أمست نون النسوة تحتل الصدارة في مجال التعليم في أغلب الدول العربية ويرجح الباحثون بأن الأمر يرتبط بطبيعة المرأة إذ تكون أكثر رغبة من الرجل في مجال التعليم من حيث التركيز والمتابعة الدؤوبة مما يساعد على نموها الفكري والأدبي والثقافي لاكتساب ثراء واسع بالعلم يزيد من تفوقها في دراستها في كل المراحل التعليمية.
نتائج مباراة التعليم للإناث تثير جدل الشارع المغربي
وقد أثار مؤخرا الإعلان عن أسماء المتفوقين في مباريات توظيف أساتذة، جدلا في المغرب، بسبب اكتساح الإناث للنتائج بنسبة كبيرة تفوق 83 في المئة مقابل 17 في المئة للذكور.
وحصلت المترشحات من النساء على 14 ألف منصب مقابل 3000 منصب للمترشحين الذكور، وهو ما أعاد النقاش حول أسباب التفوق الدراسي للإناث.
وفي الوقت الذي شكك فيه البعض في مصداقية هذه النتائج، فإن عددا من المختصين في الشأن التربوي في المغرب، اعتبروا الأمر استمرارا لتفوق "نون النسوة" في المجال الدراسي، فيما استغرب الكثيرون تحقيق الإناث لهذه النتائج، في ظل الصعوبات التي تواجهها الفتيات خلال مشوارهن الدراسي، خاصة في المناطق النائية.
مباراة التعليم
التفوق الذي سجلته الإناث في مباراة التعليم لا يعد حالة معزولة، فنسبة الفتيات اللائي يتمكن من الولوج إلى المدارس العليا والكليات "غير مفتوحة الاستقطاب"، كانت تفوق دائما نسبة الذكور.
هذا التفوق يؤكده الباحث في علم الاجتماع، علي الشعباني، قائلا "خلال الخمس سنوات الأخيرة، تكاد نسبة الفتيات أن تصل إلى 95 في المئة في الأفواج التي أشرفت على تدريسها في إحدى المعاهد العليا".
ويعتبر الباحث، أن هذا الأمر مثير للانتباه، ويرجعه إلى عوامل عدة، من بينها تمكين الفتاة في الوقت الراهن من إمكانية التعلم، وهو ما يحاولن استغلاله بجدية كبيرة تساهم في تحقيقهن لهذا التفوق، بعد أن كان التعليم وإلى وقت قريب حكرا على الذكور".
وانطلاقا من تجربته، يقول الأستاذ الجامعي، إن "الفتيات داخل الفصل هن أكثر تركيزا وجدية مقارنة مع الذكور، وهو ما ينتج عنه تفوق طبيعي لدى الإناث على غرار ما حدق في المباراة الخاصة بالتعليم".
ويقول الشعباني إن نجاح العنصر النسوي في الدراسة بات ينعكس كذلك على حضورهن في سوق العمل وعلى مستوى جميع المجالات.
ويتوقع أنه "إذا ما استمر إقبال الفتيات على الدراسة بهذه الوثيرة، فإن المعاهد والمدارس المغربية قد "تؤنث" بشكل كامل، في غضون السنوات العشر المقبلة".
تشكيك في النتائج
وفي تعليقه على اكتساح الإناث لنتائج مباريات الأساتذة، قال منسق احتجاجات الأساتذة حاملي الشهادات، عبد الوهاب السحيمي: "الفتيات معروفات بتفوقهن في جميع المستويات الدراسية في المغرب، إلا أن النسبة التي سجلنها في امتحانات التعليم، هي نسبة تطرح العديد من علامات الاستفهام".
ويبرر أستاذ التعليم الابتدائي شكوكه هذه بالقول، "بعض الأساتذة يشتكون من الإقصاء بسبب انتماءاتهم السياسية ومشاركاتهم المكثفة في الاحتجاجات وتنظيم الندوات، وهو ما يستعصي على بعض النساء وإن كن من المناضلات الانخراط فيه بشكل كلي لأسباب مختلفة، مما دفع الوزارة الوصية إلى الاعتقاد بأن "التأنيث" سيضعف العمل النضالي للأساتذة المتعاقدين".
نتائج مستحقة
تخالف الناشطة السياسية، وأستاذة اللغة الإنجليزية، فدوى رجواني، رأي عبد الوهاب السحيمي، وتقول "من يعتبر أن النتائج المشرفة التي حققتها النساء هي تصفية حسابات ضد الذكور، فهو غير مطلع على ما تحققه الفتيات في مختلف مراحل مسارهن الدراسي".
