يتجول ليل نهار، يجوب الطرقات التي تكتظ بالبائسين الذين لا يُعرف ما خطبهم ولا سبيل لديهم للافصاح عن بؤسهم..!
يتوسل الباحثين عنه ان يلاقوه.. يتسول احساسهم بوجوده يعدوا خلفهم دون جدوى!
إنهم كثيرين يقضون نهارهم خاملين وفي الليل يسهرون، يؤرقهم التفكير ولكنهم شحيحاً ما يبصرون..!
يَشفِق عليهم من حُزنهم الدخيل وسُباتهم الطويل، يتمنى لو يشعرون غير متأخرين فما بالهم قد تنطوي السنون وهم ضائعين..!
رأى احدهم تائهاً يتخبط، لم يأخذ الامور الى أقاصيها بعد، يجمع معاناته يضربها تارة
ويقسمها تارة ومن ثم يطرحها ثائراً متعباً، حتى اوشك على الأقتراب منه!
يا للسعادة..
خاطبه متلهفاً: أنت يا أحدهم أتبحث عن السعادة؟
إنتظر ارجوك..
اقترب مني.. هيا اقترب أكثر..
هل تملك كل شيء؟
عائلة، صحة، منزل، شريك حياتك، وظيفة، سيارة، اصدقاء، رصيد مصرفي، فرص عمل وسفر، وكل ما تريد..
ولكنك غير سعيد؟!
أم تملك بعضها او لا تملك منها سوى القليل لذلك أنت غير سعيد؟! أتشكوا مرضاً ما، يُقلق راحتك؟ أم إن منزلك الذي تسكن فيه لا يُعجبك؟! أتراها وظيفتك، هل انت غير راضٍ عنها وتستحق افضل من ذلك؟!
اوَ هَل شريك حياتك وايضاً عائلتك لا يفهمونك واصدقائك كذلك؟
اولا تجد منهم اهتماماً يكفيك؟!
أم إنك تتوق للحصول على فرصة عمل ممتازة، تقبل فيها على وجه الدنيا لتصبح شخصاً مهماً، يحمل حقيبة سفر صغيرة ويجول فيها حول العالم من حين لآخر!..
أو لربما خُذلت كثيراً أو تجرعت كأساً مراً من قهر الغدر والخيانة!؟
اوووه ارجوك.. هناك اسوء من ذلك، هل أنت حزين لفقد شخص عزيز على قلبك؟؟
إن كنت تشكو من مرض شائع، فإنك تعرف علاجه وتستطيع تطبيبه او القضاء عليه، إنظر لمن ابتُليّ بنقص من العافية بشكل مريع، مرض خبيث او غيره من الامراض المؤلمة التي يكون علاجها أشد منها عذاباً على أصحابها!..
وإن كنت غير راضٍ عن منزلك الذي ليس على قدر المقام، ودخلك القليل من الوظيفة، التي لا تستطيع ان تدخر منه شيئاً على الاقل للسفر الى مكان ما، فإنظر لمن يتمناها ولا يجدها! ولعل لك فيها خيراً يكفيك عن شر ما في غيرها!..
فهناك من يتمنى عملاً بسيطاً يؤمن له لقمة العيش في احضان اهله، بعيداً عن شقاء السفر
ومعاناة الغربة..!
وإن كنت تحتاج لرعاية وإهتمام يرضيان كبريائك، فإعلم إنك مخطئ بإنتظارك ما تود ممن تحسبهم قريبين لنفسك!
لا تبحث او تنتظر في كل مرة احداً يواسيك عند فشلك وحزنك، ولا تبني آمالك دوماً على شخص ما او عدة أشخاص، وتود مشاركتهم كُل نجاحاتك وفرحك، فالأولى ستجعلك غالباً مملاً ومجتنباً، والثانية ستكثر من حاسديك ومتربصيك أحياناً!
