انتشرت الأخبار وتشعبت الآراء حول الوباء الجديد الذي تشهده عدة دول في كوكبنا الصغير. كورونا وما أدراك ما كورونا؟!
ها هو على وشك أن يطرق بابنا وقد فعل، بعد أن دخل بلا استئذان إلى بيوت جيراننا.. فهل سنفتح له الأبواب مشرعة ونقول له: ياضيفنا لو زرتنا لوجدتنا.. وربما سنقول له: حللت أهلا ونزلت سهلا في ديارنا؟!
غريب أمرنا نحن البشر لا نتعظ إلا بالإبتلاء.. ولا نُمحّص إلا إذا نزلت بنا الأدواء.. فهل نسينا صنع الله فيمن سبقنا من الأمم؟ وهل تناهى إلى أسماعنا قصص سكان الأرض وعمّارها.. وقد ابتلاهم الله بصنوف العذاب، وأجرى سننه الثابتة فيهم لتأديبهم تارة وتمحيصهم وارجاعهم إليه تارة أخرى؟
نحن اليوم أحبتي أمام اختبار جديد وامتحان عسير، وليس من باب التهويل أقول: إن ما ينزل بنا ما هو إلا نتاج أيادينا، وابتعادنا عن الفطرة السليمة، وتهاوننا في أكل الخبائث وترك الطيبات، بل هو نتيجة حتمية لعمى القلوب التي في الصدور.
فمتى تعود البشرية عن غيّها وعن تماديها في الطغيان؟ ومتى تستفيق من حالة السكر والعربدة والتوغل في الخبيث بالقول والفعل؟
إننا نشهد رغم التطور الحديث في كل ميادين الحياة انتكاسة اخلاقية على كافة الأصعدة، وانقلابا في المفاهيم والمثل والقيم الانسانية، ناهيك عن ظلم البشر لبني البشر.. وتغوّلهم وشيطنتهم وتنمّرهم تجاه بني جلدتهم.. أليست هذه خطايا كبرى تقسو بالقلب فتجعله صخرا جلمدا؟.
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ).
فابتلاءات الله قد تكون في ظاهرها نقمة ولكن في باطنها رحمة.. من هنا لابد من فهم عميق لفلسفة الابتلاء، فالرب الذي خلق الكون والحياة ما انزل داء إلا وله دواء.. فليس هناك ارحم من رب العالمين؛ والعقل البشري بدوره وبما أعطي من قابلية للنمو والنضج والتكامل قادر بالتأكيد على اكتشاف الحلول والخروج من عنق الزجاجة.
إلا أن أنجح الحلول على الاطلاق هو الرجوع للفطرة السليمة، والتمسك بتعاليم السماء..
ولقد روي عن الامام الصادق عليه السلام إنه قال: من نظر إلى ذي عاهة أو مَن قد مُثَّل به أو صاحب بلاء، فليقل سراً في نفسه من غير أن يسمعه: "الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاك به، ولو شاء لفعل بي ذلك "يقولها ثلاث مرات، فإنه لا يصيبه ذلك البلاء أبداً..
وليس بالضرورة أن نرى المُبتلى رأي العين، فوسائل التواصل الاجتماعي تتكفل بالأمر، فالعالم يبدو كقرية صغيرة بفضل هذه الشبكة العنكبوتية.
أما العراق فهو بلد العجائب كما يقولون، فإنه يغرد دائما خارج السرب، فالطرفة التي يتداولها أبناؤه هذه الأيام تحول هذه القضية إلى كوميديا ساخرة لاذعة فتقول الطرفة: كورونا من إيران والجراد من السعودية والثلوج من تركيا والصواريخ من أمريكا!.
وأخيرا قرّبوا آذانكم واسمعوا هذه الهمسة الطريفة: تيّقنوا جيدا يا أحبتي بأنّ كورونا منتشرة بشكل مؤكد في ايران والسعودية والامارات ولبنان والأردن، بينما العراق إما رب العالمين حاميه وإما وزارة الصحة (مغلّسة) وسلامتكم.!
اضافةتعليق
التعليقات