حركة طالبان سيطرت على السلطة في أفغانستان يوم 15 آب/أغسطس، لم تقدم حتى الآن توضيحا بشأن تصريحاتها ونظامها التي تقول عنه نظام اسلامي، وتخشى النساء من هذه الحركة وبخاصة عندما يتوقف العالم عن إعارة قضيتهن بعض الاهتمام.
على بعد آلاف الأميال، ومن قلب الأزمة في أفغانستان، تقول محبوبة سراج، إحدى الناشطات الأفغانيات الرائدات في مجال حقوق المرأة، إنها لن تتزحزح قيد أنملة عن كابول.
في مقابلة هاتفية مع فرانس24 من العاصمة الأفغانية، أصرّت مؤسسة "شبكة النساء الأفغانيات" والعديد من المنظمات غير الحكومية الأخرى، على أنه ليس لديها ما تخشاه: "الخوف؟ من أن يعدمونني؟ لماذا؟ ما هو الخطأ الذي اقترفته؟ فأفضل جزء في حياتي بات من الماضي الآن.
قالت سراج بتحدٍ: "أبلغ من العمر 73 عامًا، وأنا لا أزال مليئة بالطاقة، وأريد إنهاء المشاريع والعمل الذي بدأته، وأريد أن أكون هنا من أجل الأفغانيات وفي داخل أفغانستان.
في هذه المرحلة، هناك نساء ينتمين إلى حركة حقوق المرأة، إلى المجتمع المدني ولا سيما المحاميات وهن قلقات للغاية لأن حياتهن قد أصبحت في خطر.
قالت "وإذا كن يردن الخروج من البلاد، فمن فضلكم ساعدوهن على الخروج" وكالعادة، فإن مناشداتها يتم تجاهلها .
وقرر الرئيس جو بايدن عدم تمديد الموعد النهائي المحدد له 31 آب/أغسطس لإكمال عمليات الإجلاء التي تقودها الولايات المتحدة للأفغان الفارين من سيطرة طالبان متجاهلاً دعوات الدول الأوروبية وكذلك المحاربين القدامى ومجموعات اللاجئين، تمسك بايدن بالجدول الزمني في 31 آب/أغسطس، وهو في الواقع رضوخ لتحذير طالبان من أن الحركة لن تقبل "تمديد" الموعد النهائي للانسحاب.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو ما إذا كانت طالبان ستكون موجودة أيضًا من أجلهن
- وما إذا كانت ستسمح لجماعات حقوق المرأة بمواصلة عملها، وتحت أية إرشادات أو قيود.
فعلى مدى السنوات القليلة الماضية، سعت طالبان إلى صرف النظر عن المخاوف الدولية بالإصرار على أن المجموعة ستحترم حقوق المرأة "ضمن إطار إسلامي".
منذ سقوط كابول في 15 آب/أغسطس - تسارعت وتيرة هذا الخطاب في إطار سعي طالبان للحصول على اعتراف دولي من شأنه أن يفتح الحسابات المصرفية لأفغانستان التي جمدتها الولايات المتحدة.
سعى الصحافيون إلى الحصول على تفاصيل حول ما تنطوي عليه نسخة طالبان من "الإطار الإسلامي" بالضبط، ولكن دون جدوى.
لقد ناقش رجال الدين المسلمون مطولًا ما إذا كان حكم طالبان القاسي في التسعينيات - والذي كان فيه تعليم الإناث أو توظيفهن محرما - يتعارض مع قوانين الشريعة الإسلامية أم لا، وإذا كان الأمر كذلك فما هي المدرسة الفقهية التي يتبعونها.
فعالية في جمع الضرائب، وسياسات غير واضحة لتعليم الفتيات بالنسبة للعديد من الأفغان، انتهى وقت المناقشات والجدل النظري ولم يعد يهمهم الأمر كثيرًا؛ فقد سارعوا للتجمع في مطار كابول وكانوا يقتتلون في التدافع تجاه الطائرات المغادرة ويموتون بعد سقوطهم من على أجسام طائرات الإجلاء.
فمعظم الأفغان يدركون بألم واقع الانفصال بين ما تقوله طالبان على المسرح الدولي وما تفعله على أرض الوطن.
أما فيما يتعلق بصحة المرأة وتعليمها، كان السجل متقطعًا ومرتبكًا، مما دفع العائلات إلى منع فتياتها من الذهاب إلى المدرسة بكل بساطة. وحسب دراسة أجرتها "هيومن رايتس ووتش" عام 2020 كان بعض قادة طالبان يقولون إن التعليم مسموح للفتيات تحت سن البلوغ في حين كان قادة آخرون في نفس المنطقة يقولون إنه لا يُسمح بتعليم الإناث.
في غضون ذلك، تصاعدت بشكل مطرد قائمة الناشطات والمحاميات وضابطات الشرطة والسياسيات اللاتي استهدفتهن طالبان.
