد أن تحب هديته كما هي، أي انك تحب نفسك كما أنت، شكلك لونك طولك عرضك تتقبل والدك ووالدتك اسمك فإنك إن لم تتقبل أحد لن تتقبل نفسك أو تقدر نفسك مما يسبب ضعف في صورتك الذاتية وفي تحقيق الذات؛ تقبل نفسك مهما سخر منك الناس لأنك أفضل مخلوق عند الله تعالى ولا يوجد أي شخص يستطيع أن يؤثر عليك بدون إذنك فإنك إذا تأثرت بالمؤثرات الخارجية أو الكلام وتحس به فهذا بسببك لأنك أنت من فتح الباب لهذا المؤثر وأنت الذي تفكر فيه أنت الذي تضع عليه كل أحاسيسك.
كل إنسان يبدأ بالحلم ثم يفكر فيه ثم يصبح خاطراً إلى أن يصبح إمكانية فتضعه في الفعل ويصبح حقيقة وليس خيالاً فكل الحقائق والاختراعات كان أصلها حلم في يوم من الأيام وبعد ذلك بدأ يفكر فيها ويكبر هذه الصورة حتى صارت حقيقة .
الإدراك هو بداية التغيير
إذن أولاً الإدراك ثم التقبل الذاتي ثم اتخاذ القرار ولا بد أن تقرر معي الآن وكلمة قرار تأتي من كلمة إغريقية معناها: قاطع أي قرر قرار قاطع الآن وليس قرار ضعيف، فالإدراك هو بداية للتغير وعندما تدرك قدراتك وتحتضن نفسك بلهفة كما هي وتقرر أن تستخدم قدراتك فهذا قرار قاطع، بعد ذلك يأتي الاختيار اختيارك أنت هل تحب أن تعيش سعيداً أم تعيساً؟ واغلب الناس تحب السعادة ثم إذا قلنا: أعمالك وأفعالك التي تقوم بها توصلك إلى السعادة أم لا؟ كمن يريد الدخول إلى الجنة نسأله: هل عملك أو ما تقوم به يوصلك إلى الجنة وبما إن ما نفعله لا يوصل إلى ما نريد فسيحدث الاكتئاب لأن هذه انعكاسات نفسية لا بد من التفكير بشيء نحن نريده ونختاره فعلاً وعندما نختاره نضعه في حيز الفعل وهذا هو الاختيار ثم لا بد من وجود معه القرار فالقرار يأتي قبل أن نختار فإذا قررت أن تجلس بطريقة خاطئة فسيتأثر الغضروف مثلاً ستصرخ قائلاً آه أو بالحظ السيئ ناسياً انك أنت الذي اخترت أن تجلس بهذه الكيفية فهو اختيارك فقرارك واختيارك يحدد مصيرك والآن دعني أذكرك بالخطوات التي ذكرناها وهي :
إدراك وقبول وقرار واختيار ثم تحمل المسؤولية، فبعد هذه الخطوات عليك تحمل مسؤولية نفسك فهي فبذلك سيكسوك القوة الذاتية. فإذا كان هناك عقبة تمنعك من مواصلة المسير ماذا ستفعل؟ أمامك خياران إما أنك تترك المسير وتعود خاسراً المسافة التي قطعتها أو أنك تزيل هذه العقبة وتكمل المسير، ومن واجبك ازالة هذه العقبة لتكمل الطريق، فهل هذا يكفي للوصول إلى العلا، كلا مع هذا كله لابد من تنظيف الماضي ستقول وكيف ذلك؟
أقول لك: هل سبق وحدثت لك تجربة سلبية، سأسألك إذا عدت بك إلى الماضي وحدثت لك نفس التجربة فهل ستتصرف بنفس الطريقة؟ بالطبع كلا.... لماذا؟ لأن الماضي صار مهارة تقودها بين يديك سلوكك تفكيرك كل شيء لأنك تعلمت من الذي حدث وكل ما هو سلبي سيزول والان رتب أفكارك ثم اسأل نفسك ما هي أولوياتك؟ ما الذي تريد أن تفعله أكثر من أي شيء آخر في حياتك؟ رتب أفكارك ثم أولوياتك للوصول إلى الأفضل.
والآن افتح باب الاستعداد الذهني وتزود بالمعرفة فعليك القراءة أو أخذ الدروس وكل ما تستطيع فعله لزيادة المعرفة لتتغلب على قفل الباب بمهارة المعرفة التي لديك وتدخل في الاستعداد النفسي وبعد هذا كله سأفتح آخر باب من المدينة لتوقظ قدراتك وتتجه نحو أفق النجاح بكل ما لديك وهو باب النية، انوي من الآن أن تستخدم قدراتك وكل حواسك، إنوي أن تصل إلى أهدافك، انوي التوكل على الله لصناعة مستقبل تفخر به، وبما انك نويت لا بد أن تكون هناك طاعة تامة لله تعالى كي تصنع مستقبلك وتصل إلى اليقظة، انوي لله نية خالصة أن تطيعه وان تخلص له فمن الذي وهبك هذه القدرات؟ من وهبك هذه الطاقة؟ من وهبك جميع هذه النعم التي لا بد لك من استغلالها ليلاً ونهاراً.
ثم يأتي بعد ذلك الوفاء أو الإيمان بالله والوفاء يرتبط بمعرفة الله، فمن يعرف الله يشكر ويحمد الله على كل نعمة وهبها الله له، والآن هل أنت جاهز لتحريك مصنعك الذي أغلقته بيديك، ابدأ من أول خطوة وحرك قدراتك لصناعة المستقبل، فأنت في جميع الأحوال تعيش فلماذا العيشة الخاطئة وأنت في جميع الأحوال تأكل فَكُل بطريقة صحيحة، وبكل الأحوال تُكون أسرة فَكَون أُسرة بصورة صحيحة، صحح كل خطوة ترى أنك مخطئ فيها، وسِر نحو المستقبل الذي ينتظر كل من أراده ورفرف براية النجاح التي صنعتها بيديك .
أتمنى بعد هذه المعرفة البسيطة أن نواكب النجاح حيثما كان بالإدراك والقبول والقرار والاختيار وتحمل المسؤولية وتنظيف الماضي وترتيب الحاضر والاستعداد والنية والوفاء .
اضافةتعليق
التعليقات