وتتابع المتحدثة: إن "طيلة اشتغالي في التدريس وعلى مدى 16 عاما، كان التفوق دائما أنثويا، كما كانت الفتيات أكثر انضباطا داخل القسم واهتماما بالدراسة مقارنة مع الفتيان، ويرجع ذلك في نظري إلى تمتع الفتى بهامش حرية أكبر يدفعه إلى الاهتمام بأشياء أخرى تشتت انتباهه".
وترفض رجواني ربط النضال بالعنصر الذكوري، وتقول "التاريخ يشهد للنساء المغربيات بنضالهن الطويل في مختلف المجالات".
تطور التعليم
تقدمت النساء تقدما كبيرا في مجال التعليم والمدارس على مدى العقود القليلة الماضية وكانت نسبة النساء في التعليم الجامعي أقل من الرجال واليوم الوضع اختلف تماما فإن مؤشرات التعليم تبين أن النساء ينتجون أفضل وذلك للتقدم الحضاري والتكنلوجي كما أوضحت دراسات لمختصين أن الفتيات دائما أكثر تفوقاً في مجال التعليم بكل المراحل لهذا اكتسحت نون النسوة مجال التعليم وفاقت الرجال بالعدد وهذا لا ينطبق على المرأة المغربية فقط بل على مستوى الوطن العربي والأجنبي.
تراثنا العربي
وحول أحقية النساء في التعليم يكشف لنا التاريخ عن نساء العرب وما كان لهن الريادة والفضل في نشر التعليم وبناء المدارس والجامعات، منذ قرون بعيدة.
فأول جامعة في العالم كانت مؤسستها امرأة مسلمة، وهي أعرق وأكبر جامعات العرب كما كان للنساء دور عظيم في بناء المدارس والجامعات منها في مصر والشام واليمن والعراق, ورعاية العلم والعلماء عبر التاريخ العربي الإسلامي.
ووصل جهد المرأة المسلمة إلى إنشاء منظومة تعليمية فريدة في غرب إفريقيا في منتصف القرن التاسع عشر، ومن قبلها، كان لسلطانة دلهي بالهند أيادي بيضاء في تأسيس المدارس ورعاية العلماء.
ولم يقف دور المرأة العربية على تأسيس المدارس والجامعات، بل كان منهن العالمات والفقيهات والمحدّثات، وتذخر كتب التراث بنساء عظيمات عالمات في الفقه والحديث أيضا.
جامعة القرويين
وتعد جامعة القرويين أول جامعة في العالم العربي الاسلامي والتي أنشئت عام 859 م في مدينة فاس المغربية، والتي تعد أقدم جامعة في العالم، وفقاً لما أوردته موسوعة جينيس للأرقام القياسية، وتخرّج منها الكثر من رموز الفلسفة والدين والأدب العربي، وشخصيات غربية بارزة، تأسست على يد امرأة عربية وهي فاطمة بنت محمد بن عبدالله الفهرية القيروانية.
نساء بين النهرين
هذا وقد عاشت المرأة العراقية في بلاد ما بين النهرين مراحل مختلفة في معترك الحياة فكانت لها مكانة مرموقة لم تصل لها نظيراتها إلا بعد عناء طويل، لكنها عانت أيضا من الظلم والتهميش سنين طويلة، واستطاعت أن ترتقي بواقعها على مر العصور نحو التقدم فخاضت أشواطا مختلفة ولعبت دورا مركزيا وأثرت في الحضارات المختلفة على مر الأزمان.
حيث لعبت المرأة العراقية أدوار مهمة على جميع الأصعدة الحياتية وشاركت في بناء المجتمع العراقي حيث بدأت مشوارها في الحياة السياسية في مطلع أربعينات القرن العشرين.
كما دخلت عالم الصحافة مريم نرمة إلى هذا العمل حيث تعد أول صحفية عراقية، أما بولينا حسون هي أول من أصدرت مجلة للمرأة وهي مجلة ليلى في عام 1923م، وفي الطب دخلت النساء العراقيات بمختلف دياناتهن فكانت الدكتورة آناستيان وهي من القومية الأرمنية أول طبيبة عراقية عينتها وزارة الصحة حيث كانت أول من دخلت كلية الطب في بغداد من الفتيات وتخرجت منها سنة 1939 ميلادية وبعدها توالت الفتيات من الطائفة المسلمة والصابئة وغيرها.
وتواصلت بعد ذلك التحاق الكثير من الفتيات بالعديد من الجامعات المختلفة الهندسة والفنون والطب والأدب والصحافة لتخرج أجيال لهن اسم أخاذ في المجتمع ويشكلن نقطة فارقة في سماء العلم والتعليم, وفي نهاية المطاف وفقا للمعلومات أعلاه يبدو أن هناك تحديات هائلة لتفوق نون النسوة في المجال التربوي وهذا ما تحث عليه الثقافة المجتمعية والدين الاسلامي فالعلم نور والجهل ظلام.
اضافةتعليق
التعليقات