فبعد أيام من السماح لمذيعة في محطة "Tolo TV" الخاصة في الظهور على الهواء والعمل، قالت ثلاث مذيعات أخريات في قناة "RTA TV" الحكومية إنهن مُنعن من العمل بعد أن اقتحم رجال مسلحون من طالبان مقر المحطة في كابول وأمروهن بالمغادرة.
يختبئ النشطاء الأفغان، الذين لا يتمتعون بسمعة مماثلة للصحافيين المحليين، بشكل جماعي خوفًا على حياتهم ووسط تقارير موثوقة عن استخدام طالبان لتكنولوجيا المراقبة لتفتيش المنازل، قام العديد من النشطاء بإغلاق هواتفهم المحمولة.
كانت الكثير من النساء الأفغانيات يكسبن مداخيل بالغة الأهمية في العديد من الأسر.
الآن سيتعين عليهن العودة إلى منازلهن وسيزداد العنف الأسري بحقهن ولن نسمع حتى عن ذلك.
على مدى السنوات العشرين الماضية، خطت المرأة الأفغانية خطوات كبيرة، على الرغم من الفقر والنظام الأبوي في بلد محافظ. وحسب إحصاءات البنك الدولي، ففي عام 2001 لم يتم تسجيل أي فتاة في المدارس الرسمية وكان هناك فقط مليون فتى مسجلين.
بحلول عام 2020، تم تسجيل 3,5 مليون فتاة في بلد يبلغ عدد سكانه حوالي 38 مليون نسمة، مع ارتفاع معدل معرفة القراءة والكتابة إلى 43 بالمئة وفقًا لمنظمة اليونسكو.
على الرغم من الصراع والعنف، عملت النساء الأفغانيات في وظائف المحاماة والطب والهندسة وشغلن العديد من الوظائف الحكومية والتحقن بالشرطة والجيش، بل وأنشأن أعمالهن الخاصة. بحلول أوائل عام 2018، كانت قرابة 4,500 امرأة تخدم في قوات الدفاع والأمن الأفغانية، وكانت نسبة تمثيل النساء في البرلمان تبلغ 27,3 بالمئة أي أعلى من نسبتهن في الكونغرس الأمريكي (15,2 بالمئة) والبرلمان البريطاني (19,7 بالمئة).
كانت هذه بعض المكاسب التي أشارت إليها سراج في مقابلة في 15 آب/أغسطس مع هيئة الإذاعة والتلفزيون التركية (TRT). يُظْهِر مقطع الفيديو، الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي، الناشطة المشاكسة وهي تنتقد زعماء العالم "لتخليهم" عن النساء الأفغانيات. "لقد تحدثنا إليكم، وطلبنا منكم وسألناكم، لقد فعلنا كل شيء، لكن لم ينتبه أحد منكم.
ومن منزلها في كابول، تحمل الناشطة في مجال حقوق المرأة رسالة عاجلة للمجتمع الدولي "ينبغي على العالم مراقبة طالبان ليرى كيف تتصرف. إنهم جميعًا محبوبون الآن، لكنهم لن يبقوا كثيرا على هذا النحو، سوف يتغيرون.
نحن بحاجة إلى أن يراقب العالم ما يحدث - ورجاءً، لا توقفوا المساعدة الإنسانية وجميع المشاريع التي يحتاجها شعب أفغانستان.
تعرضت صور النساء على واجهات المحلات في كابول للتشويه أو الحجب في علامة على التغير السريع الذي يشهده وجه العاصمة الأفغانية في الأيام التي تلت تولي طالبان زمام الأمور فيها.
انتشرت المئات من صالونات التجميل في جميع أنحاء كابول لتبيع أدوات الزينة وخدمات المكياج وطلاء الأظافر للنساء.
ولكن مع اقتراب قوات طالبان من العاصمة، بدأ أحد هذه المتاجر على الأقل في تبييض جدرانه الخارجية لتغطية الإعلانات التي تظهر وجوه نساء مبتسمات في ملابس الزفاف.
وشوهدت جدران صالون آخر مغلق وقد رُشت بطلاء أسود لإخفاء محيا عارضاته المبتسمات، بينما مر أمامه مقاتل من حركة طالبان يقوم بدورية في الشارع وبندقيته على كتفه.
خلال حكمهم في الفترة 1996-2001، حرم الطالبان الفتيات من الذهاب إلى المدرسة والنساء من مخالطة الرجال ورجموا المتهمات بالزنا حتى الموت.
وأصدرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ودول أخرى بيانًا مشتركًا قالت فيه إنها "تشعر بقلق عميق على النساء والفتيات الأفغانيات" وحثت النظام الجديد على ضمان سلامتهن.
وقالت صاحبة صالون تجميل في كابول لوكالة إنها تتوقع إجبارها على إغلاق محلها إذا عادت طالبان إلى السلطة.
اضافةتعليق
التعليقات