إنظر لنفسك فهي التي تنتظرك واجدر بك من غيرها فكلهم منشغلون بغيرهم عنهم!
إمنحها ذلك الوقت الذي تبدده واهماً بحصولك على شريك أبدي، فلن تجد اوفى من سواك رفيقا لنفسك واعلم ان الله وحده نصيرك السرمدي..
إستشعر حب الله لك ورأفته بحالك فلا احد سواه يحبك كما انت ويبقى معك مهما اخطأت فالجميع سيغفرون لك مهما طال سخطهم والله وحده من سيعفو عنك، ويبعث لك شعاع الرحمة والامل وإن كنت في غياهب الظلمات..!
وإما إنك تعاني من جرح الغدر أو الخيانة أنصحك بخياطته وتطبيبه حتى يشفى، إحترم قلبك الدؤوب المثابر لأبقاءك على قيد الحياة، لا تهلكه بالندم الواهم والوجع المفتعل فيضعف! إبصر الحقيقة لا شيء يستحق حزنك اتعلم لماذا؟!
لأنك الرابح الذي لا يعلم مدى ربحه المحجوب بفعل الكبرياء والغضب، لأن الخاسرين في الحقيقة، هم الخونة الذين فرطوا بحبك وإخلاصك لهم، ليصبحوا هم الضحية جراء خيانتهم ونذالتهم معك!
إشكر الله الذي خلصك من سلطانهم الغادر، والمواقف التي كشفت لك مبكراً عن حقيقة شخص او اشخاص يتصنعون الوفاء ويكنون لك محبة مزيفة قد تطول ويطول فيها غبنك وإستغلالك..!
كن ممتناً لحصولك على وقت وفرص جديدة في الحياة قد تلتقي من خلالها من تبحث عنه ويبحث عنك وتستحقه ويستحقك..
أما إن كانت شكواك لفراق عزيز قلبك، الذي كنت ترى الحياة في عينيه وتنعم بالسعادة
والأمان بوجوده، وقد استعجل الرحيل وتركك ضائعاً حزيناً ترثيك الايام، فإعلم بأنك سترحل
بعده لا محالة وستلقاه عاجلاً ام آجلاْ عند رب كريم يتدبر حاله وحالك في الدنيا والآخرة..
هنا خرجت من صدر ذاك المهموم تنهيدة طويلة، وأخذ نفساً عميقاً، ثم إبتسم ونظر الى السماء بعيونٍ لامعة وكأنه فهم أخيراً إن القناعة مفتاح من مفاتيح السعادة، وعليه ان يرضى بما قُسم له من يسير، على غيره لربما عسير..
فأنصَت لكلماتٍ أخيرة كان يستمع اليها في ذاته..
إسمعني جيداً: ان كنت تمتلك جُل ما تريد ولكنك غير سعيد، فإعلم بأنك قد تفعل شيئاً أو اقدمت على فعل شيء لا يرضي الله، راجع نفسك وتفحص عملك لتقر بذنبك وتنتهي عنه،
اصلح ما افسدته وعليك أن تستغفر ربك و تتوب إليه، وبذلك ستُسعد حتماً، فإن رضى الله
سبق كل شيء جميل..
وإن كنت لا تملك كل ما تريد أو ابسط واشد ما تريد، ما عليك سوى بذل جهدك للحصول عليه والتوجه للرب بالدعاء والتوسل، فهو خير لك من العباد والبلاد..
اعزم على السعي جاهداً بكل ما فيك من إيمان وقوة، وإطلب من بارئك التوفيق فإن كان لك خيراً في ما اردت سيكرمك بنيله وهو الرزاق العليم..
وإلى هنا، سررت بمعرفتك إياي ليت الجميع يتفكرون ويتوقفون للتحدث إليّ..
من الآن والى نهاية المطاف، أهلاً بك في هذا العالم من جديد وانت سعيد على كل حال..
أُحييك أنا "إدراك" مانح السعادة.
اضافةتعليق
التعليقات