إن السبب الأول وراء الإهتمام المتزايد بالشخصيات التافهة وترميزها هو قلة وعي المُتابع وذلك يعود إلى مشكلة نفسية أو عقلية عنده وأقصد بالمشكلة العقلية هو الجهل! وأدى ذلك إلى ظهور شخصيات تافهة، ومحتويات هابطة، فأصبحوا مشهورين بسبب الإهتمام الذي يتلقونه من متابعيهم. يُمكن فهم هذهِ الظاهرة من خلال التحليل النفسي والإجتماعي.
إنَ هؤلاء الأشخاص يسعوّن إلى لفت الإنتباه للحصول على الإهتمام، ويستخدمون تلك الوسائل للوصول إلى شيء يفتقدونه في دواخلهم أو عُقدة نفسية أصابتهم؛ ليتلقون دفعة في إحترام الذات كل ظنهم أن تلك الطريقة كفيلة بإعادة هيكلة شخصيتهم المفككة تلك. تُعد الإعجابات والتعليقات دافعاً لهم ورصيدا كبيرا، لذا يَنتُج لنا شخصيات ذواتهم مبنية على عدد المتابعين ويبدو أنها تُتيح لعرض وترويج التفاهة في وسائل التواصل الإجتماعي فتُنمي لديهم القُدرة على فضح أنفسهم أكثر للفت الإنتباه.
فيحاولون إثبات أنفسهم كشخصية مرجعية وإنشاء صورة مزيفة للنجاح على أنهم أنشأوا مصدرَ رزقٍ لهم. وبالتطرق إلى هذهِ الظاهرة علينا أيضًا التركيز على مسألة مهمة للغاية ألا وهي مسألة الإرتباط لرفع المتابعين من خلال عقد هذهِ الصفقة؛ وكما نعلم أن الزواج شيء مقدس ورابطة عظيمة وهي من أعظم وأحب الروابط إلى الله عز وجل. وقد وضع لنا الكثير من الشروط والأساسيات كما بقية الشرائع لإتمامهِ ونجاحه؛ كما وضع لنا أمثلة كثيرة مثل النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) مع خديجة، وعلي مع فاطمة.
وللأسف الشديد تغيرت المعايير والأُسس الدينية في هذا الأمر كما بقية الإختلافات في حياتنا. فأصبح الأزواج يتاجرون بمظاهر زوجاتهم حيثُ أصبحت الزوجة الجميلة والمثيرة هي البطاقة الفائزة للوصول إلى قمة الشهرة والاهتمام!
فنجد الأغلب من الذين يُسمَوَّنَ بالرِجال يتهافتون ليتزوجوا نجمات الإعلام والشهرة ذوات الشكل الحسن الذي أُنتجَ من مراكز التجميل مرتدية قناع المسالمة متخفية تحت غطاء الثقافة العصرية مُدعية بالإنحلال والتعري على أنهُ حرية مُتبعة أسلوب السوق والتجارة على أنها إنسانية.
فيتم الزواج الفاشل ذاك الذي لم يكن فيه من الصدق والإخلاص ذرة إلا تلبية لإكتساب الشهرة وامتيازات تحولهم إلى أثرياء بعدما باعوا أنفسهُم كسلعة بسعرٍ بخس وقدموا حياتهم على طبقٍ دَنِس جاعلين حياتهم عِبارة عن خشبةِ مسرح على السوشيال ميديا مبتعدين عن التعبير عن مشاعرهم الإنسانية يلهثون وراء ثوب الغنى خالعين الستر مروجين إلى التعري والفسق والمجون! فتجدهم ضائعين تائهين يبحثون عن السعادة ولكن محال أن يجدوها. فقد رُكِنَ الحُب والإحترام على جهةٍ أُخرى بعيدةً عنهم فلم يكن الهدف من الأساس هو بِناء الحب إنما عكس ذلك تمامًا!
وهنا يتم التنافس فيما بينهم للوصول إلى القمة وهي في الواقع الحضيض الدَرَن. وهذا نِتاج الذين يَدعون الفن فقد أصبحوا للبعض هم القدوة ولهم من التأثير مالهم على حياة الأغلب خصوصًا الشباب، أفلا يعلمون أن الفن المتمادي الأجوفِ ذاك ماهو إلا بناء أعمدة من خشب تحتَ صرحٍ من الصخور، ألا يعلمون أن الفن رسالة وتنبيه وليس إنحلال وتشويه. لقد أصبح الفن زواجا يتنافس عليه الجهلة فإذا أراد الفنان أن يرتقي ويصل إلى الشهرة عليه بالزواج من سافرات الحياء غافلاً عن أن الفن يستلزم أصالة تفيض بالإلهام! فأصبحت الزيجات مستنسخة مستهلكة والجاهلون من العامة يقلدونهم بكلِ ثقةٍ ودقة! إنهُ ألمٌ وشجن عارم يُصيبنا.
علينا أن نستذوق مانراه فمن يستذوق لا يجد هناك ما يُستلذُ به وما يُغري النظر أو يُثري الفكر في صنيعهم. فإن بقينا على هذا الحد من الذوق فالمستقبل لا يرحمنا علينا أن نستفيق من سُباتنا، وأن نُحاول أن ننهل من ينابيع الإبداع الخالصة، لنُجدد من أنفسنا ما فقدناه.
اضافةتعليق
التعليقات